يا قدس.. العاطفة وحدها لا تكفي!

  • 12/16/2017
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

إني أحدثكم من الماضي، فهذه رسالة أبعث بها إلى المستقبل حيث الجيل القادم الذي لم يعش زمن الانتكاسات والانكسارات، فهو يصلي في الأقصى الشريف آمنا مطمئنا، والقدس هي عاصمة فلسطين. لقد بدأ سقوط القدس منذ نوفمبر 1917م (وعد بلفور) لأن العالم كله عرف أننا فقدنا قوتنا وهيبتنا، ولم يعد العالم يقيم لنا وزنا ولا عدلا. نحن ببساطة صرنا على هامش التاريخ منذ مائة عام حتى سنة 2017م، حيث أُعلن أن القدس عاصمة لما يسمى بالكيان الصهيوني. فواعجبا عاصمة لمن هم قلة ولا يملكون حتى دستورا يوحدهم! المسألة كانت واضحة ولم تحتج إلى كثير من التحليلات والكلام والعويل، ولكننا خالفنا سنن وقوانين الحياة التي عمل بها من كان مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى وثنيا، فانتصر. لقد ظللنا ولمدة عقود في دوامة المفاوضات والتنازلات، وكان شعارنا: أوسعتهم سبا وساروا بالإبل! أما إذا كنتم أيها الجيل القادم تتساءلون عن الأسباب. فأولها إن البعض منا للأسف لم يهمه في هذه المرحلة من التاريخ حتى معرفة الأسباب (اللامبالاة)!. ولا حتى النظر في التاريخ للتعلم (مثل: فترة سقوط القدس وجزء من الشام في القرن الخامس الهجري) حيث التاريخ يكرر نفسه بأشكال وصور مختلفة ولكن المعاني والأفكار متشابهة. نحن أيضا خالفنا أهم قانون في الحياة وهو مفهوم الوحدة الذي عمل به كثير من الأمم عبر التاريخ حتى الذين لم يكونوا أهل علم وثقافة، ولم يصنعوا حضارة ولم تكن لهم رسالة سماوية. وللأسف الشديد لم نهتم كثيرا لوحدتنا ولا الاجتماع على هدف حقيقي وقاسم مشترك يتفق عليه الجميع ولا حتى بشكل مؤقت عصري براغماتي!. وفي المقابل اليهود اجتمعوا وهم بأسهم بينهم شديد وقلوبهم متفرقة، ولكن كان لهم هدف ومصلحة مشتركة. يضاف إلى ذلك انهكتنا كثرة الانقسامات والمشاكل الداخلية، وكل له أجندته الخاصة التي يسعى إلى تحقيقها، عملا بمقولة: نفسي ومن بعدي الطوفان. بصراحة أكثر لم يكن في عصرنا جيل ينظر إلى الأمة كجسد وأن الاجتماع خير من الانفراد حتى ولو كان على حساب جزء من أحلام وطموح بعضنا البعض. ولعلي أخبركم أن القدس وفلسطين لم تؤخذ بالقوة فقط، بل سبقها سنوات طويلة من التخطيط والعمل والبذل والجهد (سنن وقوانين هذه الحياة!) من قِبل جيلين من اليهود المحتلين، فقد ظلوا يخططون ويعملون سرا وعلانية منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. والحقيقة المُرة أن جيلنا لم يكن جاهزا بعد (ليس تشاؤما ولكنه الواقع) لأنه كان يحتاج إلى صناعة النفوس والاستعداد وليس إلى ردود أقوال، والعاطفة وحدها لا تكفي!. وعلى ذكر العاطفة، فقصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس تجسد لكم ما يحدث لنا اليوم حيث قال فيها: وللحوادث سُلوان يسهلها وما لما حل بالإسلام سُلوانُ. وكل ما ذكرته في المقال هو الجانب التنظيري الذي كنا نتقنه جميعا!، ولكن الجيل الذي سوف يطبقه (وهو أنتم) هو الذي سيعيد القدس إلى أحضان العرب والمسلمين بالأفعال لا بالأقوال. وختاما أيها الجيل القادم عندما تقرؤون رسالتي لن أكون موجودا وربما معظم جيلنا، ولكن بعد كل ما حدث لنا، كنا نُمني النفس وموقنين بقوله سبحانه وتعالى: «حتى إِذا استيأس الرُسُلُ وظنُوا أنهُم قد كُذِبُوا جاءهُم نصرُنا».

مشاركة :