التهاب المعدة والأمعاء.. عدو الأطفال

  • 12/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ينتشر مرض التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي بين فئات كثيرة في كل دول العالم، فهو من الأمراض التي يمكن أن تصل إلى درجة من الوباء، فتجد أسرة بكاملها مصابة بهذا المرض بين الأشقاء الصغار والأكبر والأم والأب والجدة والجد، وهذا النوع من المرض له مسببات فيروسية وبكتيرية وطفيلية، ويمكن أن يكون هناك عوامل أخرى، وهو يشيع بين الأطفال، وخاصة في فصل الشتاء.طبقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية فإن مرض التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي يعد من أكثر أسباب الوفاة شيوعاً بين الأطفال الرضع، والأقل من عمر 5 سنوات في البلاد منخفضة الدخل والنامية؛ حيث يتسبب في وفاة 500 ألف طفل على مدار العام، إضافة إلى دخول أكثر من 2.5 مليون شخص إلى المستشفيات للعلاج من هذا المرض، وفي الغالب تكون الوفيات والمصابون من دول العالم الثالث، وعادة ما يكون العامل الرئيسي وراء إصابة هؤلاء الأطفال فيروس روتا، الذي من المفترض أن تحدث عملية الشفاء منه في غضون 4 إلى 9 أيام؛ لكن في الدول المتخلفة والفقيرة يحدث تفاقم لهذا المرض؛ نتيجة إصابة الطفل بحالة من الجفاف الناتجة عن أعراض الإسهال والتقيؤ المستمر، ونتيجة لعدم السرعة في إنقاذ حالة الطفل تحدث مضاعفات تقود إلى الوفاة، ويكون الأمر أكثر خطورة في حالة الأطفال الرضع، وفي هذا الموضوع سوف نتناول أسباب الإصابة بهذا الالتهاب الحاد، مع كشف الأعراض التي تحدث وكذلك نوضح طرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتاحة. القنوات الهضمية يعد التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي حالة مرضية تتميز بالتهاب القناة الهضمية، التي تتمثل في المعدة والأمعاء الدقيقة، وتؤدي إلى عدد من الأعراض المرهقة للكبار والصغار، كما يطلق بعضهم عليها اسم إنفلونزا المعدة أو الإنفلونزا المعدية، رغم أنه لا توجد علاقة بينه وبين الإنفلونزا العادية، وهذا المرض يحدث نتيجة عدوى تهاجم الأغشية المخاطية الموجودة بالمعدة والأمعاء، ويرجع السبب الرئيسي لدى معظم الأشخاص الذين يصابون بهذا المرض إلى حدوث عدوى فيروسية؛ لكن هناك أيضاً حالات تسببها العدوى البكتيرية والطفيليات، ويصنف هذا المرض على أنه حالة شديدة العدوى؛ لأنه يمكن أن يسبب نوعاً من الوباء، وأحياناً يحدث ذلك في بعض البلدان بين شهري ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط، وغالباً ما يهاجم الأطفال بكثرة في هذه الأوقات، ويعد فيروس «الروتا» السبب الرئيسي والأكثر شيوعاً لهذا الالتهاب الحاد بين الأطفال في البلاد ذات الدخل المنخفض، ويهاجم الكبار أحياناً، فغالباً ما تصاب الأم التي ترعى طفلاً مصاباً بهذا الفيروس؛ حيث يسبب حالة من الإسهال الشديد، والتقيؤ المستمر، ويصبح علاج هذه المشكلة في البلاد الفقيرة أمراً صعباً، ويستمر الإسهال لأوقات طويلة، ما يعرض الأطفال للجفاف، وهو من المضاعفات الشائعة لهذا المرض، كما تظهر مشكلة تورم الجلد نتيجة الجفاف الحاد، ويتعرض الطفل لصعوبة التنفس أو يلجأ إلى التنفس غير الطبيعي، وتكرار الإصابة بهذا المرض يعني أن هذه المنطقة بها اختلاط واضح بين الصرف الصحي ومياه الشرب، وغالباً ما تعاني هذه المناطق حالة عامة نتيجة سوء التغذية، ما ينتج عنه وجود أطفال يتعرضون لمشكلة بطء النمو البدني والعقلي، ويصبح التأخر الإدراكي والمعرفي من السمات الملحوظة لدى هؤلاء الأطفال. فيروسات وبكتيريا تعود الأسباب الرئيسية لحدوث التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي إلى الفيروسات كما ذكرنا وخاصة فيروس «روتا»، إضافة إلى أنواع من البكتيريا العطيفة والإشريكية القولونية، وكذلك بعض الطفيليات والمسببات المعدية الأخرى، وعوامل غير معدية يمكن أن تسبب حدوث هذه الحالة المرضية؛ لكنها أقل من الفيروسات والبكتيريا، ويسبب فيروسات متعددة هذه المشكلة المرضية، منها: فيروس نوروفيروس، والفيروسات النجمية والغذائية، ومن المعروف أن فيروس «روتا» الأكثر شيوعاً وانتشاراً لدى فئة الأطفال، في كل من الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، كما تعد هذه الفيروسات سبباً رئيسياً للإسهال بنسبة 73% لدى الأطفال، و«روتا» أقل انتشاراً لدى البالغين؛ نتيجة المناعة التي اكتسبوها منه في الصغر؛ لكن يعد «نوروفيروس» وجرثومة «العطيفة» المسبب الرئيسي لمرض التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي للكبار والشباب والبالغين؛ حيث تصل نسبة هذا المرض بين الكبار إلى حوالي 92% من إجمالي المصابين بالالتهاب الحاد نتيجة العدوى بـ«نوروفيروس»، ويسبب هذا الفيروس أيضاً حوالي 12% من حالات إصابة الأطفال بهذا المرض، ويمكن أن يحدث وباء بهذا المرض على مستوى محلي؛ نتيجة التقارب المستمر مع المصابين سواء في المؤسسات التعليمية أو وسائل المواصلات العامة، أو دور السينما والتجمعات مثل المولات الكبرى والمستشفيات والمطاعم ودور رعاية المسنين وحضانات الأطفال؛ لأن الشخص المصاب يظل ناقلاً للعدوى حتى بعد توقف الإسهال وزوال الأعراض بحوالي 4 أيام. الطعام والماء الملوث يصاب بعض الأشخاص بمرض التهاب المعدة الأمعاء الحاد المعدي أيضاً بسبب جراثيم أخرى، أومن خلال إفراز سمومها في الجهاز الهضمي، وكذلك نتيجة الإصابة ببعض الطفيليات، ومن هذه الجراثيم المكورات العنقودية أو ستافيلوكوكس والسالمونيلا، والإشريكية القولونية وفيبريو كوليرا أو بعض الجراثيم الأخرى، ويمكن أن تحدث العدوى نتيجة تناول الطعام الملوث بهذه المسببات أو الطعام الذي تم إعداده بأساليب غير صحية ومن حالات تسمم الغذاء، وأيضاً بسبب شرب المياه الملوثة والمختلطة بالصرف الصحي، ومن خلال إعادة تسخين اللحوم عدة مرات، ويلاحظ أن هذا المرض يرتبط بالسفر والعيش في الأماكن التي تفتقر إلى البنية التحتية الصحية التي ينتشر بها هذا المرض، والمناطق التي لا تتبع الإرشادات الصحية وطرق الوقاية، ويلاحظ أن هذا المرض ينتشر بين الأشخاص الذين يفضلون السباحة في الأنهار الملوثة، ويكون خطر إصابة الأطفال أكبر بكثير من البالغين؛ نتيجة ضعف القدرات المناعية لديهم مع نقص قدرات الحماية والنظافة الشخصية لديهم، ويمكن أن يسبب هذا المرض بعض المضاعفات كنوع من التهاب المفاصل بنسبة 2% بعد الإصابة بأنواع الجراثيم العطفية، كما يصاب بعض الأشخاص بمشكلة انحلال الدم اليوريمي، الناتجة عن جراثيم الشيجيلا والإشريكية القولونية؛ حيث يحدث انخفاض في عدد خلايا الدم الحمراء نتيجة تكسرها، ونقص كمية الصفيحات الدموية وأيضاً حدوث قصور كلوي، ويصبح الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة انحلال الدم اليوريمي. الإسهال والمحاليل تظهر مجموعة من الأعراض على الأشخاص المصابين بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي، لكن الأعراض الأكثر شيوعاً هي التقيؤ الشديد، ونوبات الإسهال المتكررة، التي تصل إلى 4 مرات أو أكثر في خلال 12 ساعة، ويشعر المصاب أيضاً بفقدان جزء كبير من الشهية، وترتفع درجة حرارة الجسم، ويصاب بحالة من الغثيان والصداع، وانتفاخات شديدة في البطن التي يصاحبها تقلصات وألم في البطن، ويمكن أن يظهر الدم في الفضلات الناتجة عن الإصابة بالسالمونيلا أو كامبيلوباكتر أو بالأميبا أو الشيجلا وكذلك ايشيريشيا كولاي، ويشعر الشخص بالحموضة، ويمكن أن يصل الضعف إلى حالة الإغماء، ويظهر الطفل المصاب في صورة الكسلان والمتبلد، ويصاب بالحمى البسيطة، وتظهر عليه أعراض الجفاف، وشحوب لون البشرة، واضطراب ضربات القلب، والعيون الغائرة المصحوبة بدوائر سوداء حول العين ومشكلة العيون الزجاجية، ويمكن الوقاية من هذا المرض من خلال طرق بسيطة، منها غسل اليدين بالماء والصابون باستمرار بعد كل عمل، وخاصة بعد الانتهاء من دخول الحمامات، وغسل الفواكه والخضراوات جيداً قبل الأكل، وتحري مصادر المياه الجيدة، والابتعاد عن الشخص المصاب، وتجنب الأماكن سيئة التهوية، ويتضمن العلاج تناول كميات كافية من السوائل، وكذلك استخدام محاليل الإماهة الفموية، والحالات الشديدة تتطلب إعطاء المحاليل عن طريق الوريد. لقاحات جديدة توصلت دراسة أمريكية حديثة إلى نتائج جديدة مذهلة للوقاية من مرض التهاب المعدة والأمعاء الحاد المعدي، بعد إجراء تجربة على لقاحين جديدين ضد فيروس روتا أشهر الفيروسات المسببة لهذا المرض، وطلبت هذه الدراسة من المسؤولين بالمؤسسة الطبية الأمريكية، العمل على بدء استخدام والترويج لهذين اللقاحين، ضمن أولويات برنامج علاج هذه الحالة المرضية، وأثبتت الدراسة فعالية اللقاحات الجديدة دون إحداث أية أعراض جانبية أو ظهور مضاعفات لهما، وأجريت التجربة على 65 ألف طفل لمعرفة آثار هذه اللقاحات، وانتهت النتائج المعتمدة على هذه التجربة إلى أن هذين اللقاحين يوفران نسبة وقاية تصل إلى 97.5 للأطفال من الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد، واعتبرت الدراسة أن هذه النتائج تمثل نجاحاً كبيراً في أساليب الوقاية من هذا المرض الذي يهاجم ملايين الأطفال حول العالم، وتوضح الدراسة أنه غالباً ما يعاني أطفال البلاد الفقيرة سوء التغذية، ولا يستطيعون مقاومة هذا الفيروس مما يترتب عليه التعرض لأعراض وخيمة، وتضيف أن النتائج العالية لهذه التجربة تشجع على تعميم اللقاحين على مستوى العالم، فقط يجب متابعة الرضع للتأكد من عدم وجود أية أعراض بعد إعطائهم هذه اللقاحات الجديدة، وأحد هذه اللقاحات يوفر الحماية من 5 سلالات من الروتافيروس، والثاني يحمي من سلالات إضافية، ويتم تناولهما عن طريق الفم.

مشاركة :