ظلت «مولات التسوق» الأمريكية سنوات طويلة القلب النابض لتجارة التجزئة وجذبت إليها عملاء بالملايين.ولكن زحف التجارة الإلكترونية بقيادة شركة أمازون هوى بهذا القطاع في أزمة عميقة.فهل يكون عام 2018 سبباً للأمل؟ أصبحت هناك صورة معتادة بامتداد الطرق السريعة بعيداً عن المدن الأمريكية الكبرى، صفوف من المحلات المهجورة، جدران متداعية، خواء رتيب.بعد أن كانت مراكز التسوق تزدهر في هذه الأماكن أصبح الجو تسوده الأشباح.خلف زوال تجارة التجزئة الذي يوصف في أمريكا ب«قيامة التجزئة» أنقاضاً من العقارات ومدن أشباح في جميع أنحاء أمريكا.يحذر خبراء من أن ما حدث ليس إلا بداية هجرة الزبائن إلى الإنترنت.بينما كان الزبائن في السابق يستغلون التسوق في التنزه أصبحوا اليوم يطلبون مشترياتهم عبر الإنترنت خاصة عبر عملاق التسوق الإلكتروني أمازون الذي أصبح يعرض كل ما توفره بيوت التسوق والأسواق الحديثة بشكل متزايد.وبذلك فإن ازدهار أمازون يحدث بشكل أساسي على حساب تجار البضائع الذين يعملون في محلاتهم.مر هذا القطاع بعام مرعب رغم ازدهار الاقتصاد الأمريكي حيث خفضت أيقونات تسوق أمريكية مثل سلسلة متاجر مايسز، أحد أيقونات التسوق الأمريكية، أعداد العاملين لديها وفروعها بشكل واسع.بدا الأمر أكثر كآبة في أماكن أخرى حيث تتردد شائعات قوية بشأن نية سلسلة أسواق سيرس العريقة للتجزئة إعلان إفلاسها.كما أعلنت سلاسل «Toys R Us» لألعاب الأطفال إفلاسها مؤخراً.وتقدمت أكثر من عشر سلاسل أمريكية مثل بيليس وجيمبوري وبيرفومانيا هذا العام بطلب لإشهار الإفلاس.واختفت شركات كبيرة أخرى مثل سلسلة راديو شاك للمنتجات الإلكترونية، وسبورتس أوثوريتي من الأسواق بالفعل.وربما كان كل ذلك مجرد بداية حيث تتوقع «كو ستار جروب» للخدمات الاستشارية على سبيل المثال أن يصبح أكثر من 10% من مساحات تجارة التجزئة في الولايات المتحدة فائضا عن الحاجة العام المقبل.ربما كانت مراكز التسوق الكبيرة الأكثر تضرراً من ذلك حيث يتوقع خبراء بنك كريدي سويس أن يختفي 20 إلى 25% من هذه المراكز في غضون خمس سنوات.وبشكل عام فإن الاختفاء المستمر للمتاجر ومحلات التجزئة التقليدية سيكون خطيراً على الاقتصاد الأمريكي وستكون له أيضاً عواقب وخيمة اجتماعيا، حيث تعتمد ربع الوظائف في الولايات المتحدة على هذا القطاع وفقاً لاتحاد (NRF) الذي يمثل العاملين في قطاع التجزئة في أمريكا.ما يزيد من بواعث القلق أنه تم تسريح أكثر من 70 ألف عامل في قطاع تجارة التجزئة الأمريكي منذ يناير الماضي وذلك وفقا لبيانات وزارة العمل.إلى أين تتجه الرحلة؟ هذا ما يظهره بوضوح مؤشر الاستهلاك السنوي فيما يتعلق بعيد الشكر الأمريكي حيث أنفق الزبائن الأمريكيون خلال يوم «الجمعة الأسود» و«اثنين الإنترنت» أموالا أكثر من أي عام مضى وذلك بفضل رقم قياسي جديد في التسوق الإلكتروني.(د ب أ)
مشاركة :