أسرار حياة «فارس بلا جواد» الحقيقي: كان على علاقة بشفيقة القبطية (ح4)

  • 12/18/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 2002 أُنتج مسلسل «فارس بلا جواد» للفنان محمد صبحي، وتزامن عرضه الأول مع شهر رمضان المبارك، عمل أثار جدلاً واسعًا مثل ما أحدثه بطل القصة، إلى حد وجود ضغوط دولية لمنع عرضه على الشاشات، ما أفضى في نهاية الأمر إلى حذف بعض الأحداث منه. كتب العمل الفنان محمد صبحي وجسد بنفسه شخصية البطل «حافظ نجيب»، والذي كتب مذكراته حتى عام 1909، وهي المرحلة التي تميزت بغزارة الأحداث المثيرة، بعدها توقف عن الكتابة حتى فارق الحياة عام 1946، كل ذلك أعدّه للنشر الباحث ممدوح الشيخ في كتاب «اعترافات حافظ نجيب».   بوصول «حافظ» إلى ميناء الإسكندرية توجه إلى طوخ، وهو مكان عمل والده الذي انتقل للخدمة فيه، هناك عاش معه إلى جانب زوجته «جميلة» هانم، والتي أنجبت 4 أبناء، لكنه حسب روايته كان منعزلاً عنهم، وهو ما استمر حتى قرأ في أحد الصحف نبأ عودة الأميرة «فيزنسكي» إلى القاهرة. حصل «حافظ» من زوجة والده على 20 قرشًا وتوجه إلى منزل «فيزنسكي» بالقاهرة، هناك قالت له عما تعرض له على الأراضي الفرنسية: «دع الماضي فلا فائدة من التحدث عنه، أردت لك رفعة سريعة فعاكستك الظروف، فمن التعقل أن نبدأ الشوط من جديد بعيدًا عن حياة الجندية، وفي ميادين الأعمال الحرة فرص كثيرة يفيد منها من يجيد انتهازها». عاش «حافظ» في منزل «فيزنسكي» التي عاونته ماديًا للمضاربة في البورصة، رغم عدم إلمامه بما يدور في ذلك المجال وفق روايته، حتى أصبح له مكتب خاص، إلى أن أجبرتها الظروف على الإقامة في الإسكندرية، لترحل عنه بعد أن منحته بيت ضخم في القاهرة للاستقرار فيه. استغل «حافظ» أرباحه من البورصة واشترى عربة وخيلاً وأفتتح إسطبلاً، وهو ما انعكس على هيئته الشخصية، بشرائه للملابس غالية الثمن، وهو ما جذب أنظار أصدقائه القدامى إله مجددًا، منهم حسن حلمي وآخر اسمه محمد ربيع، واللذان رافقاه في سهراته إلى كافيه «إجبسيان»، والتي فيها واظب على شرب البيرة، حتى دخل في علاقة مع إحدى الراقصات. في اليوم التالي توجه «حافظ» رفقة صديقيه إلى أحد البارات الفخمة بحي الأزبكية، ومن تقاليد المكان بأن يطلب الضيوف حضور إحدى الراقصات على الطاولة التي يجلسون عليها، وهنا وقع اختيار رفيقيه شفيقة القبطية، والتي تجاهلتهم لجلوسها مع خواجة. أكمل الأصدقاء سهرتهم حتى ساعة متأخرة، وما أن همّوا بالخروج أوقفهم الخواجة، مقدمًا اعتذاره لهم لعدم مجئ «شفيقة» إليهم، ورغم شهرتها كراقصة إلا أن «حافظ» لم يكن منجذبًا إليها، ويقول بحقها: «لم تكن جميلة ولا رشيقة، إنما كانت خليعة وراقصة مقتدرة فكونت لنفسها شهرة، والشهرة على الدوام من أسباب الإقبال على البضاعة المعلن عنها، ولهذا انصرف الأغنياء من المغفلين لناحية هذه الخليعة، وتنافسوا في التودد إليها وأسرفت هي في سلب أموالهم، فخربت بيوتهم وبددت ثروات». رغم ما قاله «حافظ» عن «شفيقة» إلا أن علاقة نشأت بينهما، فداوما على التنزه بعد انتهاء سهراتهما، وهو ما أثر بطبيعة الحال على عمله، الذي لا يهتم به سوى لساعات قليلة في اليوم، حتى سأم منها ورغب في التعرف على «وجه جديد» حسب روايته. استطاع «حافظ» في تلك الفترة شراء مدرسة «الفرير» وعمارة «كورونيل»  بعد تدارك خسائره المادية، لكن على الجانب الآخر سقط في شباك راقصة جديدة تُدعى «حميدة»، والتي رغبت فيه لما يجود به من أموال على شفيقة القبطية. خشيت «حميدة» من بطش «شفيقة» كونها سيطرت على «حافظ»، لتنقطع عن الرقص وتكتفي بالجلوس في المنزل، على أن يزورها الأخير في كل ليلة، إلى حد شعوره من الملل منها، وهي الأوقات التي قضاها في شرب الخمور وأكل الطعام فقط. واظب «حافظ» على التوجه إلى الإسكندرية مرة في الأسبوع لزيارة «فيزنسكي»، هناك قابل السيدة السورية ألكسندرا أفيرينو صاحبة مجلة «أنيس الجليس»، وما جذب انتباهه فيها هو جمالها الذي يثير غرائزه بمقاييسه الخاصة حسب قوله، دون الالتفات إلى مواهبها أو أدبها، ليسعى منذ اللحظة الأولى إلى تكوين علاقة معها. اتسمت علاقة «حافظ» بـ«أفيرينو» بهدوء طيلة 4 سنوات، خلالها بادلها الهدايا رغم علمه بزواجها، كما تعرف على حصولها على لقب برنسيس وفقًا لوصية أمير إيطالي، لكن ذلك كله لم يمنعها من التحول إلى عدوة له. في مارس 1905 أرسلت «أفيرينو» إلى «حافظ» عبر البريد صندوق يحتوي على 4 نياشين، ليتوجه بهم إلى الجواهرجي لتنظيفهم، على أن تستردهم منه بعد أسبوع واحد. أردف «حافظ»: «ذهبت بالصندوق إلى المنزل الذي أعددته لحميدة الراقصة لتناول طعام الغداء، ومعي حسن حلمي ومحمد ربيع، وفتحت حميدة الصندوق لمشاهدة ما فيه ثم أودعته خزانة ثيابها، وهي على الدوام غير موصدة بالمفتاح»، وتابع: «أكثرنا في ذلك النهار من شرب البيرة ثم نمنا جميعًا، لأنني أنا وزميليّ على موعد في فندق الكونتننتال مع فتيات فرنسيات». عاد «حافظ» إلى منزل «حميدة» في الساعات الأولى من اليوم التالي، وغط في نوم عميق حتى العصر، حينها قابله صديقه حسن حلمي وقبل نزولهما تذكرا صندوق النياشين. أرسلت «حميدة» الصندوق إلى «حافظ» من خلال شقيقتها، بسبب غضبها منه لقضاء سهرته خارج المنزل، وما أن فتحوه حتى فوجئا باختفاء أحدهم، والمسمى بنيشان «الشفقة»، ليعودا إلى المسكن ويبحثان عنه دون أن يجدوا له أي أثر. قطع «حافظ» علاقته بـ«حميدة» بعد تلك الواقعة، وكتب إلى «أفيرينو» يعتذر لها عن ضياع النيشان الرابع، لتطمئنه بأنها تستطيع الحصول على آخر مثله لأنه مثبت لها حمله، وهو ما كشفت عنه في خطاب لم يهتم بالاحتفاظ به، وهو ما سبب له متاعب فيما بعد. رافق «حافظ» البرنسيس «أفيرينو» في عدة رحلات حول العالم، وما أن عاد إلى المحروسة اكتشف وقوع خلاف بين صديقه الصحفي السوري الشاب جورج طنوس، وزميليه «حسن وربيع»، وما أن ساند الأخيرين على الأول حتى كانت الكارثة. نشر «طنوس» في مجلة «الأقلام» نبأ ضياع نيشان «الشفقة»، وكشف أن السبب هو منح «حافظ» النيشان للراقصة «حميدة» التي على علاقة بها، وهو ما دفع الأميرة «فيزنسكي» إلى استدعاء صديقيه «حسن وربيع» لتقصي الحقيقة، واعدةً إياهم بالمناصب، حتى شهدوا ضد زميلهم. يقول «حافظ»: «سببت هذه الاعترافات الكذابة في موضوع النيشان هياج الأميرة وغضبها، وقصت ما ظنته الحقيقة على السيدة أفيرينو وحرضتها على أن تبلغ النيابة لتتهمني بتبديد النيشان، فاستشاطت الأخرى غضبًا وقدمت البلاغ فأُلقي القبض عليّ في مصر ونُقلت إلى الإسكندرية، وعُرضت على رئيس النيابة محمد بك محفوظ، فأمر بحبسي احتياطيًا وأرسلني إلى سجن الحضرة».

مشاركة :