لم تكن الحادثة التي قبض فيها على طبيب وافد يختلي بممرضة في موقف للسيارات في المستشفى الحكومي، هي الوحيدة التي فجرت المخاوف من استغلال ضعاف النفوس لكثير من أقبية المراكز التجارية والمستشفيات في العمل السيئ وتحولها إلى أوكار للمخدرات والرذيلة، في ظل تجاهلها من قبل القائمين على تلك المجمعات التجارية. وقبل نحو العام، وتحديدا في ذي الحجة الماضي 1434 هـ، أوقف رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طبيبا يعمل بمستشفى حكومي، بعد ملاحظة مرافقته سيدة بالزي الطبي، وهما في وضع مخل، ليتم التأكد من الخلوة غير الشرعية، وأنهما استغلا عملهما في موقع واحد لإقامة العلاقة بينهما. وإذا كان الأمر ربما نادر الحدوث في بعض الأحيان، إلا أن كثيرا من المهتمين والمختصين لازالوا يرون أن تلك المواقف المنزوية والتي لا تتمتع بأي مقومات للسلامة الأمنية، ربما باتت مصدر إزعاج لكل الجهات، وأن سلبياتها تفوق إيجابياتها، خاصة أنها لا تسع في غالب الأحيان إلا لعدد محدود جدا من السيارات، الأمر الذي يدعو للتخوف من أن تكون تلك المواقف قنابل موقوتة. بداية الحسم وخيرا فعلت الجهات المختصة بالتأكيد على أهمية معالجة مثل هذه المواقف، بعدما أوصت لجنة مشكلة من وزارتي الداخلية والشؤون البلدية والقروية بتشجيع المستثمرين في المراكز والمجمعات التجارية على بناء مواقف مستقلة متعددة الأدوار بدلا من مواقف الأقبية. وأكدت اللجنة المكلفة بدراسة إمكانية الاستغناء عن مواقف السيارات في الأقبية، وإبعاد المراكز التجارية الواقعة في مناطق حيوية عن الشارع بمسافة لا تقل عن 30 مترا، أكدت على إلزام المراكز والمجمعات التجارية بتوفير الحراسات الأمنية المدنية داخل الأقبية المعدة مواقف للسيارات وفقا لنظام الحراسات الأمنية المدنية الخاصة، مع التفتيش والمراقبة والإبلاغ عن السيارات المتوفقة داخل الأقبية بعد انتهاء فترة العمل. وطالبت بدراسة الموضوع في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وزارة الشؤون البلدية والقروية بتحديث الاشتراطات الفنية لمواقف السيارات بالتنسيق مع وزارة الداخلية فيما يتصل بالأمن والسلامة والحركة المرورية. وفيما يبدو أن الخلل بهذه الدراسة في طريقه للانحسار، اعتبر الكثير من المختصين أنه يجب ألا يطول الانتظار لحسم الأمر نهائيا، لأن الشواهد تؤكد خطورة هذه المواقف بشكل كبير، بل ذهب البعض إلى أن توفير الحراسات الأمنية والكاميرات أيضا لا يكفي لإنهاء إفرازاتها. وثمن عدد من المختصين والمواطنين توجه الجهات المعنية بالحث على أن تكون مواقف السيارات في الأسواق الكبرى خارجها، مؤكدين أن بقاء المواقف داخل أقبية هذه الأسواق والمجمعات التجارية يساهم في استغلالها استغلالا سيئا من أصحاب النفوس الضعيفة أضافه لمخاطرها الواضحة لصعوبة الوصول إليها في حال حدوث أي مكروه لا سمح الله. وقال د. عبدالله تحسين العلام إن إنشاء مواقف السيارات خارج هذه الأسواق والمجمعات التجارية الكبرى في نظري أفضل عمليا واجدى في أمور السلامة بالإضافة إلى أن بقاء هذه المواقف في أقبية الأسواق له مخاطر أمنية وربما استغلت في أمور قد تؤثر على أفراد المجتمع مثل السرقات وغيرها خاصة إذا علمنا أن بعض هذه المواقف لا تتوفر لها حراسات أمنية. وأكد عبدالعزيز الجطيلي أن الأقبية غير مجدية فأغلبها مساحتها ضيقه إضافة إلى بعدها عن الأنظار ومعظمها تفتقد لوسائل السلامة والمراقبة الأمنية. بينما طالب شهاب بخاري معلم في تعليم المدينة بضرورة بالإسراع في تنفيذ هذه الدراسة، لأنها تصب في المصلحة العامة، فالمواقف الخارجية لهذه المراكز أفضل امنيا وأيضا تسمح بالوقوف فيها بكل مرونة وبساطة وتساعد مرتادي الأسواق والمراكز التجارية الكبرى للتسوق بشكل مريح خاصة إذا تم إنشاؤها بشكل منظم ومرتب بينما المواقف التي في الأقبية تفتقد لهذه المزايا والخصائص. ويرى أحمد المغذوي أن المواقف في أقبية الأسواق تمثل إزعاجا للكثيرين خاصة أن مساحتها صغيرة وأيضا لأن الإشكالات فيها كثيرة، مشيرا إلى انه دائما يفضل الوقوف خارج هذه المواقف على الرغم أنه يوجد بها كاميرات وهناك بعض الحراسات، لكن للأسف قليلة ولا تفي بالغرض المطلوب. ويشدد بسام الجابري على أن الأقبية خطر فبعض ضعاف النفوس يحتالون على الكاميرات الأمنية خاصة في الزوايا غير المرصودة، وبالتالي ربما قاموا بسرقة السيارات أو العبث بها، مضيفا إن مواقف الأقبية لها إشكالات أمنية ولا يحبذ الوقوف فيها. وقال وليد المغذوي لا أرى فرقا فكلها مواقف وخاصة إذا تم الاهتمام بها من الناحية الأمنية، ولم يخف التأكيد على أن المواقف الخارجية أفضل امنيا إلى حد ما، لكن إذا تم التعامل مع تلك الأقبية بطرق نظامية وبشيء من الترتيب فربما آتت أكلها، وستكون أفضل، لكن إهماله وبقاءها على هذا الحال يجعلها غير مفيدة. ويتفق كرم القحطاني مع أهمية تشجيع إنشاء المواقف خارج الأسواق والمجمعات الكبرى فهذا الأفضل من ناحية السلامة والأمن، والمواقف في الأقبية باتت للأسف غير مستخدمة من الكثير من المتسوقين، تخوفا منها لأنها في الخفاء وغير مراقبة من إدارة السوق. من جانبه أكد العقيد خالد العتيبي مدير إدارة الدفاع المدني بالمدينة المنورة أن الدفاع المدني يحث هذه الأسواق بل يلزمها بتنفيذ اشتراطات السلامة وينفذ الإجراءات النظامية بحق كل مخالف، مضيفا ان بعض المواقف في الأقبية تفتقد للنواحي الأمنية واشتراطات السلامة مما يصعب الوصول إليها في حالة حدوث أي مكروه لا سمح الله، بينما المواقف الخارجية سهل الوصول إليها وهي الأفضل من كافة النواحي.
مشاركة :