تقليم أظافر إيران أبرز محاور استراتيجية الأمن القومي الأميركيةأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال عرضه لاستراتيجية الأمن القومي لبلاده على ضرورة التصدي لأجندات إيران التخريبية في الشرق الأوسط، في خطوة غير مفاجئة، رأى فيها مراقبون ترجمة لتصريحات سابقة وصف فيها كبار المسؤولين في البيت الأبيض طهران بالدولة الراعية للجماعات الإرهابية والمقوضة لمجهودات السلم العالمي.العرب [نُشر في 2017/12/20، العدد: 10848، ص(5)]استعراض للصواريخ وسط طهران واشنطن - تركز الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأميركية حول إيران على تحييد التأثير المزعزع للاستقرار وتقييد عدوانيتها، لا سيما دعمها للإرهاب والمسلّحين في منطقة الشرق الأوسط، من خلال نبذ السلوك الإيراني في الإقليم ومغامراتها في مناطق تتجاوز حدودها الجغرافية، في لبنان واليمن والعراق وسوريا. وتؤكد الاستراتيجية أن الولايات المتحدة الأميركية ستعمل على إعادة تنشيط تحالفاتها التقليدية وشراكاتها الإقليمية لاستعادة توازن القوى في المنطقة، ما يعنى إعادة التزام واشنطن بأمن منطقة الخليج العربي، على عكس الإدارة الأميركية السابقة التي انتهجت سياسة مهادنة تجاه النظام في طهران. وتلتزم إدارة الرئيس دونالد ترامب، من خلال الاستراتيجية، بالعمل على حرمان النظام الإيراني ولا سيما مؤسسة الحرس الثوري من تمويل أنشطته الداعمة للجماعات الإرهابية في المنطقة، وهو ما تأكد من خلال توقيع وزارة الخزانة الأميركية لحزمة جديدة من العقوبات على مجموعة من الشركات الاقتصادية المنضوية تحت الحرس الثوري.دونالد ترامب: النظام الإيراني يرعى قوى الإرهاب في العالم ويقوض الاستقرار عبر وكلائه وتعمل الولايات المتحدة، وفقا للاستراتيجية، على حشد المجتمع الدولي لإدانة الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الحرس الثوري في علاقة بحقوق الإنسان واحتجازه للمواطنين الأميركيين وغيرهم من الأجانب بتهم زائفة، ما يعنى تحرك إدارة ترامب لاستخلاص مواقف أوروبية ودولية مؤيدة للخط الأميركي حول إيران. ودعا الرئيس الأميركي دول العالم إلى الوحدة لمواجهة الخطر الذي يمثله النظام في طهران قائلا “نناشد دول العالم أن تقف إلى جانبنا لمواجهة الخطر الذي يشكله النظام الدكتاتوري في إيران، والذي تلاعب بمبادئ الاتفاق النووي”. وتنص الاستراتيجية على ضرورة الحد من تغلغل الحرس الثوري في مفاصل الاقتصاد وتمنعه من مواصلة الاستيلاء على الأوقاف الدينية الضخمة، التي تمكّنه من تمويل الحرب والإرهاب في الخارج، فيما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني زيادة الإنفاق على برامج التسليح الإيرانية. وتعهدت الولايات المتحدة بمواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية الموجهة ضد الولايات المتحدة وحلفائها، في إشارة إلى التجارب الصاروخية الباليستية التي تجريها إيران دوريا والمرفوضة بالإجماع أميركيا وأوروبيا. وتقضي الاستراتيجية الجديدة بوضع عقوبات أميركية إضافية على النظام الإيراني لمنع تمويل الإرهاب، فضلا عن مواجهة قيام طهران بنشر الصواريخ والأسلحة التي تهدد جيرانها، وتهدد منظومة التجارة العالمية، وتقوض حرية الملاحة في منطقة الخليج وفي شمال بحر العرب وجنوب البحر الأحمر. وقال الرئيس الأميركي “النظام الإيراني يرعى قوى الإرهاب في العالم، كما أنه بصدد تطوير صواريخ باليستية أكثر قدرة والتي سيستطيع من خلالها استئناف عمله بشأن الأسلحة النووية التي يمكن أن تهدد الولايات المتحدة وشركاءنا”. وجاء في تقرير الاستراتيجية أن “إيران، أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، استغلت عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط لتوسيع نفوذها من خلال الشركاء والوكلاء ونشر الأسلحة والتمويل”. واستمرت إيران في ممارسة هذه النشاطات، دون توقف، منذ بدء عقد الاتفاقية النووية في العام 2015، مع مواصلة عملها على توسيع دائرة العنف في المنطقة، مما سبب أضرارا جسيمة للسكان المدنيين. وتعهد ترامب بمنع إيران من تزويد وكلائها وشركائها بالصواريخ والأسلحة لمهاجمة المدنيين في المنطقة، وتحديدا الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. وقال في معرض شرحه لاستراتيجيته الجديدة “نعمل مع الحلفاء والشركاء لردع الجماعات الإرهابية الأخرى التي تهدد أمن الوطن، بمن في ذلك الجماعات المدعومة من إيران مثل جماعة حزب الله اللبناني”.هوا تشون ينغ: لن نسعى لتحقيق نمو على حساب مصالح دول أخرى، ولن نتخلى عن مصالحنا وأضاف “لقد جددنا علاقاتنا في منطقة الشرق الأوسط وشاركنا مع زعماء المنطقة للمساعدة في طرد الإرهابيين والمتطرفين وقطع تمويلهم وتشويه سمعة أيديولوجيتهم الشريرة”. ولم تتخلف الصين وروسيا عن محاور الاستراتيجية الأميركية الجديدة، حيث أكد البيت الأبيض على ضرورة مواجهة المخاطر التي تواجه الأمن القومي الأميركي نتيجة تحركات هذه الدول. وتتناقض الاستراتيجية الأمنية مع الأجواء الودّية التي طبعت أول زيارة دولة لترامب إلى بكين في نوفمبر الماضي، عندما حظي باستقبال حافل وأغدق المديح على الرئيس شي جين بينغ. وذهبت استراتيجية ترامب، التي استغرق وضعها 11 شهرا، إلى حد اتهام الصين “بتقويض أمن وازدهار” الولايات المتحدة والسعي إلى إزاحتها من آسيا. وجاء فيها “أما الصين وروسيا فهما الدولتان اللتان تتحديان السلطة الأميركية والنفوذ والمصالح وتسعيان لتقويض الأمن والازدهار الأميركيين، وتسعيان لتطوير جيوشهما والتحكم في المعلومات والبيانات لقمع مجتمعاتهما وتوسيع نفوذهما”. ونددت بكين بالقرار الأميركي منتقدة “ذهنية الحرب الباردة” التي تتبعها واشنطن، بعد تصنيفها الصين في فئة دولة “غريمة”. وقالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، إن “أي بلد أو أي تقرير يشوّه الحقائق أو يتعمد الافتراءات لن يحقق نتيجة”. وأضافت “نحث الولايات المتحدة على التوقف عن تشويه نوايا الصين الاستراتيجية بصورة متعمدة، والتخلي عن مفاهيمها التي عفا عليها الزمن مثل ذهنية الحرب الباردة”. وتابعت “الصين لن تسعى لتحقيق نموها على حساب مصالح دول أخرى، لكننا لن نتخل عن حقوقنا الشرعية ومصالحنا”. وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تزايدا في المواضيع الخلافية مثل التجارة، إذ اتخذت الولايات المتحدة خطوات غير مسبوقة لإجراء تحقيقات في بضائع مصنوعة في الصين وزيادة الرسوم عليها. واتهم الكرملين الولايات المتحدة بمحاولة “التمسك بعالم أحادي القطب، نافيا أن تكون موسكو بصدد تهديد الأمن القومي الأميركي”. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن “الطابع الإمبريالي لهذه الوثيقة يبدو جليا، وكذلك رفض التخلي عن عالم أحادي القطب، هو رفض يتسم بالإصرار”. وأضاف بيسكوف “هناك نقاط إيجابية متواضعة”، مشيرا إلى رغبة واشنطن بالتعاون مع روسيا في المجالات التي تتوافق مع مصالح الأميركيين. وتابع “هذا ينطبق أيضا على مقاربتنا، لأن موسكو تسعى إلى التعاون مع الولايات المتحدة حيث يفيدنا الأمر”. ويؤكد التقرير حول استراتيجية الأمن القومي أن روسيا “تحاول إضعاف النفوذ الأميركي في العالم وخلق انشقاقات مع حلفائها وشركائها”. واتهمت الوثيقة روسيا بـ”التدخل في جورجيا وأوكرانيا”، باعتبار أن روسيا تظهر بذلك “استعدادها إلى خرق سيادة دول المنطقة” وتحاول “ترعيب دول الجوار بتصرفاتها المهددة، بما فيها استعراض قدراتها النووية والانتشار الأمامي لقواتها”. واعتبرت أن “استثمار روسيا في تطوير القدرات العسكرية الجديدة” كان ولا يزال يشكل أحد أخطر التهديدات على الأمن القومي الأميركي، مؤكدة أن “الولايات المتحدة وأوروبا ستعملان سويا لمواجهة نشاط روسيا التخريبي وعدوانيتها”. ووجه الرئيس الأميركي مؤشرات متناقضة عند عرضه لاستراتيجيته، ففي حين وصف روسيا والصين بـ”القوتين الغريمتين”، فإنه في نفس الوقت عبر عن رغبته في بناء “شراكات كبرى” مع هاتين الدولتين. وكان مسؤولون أميركيون قد اتهموا روسيا، في وقت سابق، بالسعي إلى إعادة النظر في الوضع القائم في العلاقات الدولية، مشيرين إلى تدخلها في شؤون الدول المجاورة بما فيها أوكرانيا وجورجيا.
مشاركة :