تقليم أظافر إيران

  • 9/18/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يروي أحد كبار القيادات العسكرية العراقية السابقة، ان قرارا اتخذ قبيل الاحتلال الامريكي للعراق بثلاثة اشهر، تضمن تشكيل قيادة امنية وعسكرية وحزبية واعلامية موحدة هدفها مقاومة الاحتلال، ووزعت على قياداتها مبالغ مالية للاتجار بها واعتمادها كأصول مالية للمقاومة العراقية، ويضيف هذا القيادي لقد تم اخراج العوائل والاسر الى سوريا، وبعضنا اخرجها الى الاردن وتركيا، والتجارة كانت في دبي وقبرص ودول شرقية واسيوية، وكانت كل التنبؤات تشير الى ان النظام السوري لن يخدم المقاومة قدر خدمته لمصالحه والمصالح الايرانية، لكنا كنا مضطرين للتعاون معه، فصادرت دمشق مبلغ 3 مليارات دولار من ابناء واسر عائلة صدام حسين، وبعدها قامت بطردهم للعراق، فيما توسطت دولة خليجية لاستضافة زوجة الرئيس، وبنات الرئيس العراقي. ويشير الضابط العراقي الى أن قيادة المقاومة التي شكلت استشعرت وجود رغبة سورية بالسيطرة، ولهذا جعلت مقراتها الرئيسة في العراق، ومقراتها السياسية والاعلامية والمالية في الخارج، وعندما فشلت دمشق في السيطرة على القيادة، اتصلت بقيادات عراقية فصلت في السابق لوجود شبهات امنية على سلوكها سواء كان ذلك سلوكا طائفيا او امنيا، خاصة وان سوريا وفي الثمانينيات خططت لتدبير انقلاب على الحكم في العراق، اعدم فيه العراق 80 من قيادات البعث، في محاكمات ثورية عاجلة. بعد عامين من الاحتلال الامريكي للعراق وتحديدا في العام 2005، خططت الاستخبارات السورية والايرانية وبتعاون مع حزب الله لإنهاء ظاهرة الرئيس رفيق الحريري الذي اصبح معادلة صعبة لجميع اللبنانيين، واصبح ظاهرة سياسية واقتصادية تمثل ضرورة للبنان، وتشكل عقدة سياسية لسوريا وايران وحزب الله، وكان قرار الخلاص من الحريري يهدف وضع لبنان على طريق الفوضى، وارسال رسائل اقليمية بان هناك من له القدرة على ضبط الاوضاع في لبنان وغير لبنان وفقا لمصالحهم السياسية والامنية، وبدأت السياسة الامريكية تؤكد على محاسبة سوريا، وقانون محاسبة سوريا، هذا علما بأن افضل الاجهزة الاستخباراتية العربية تعاونا مع الامريكية فيما يتعلق بالحرب على الارهاب كانت الاستخبارات السورية والسودانية، وفي هذه الفترة فتحت دمشق ابوابها امام تنظيم القاعدة للمرور عبرها الى العراق، وذلك بتنسيق بين طهران والقاعدة حيث اصبحت دمشق طريق الجهاديين للعراق، وفي ذات الوقت ملاذا لعوائلهم واسرهم التي ظلت تحت حراسة المخابرات السورية في العام 2007 استدعت دمشق محمد يونس الاحمد القيادي البعثي العراقي والمفصول من الحزب العراقي، وحاولت دفعه لعقد مؤتمر قطري للحزب لانتخاب قيادة عراقية جديدة عقب اعدام صدام، وفعلا انعقد المؤتمر، وانتخب الاحمد رئيسا له، وبدأت الرسائل بين الاحمد وحكومة نوري المالكي تتوسع، والتنسيق يأخذ ابعادا امنية أكبر، وكانت دمشق تقدم كافة التسهيلات الامنية لما يخدم امنها ويحد من هواجسها الامنية. في هذه الفترة تركت سلطات حكومة نوري المالكي مجموعة محمد يونس الاحمد للعمل في العراق، واستعادة التنظيم، وبخاصة القيادات الامنية والعسكرية، واستطاع الاحمد ايجاد تشكيلة من ضباط سابقين انخرطوا مع المقاومة الاسلامية والقاعدة لطرد الاحتلال الامريكي، وكان ابرزهم العقيد فوزي الراوي وهو من مدينة راوة الحدودية السورية وكانت تربطه علاقة تنظيمية مع سوريا، اشرف على قيادة التنسيق بين تنظيم القاعدة في العراق وسوريا، وكانت الفترة من عام 2007 الى 2010 من اصعب الفترات في العراق اذ كانت الخطة السورية الايرانية هي جعل العراق جحيما على الامريكان، او رفع كلفة الاحتلال، فقد كثرت العمليات الارهابية والتفجيرية داخل بغداد والمدن الرئيسة، ما دعا نوري المالكي للاعلان بأن ثمة ايادي سورية وراء الاعمال الارهابية، قبل ان يعيد حرف البوصلة ليصبح الاتهام موجها فيما بعد للسعودية، فيما كان ابو القعقاع محمود قولا غاصى وهو ضابط متقاعد من الاستخبارات السورية يقود التنسيق من الجانب السوري، فيما تردد ابوبكر البغدادي عقب اطلاق سراحه من سجن بوكا الامريكي في البصرة على سوريا وكان يلتقي باستمرار بكل من الراوي وغاصي، وانضم لهم في العمليات والتخطيط العقيد حجي بكر. عقب مقتل ابي مصعب الزرقاوي، التي تمت بوشاية من احد افراد التنظيم، والذي قتلته القاعدة في احد مستشفيات بغداد، عين بديلا عنه ابوحمزة المهاجر، ولم يستمر فترة طويلة حتى قام المهاجر بالتنازل الى ابي عمر البغدادي، في خطوة لفتت الانتباه من قبل اعضاء التنظيم، خاصة وان اباعمر البغدادي، كان شخصية عادية وليست قيادية، اذ دخل الغث والسمين تنظيم القاعدة، بعد اعلان دولة العراق وقبوله انضمام تيارات وقوى له، فدخلت كتائب البعثيين المحسوبين على جناح يونس الاحمد وبعض ضباط الاستخبارات السورية والعراقية، واصبحوا جزءا من القيادة التنفيذية للتنظيم، فيما شكلت الاستخبارات الامريكية في العراق تنظيم الصحوات لمواجهة القاعدة، ونجح في طردها من الانبار بعض الوقت، فيما كانت تفجيرات المراقد الشيعية بحسب اعترافات قاضي الدولة في العراق ابي سليمان العتيبي، لتعطي قوة ووحدة للصف الطائفي الشيعي ولتزيد ارتماء القوى الشيعية بالاحضان الايرانية، والقوى السنية بالاحضان السورية، وزاد الطين بلة عقب تعيين أبي بكر البغدادي، الذي يقول فيه قاضي الدولة، ان ابا بكر ليس بغداديا ولا قرشيا ولا حسينيا ولا اكمل الدكتوراة، وانه هرب الى دمشق واقام في السيدة زينب لمدة 3 سنوات متتالية، وكان من اصدقاء البغدادي ابوفيصل الزيدي وابو معاذ الصفوك وبدر الهيشان القريبون من المخابرات السورية، وكان على اتصال بالعميد محمد الندى الجبوري والعقيد سمير عبد محمد الملقب بحجي بكر، والعميد ابو مهند السويداوي، وهم من قيادات الاستخبارات العراقية سابقا، وهم مقربون من محمد يونس الاحمد. في هذه الفترة استطاعت الاستخبارات السورية تجنيد عراقيين مقيمين في سوريا للعمل مع تنظيم الدولة، واطلقت بالاتفاق معهم 1500 من اعضاء التنظيم في السجون السورية، تمكنوا من ادارة التنظيم وتوجيهه بما يخدم المصالح السورية في العراق، ومضاعفة خسائر الامريكان، وتعزيز قبضة القوى الطائفية وتمكين ايران من العراق، وبعد الاحداث السورية عام 2011 اضطرت الاستخبارات السورية لاستدعاء داعش للقيام بمهام متفق عليها في سوريا، لتشويه صورة الجهاديين الاسلاميين السنة تحديدا، ولضرب التنظيمات ببعضها، ولتكفير الجيش الحر، ولجعل سوريا ارضا للارهابيين من مختلف دول العالم يصعب السيطرة عليها، ولحماية النظام السوري، وتناسب ذلك مع دعوة ابي بكر البغدادي للتوسع والتمدد وابتلاع تنظيم القاعدة والتحكم به مستقبلا، وفعلا تم دمج العراق والشام في دولة واحدة برئاسة البغدادي، في حين كان هناك تفاهم سري بين دمشق وطهران وبغداد ومحمد يونس الاحمد على رفع راية داعش، ولكن ضمن مخطط يخدم مصالحهم الاستراتيجية، حيث كان من المتوقع تعيين الاحمد نائبا لرئيس الجمهورية او رئاسة الوزراء. في 10/6/2014 دخلت داعش الموصل، فيما ترك جيش المالكي كل معسكراته ومعداته لهم وكافة الودائع البنكية، وفرع البنك المركزي العراقي الذي كان يحوي 750 مليون دولار، وصدرت اوامر لقوات الامن والاستخبارات العراقية بعدم التعرض لقوات داعش، فيما دخل ابوبكر البغدادي بموكب استعراضي ومعه سيارتان همر مصفحتان ومزودتان بكامل وسائل الاتصال الحديثة، وهي سيارات كان يهربها حزب الدعوة من كندا في البداية لتدخل العراق عبر تركيا وسوريا، فكان الدخول له اسبابه واهدافه. ومن هذه الاهداف ان الاستخبارات الايرانية والسورية، وعبر حكومة نوري المالكي، تلقوا تقريرا امريكيا يؤكد لحكومة نوري المالكي بضرورة ادخال تعديلات رئيسة على العملية السياسية لاستيعاب السنة والابتعاد عن ايران، وحذرته من مخاطر حدوث احتجاجات شعبية شاملة في العراق شمالا وجنوبا، وبعد اطلاع طهران ودمشق على هذه التقارير تم الترتيب لدخول داعش للانبار، وافراغ الساحة السورية، ومن بعدها السيطرة على الموصل، وتم اعتقال الدبلوماسيين الاتراك ومقر الحزب الاسلامي لأغراض امنية وسياسية، وتمكنت طهران ودمشق من شق الصف الكردي الساعي للانفصال، طهران تدعم حزب جلال الطالباني، ودمشق تدعم حزب مسعود البرزاني، فيما استطاعت الاستخبارات الروسية استعادة نشاطها في العراق وإعادة الاتصال بعملائها هناك، وانشاء شركات باسماء عراقيين وسوريين للعمل لصالحها، وقد حصلت على حقوق التنقيب واستثمار حقول النفط والغاز في الانبار والموصل وبعض محافظات الجنوب، ما اثار حفيظة الامريكان، في وقت كانت قوى العشائر وجيش العشرين والنقشبندية يعيدون تأسيس قوة الجيش والاستخبارات العراقية السابقة وبواقع 45 الف مقاتل، ما أعطى مؤشرات عملية حول قدرتها على اسقاط حكومة المنطقة الخضراء. لم تجد الادارة الامريكية افضل من هذه الفرصة للعودة الى العراق، وإضعاف النفوذ الايراني والروسي، من محاربة داعش، الذي تفاخر بعمليات القتل والدم وجز الرؤوس، وكأنه يمنح الغرب مبررات كافية للتدخل، بينما كان بعثيو محمد يونس الاحمد يؤكدون مقولته الاستراتيجية (سنحرر العراق من السيطرة الايرانية، بقوة المتطرفين الاسلاميين، وبقوة امريكا التي لن تقبل وجود سيطرة ايرانية او سيطرة للقاعدة في العراق، ولن تقبل بانهيار العملية السياسية او سيطرة للاستخبارات الروسية. اما على الجانب الايراني، فطهران معنية اولا بتخفيف الضغط على بغداد وان تطلب ذلك التضحية بنوري المالكي، بعدما كانت الخطة تقضي إعلان المالكي حالة الطوارئ وتوليه الحكم لفترة رئاسية ثالثة بالقوة، وامتصاص الفائض الارهابي من سوريا وسحبه للعراق، وهو ما ادى فعلا الى تراجع دولي عن اسقاط نظام الاسد، لا بل وجعل الاسد جزءا من الجهد الدولي لمحاربة الارهاب هو والمعارضة السورية في خندق واحد، ومحاربة التطرف والارهاب (السني) وهذا يتطلب تعاونا امريكيا ايرانيا سعوديا، وعدم تحقيق الاكراد لطموحاتهم بالاستقلال، واضعاف التأثير التركي في العراق، وعدم تفتيت العراق كي لا ينطبق ذلك على ايران، وعدم نزع اسلحة التنظيمات وفرق الموت الطائفية لكي لا ينسحب على حزب الله. ايران تتصارع مع نفسها هذه المرة، فالحرب على الارهاب تشمل مختلف التنظيمات الارهابية، من حزب الله الى القاعدة وداعش وجبهة النصرة، والاخوان والحوثيين، وسلاح حماس، وفرق الموت الطائفية وهذا يعني تقليم اظافر ايران.

مشاركة :