هذي السنة سنة بقلم: ريم قيس كبّة

  • 12/20/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

للمتفائل حصة وللمتشائم حصة.. وقد تستحوذ التوقعات على العقول فتحرمها التركيز في حياتها وأيامها بينما ينظر الكثيرون للأمر بأنه لا أكثر من تسلية عابرة..العرب ريم قيس كبّة [نُشر في 2017/12/20، العدد: 10848، ص(21)] في كل عام وفي الأيام الأخيرة منه تحديدا.. أحاول أن أقف مع نفسي بأن أعيد تقييمها وأن أعيد النظر في تقييم حياتي.. أنظر إلى ما فعلت وما قدمت وكم من نجاح حققت وكم من إخفاق.. أقف عند تصرفاتي وأفعالي.. أسجل أحداث العام السارة والحزينة في دفتر مذكراتي.. ثم أضع قوائم خاصة جديدة في كل عام أقرر عبرها ما أريد أن أكونه في عامي القادم.. من أمنيات وأحلام إلى مهمات ومشاريع.. أحيانا يأتي العام بما لا تشتهي سفني.. فتأتي الأحداث الجسام والكوارث الخارجة عن نطاق تخيلي واختياراتي.. وأحيانا تأتي تقييماتي لنفسي حاسمة وأشبه بجلد الذات والدخول في دائرة اللوم والندم.. وفي أحيان أخرى أجد قائمتي وقد أنجزت عن بكرة أبيها وحصل في حياتي ما فاق سقف الطموح والتمني.. وأجد نفسي سعيدة بنفسها فخورة متجلية بما حققت وما حققه لي القدر. لكن الأهم في كل ذلك كان ومازال ما أتعلمه عاما بعد عام.. من دروس تقدمها لي الكتب والحياة والآخرين.. يتوجها التقبّل للنفس والآخر والمغفرة والقدرة على التحمّل والتجاوز. ومما لا شك فيه أنه لا يمكن أن يمر بنا عام كامل من سعادة وارتياح وسكينة وحب.. وعام آخر ممتلئ برمته بالكوارث والحروب.. فحتى في عز الألم والموت ثمة أفراح عابرة وبهجة.. وثمة منجزات صغيرة وأحلام صغار تتحقق.. فالأهم هو نظرتنا لها ولأنفسنا إزاءها. وفي كل عام تستعد القنوات الفضائية والإعلام والمحال التجارية والفنادق وشركات السياحة والعائلات لاستقبال العام الجديد.. وينشط المنجمون والفلكيون والدجالون في موسمهم السنوي الأهم.. فتكثر اللقاءات والبرامج التي تكشف التوقعات لكل برج أوروبي وكل برج صيني وكل فرد وكل دولة.. فيصدقون أو يكذبون.. للمتفائل حصة وللمتشائم حصة.. وقد تستحوذ التوقعات على العقول فتحرمها التركيز في حياتها وأيامها بينما ينظر الكثيرون للأمر بأنه لا أكثر من تسلية عابرة. وبالحديث عن توقعاتنا تذكرت إحدى القصص التي جرت مثلا مفادها: يحكى أن راهبا موصليا عرف عنه الكشف وقراءة الطالع.. وكان في كل عام في أيام الأعياد وإذ يسأله الناس عما يتوقع حدوثه في العام القادم يجيب بلهجته الموصلية الأصيلة “السَني سَني!”.. اي “أن السَنةَ سنةٌ!”.. بما يعني أنها ستكون سنة خاصة.. فإذا ما جاءت الأيام بخير وفير قال أبونا “ألم أقل لكم إن السنة سنة؟”.. وإذا ألمّ بالناس القحط والعوز وسوء الطالع.. أجاب بالجواب عينه.. ولأن الناس كانت تثق به وبحبه للخير.. فقد صدقوه بكل ما قال! وهي قصة كثيرة الشبه بأغنية المونولوجيست العراقي الأشهر عزيز علي “هذي السنة سنة”.. وقد تكون محاكاة لها.. وقد سجلها في ستينات القرن الماضي وكأنه يكتبها لنا اليوم.. وتتلخص كلماتها بما يشبه قول الراهب.. فيغني باللهجة البغدادية قائلا “هذي السنة سنة.. مو مثل كل سنة.. والي ما كان راضي.. عن العام الماضي.. راح يشوف السنة.. باسم الله محصّنة”. ومن يميل إلى التشاؤم سيجد كلمات الأغنية تتهكم على من كان يشكو من سوء الحال في العام الماضي لأن ما ستأتي به الأيام ستجعله يترحم على ما فات.. بينما يقرؤها المتفائل بالعكس من ذلك تماما.. فهي سنة.. “باسم الله محصّنة”! عامكم فرح وأعياد وسلام.. شاعرة عراقيةريم قيس كبّة

مشاركة :