في حي الكلاسة في شرق مدينة حلب عادت زحمة السير إلى شوارع انتشرت فيها عربات بيع الخضار، لكن الدمار المتفشي من كل حدب وصوب يبقى شاهداً على معركة غيّرت مسار النزاع في سوريا نهاية العام الماضي. ينظر خيرو مسلماني وهو سائق سيارة أجرة سابق، حوله في الحي الذي كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة ويقول "اليوم هناك الكثير من الناس انهم يعودون". وعلى بعد عشرات الكيلومترات من هنا، في محافظة ادلب المجاورة، يتحسر آخرون من مدنيين ومقاتلين معارضين على مدينة تم إجلاؤهم منها قبل أن يسيطر الجيش السوري عليها. طوال أربع سنوات، بقيت مدينة حلب مقسمة بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأخرى غربية تحت سيطرة القوات الحكومية. وشكلت طوال هذه الفترة مسرحاً لمعارك عنيفة تسببت بمقتل الاف المدنيين وبدمار هائل في الابنية والبنى التحتية في الأحياء الشرقية التي تعرضت لقصف جوي سوري وروسي كثيف. واثر عملية عسكرية لقوات النظام أحكمت خلالها حصار الأحياء الشرقية، بدأت في 15 ديسمبر اولى عمليات اجلاء المدنيين والمقاتلين المعارضين من هذا الجزء. استمرت عملية الاجلاء أسبوعاً كاملاً. وبعد دقائق على خروج آخر حافلات المغادرين إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة خارج المدينة، أعلن الجيش السوري في 22 ديسمبر استعادة حلب بالكامل. بعد مضي عام على انتهاء معركة حلب، تعود الحياة وإن ببطء إلى الأحياء الشرقية، بعد إصلاحات أجريت على شبكات المياه والكهرباء، وإزالة جبال الركام من شوارع عديدة فيها واعادة تزفيتها. وعاد إلى الأحياء الشرقية، وفق تقديرات غير رسمية، نحو 500 ألف شخص. وكان عدد سكان المدينة 2,5 مليون قبل النزاع، لكنه تراجع الى نحو 1,5 مليون نسمة، كان 250 الفاً منهم محاصرين في شرق حلب حتى قبل بدء هجوم قوات النظام. ونزح أكثر من نصف المحاصرين جراء المعارك الى الأحياء الغربية، وتم إجلاء عشرات آلاف الآخرين لاحقاً. غادر خيرو مسلماني (67 عاماً) منزله اثر سيطرة الفصائل المعارضة على شرق حلب في صيف العام 2012، وانتقل إلى مدينة طرطوس الساحلية ليعيش في خيمة مع عائلته. لم ينتظر مسلماني كثيراً، وبعد أيام على سيطرة الجيش السوري على كامل حلب، عاد خيرو في الأسبوع الأول من يناير إلى مدينته ليجد جدران منزله وقد سُويت بالأرض. استخدم خيرو الخرداوات وأجهزة مكسرة لينشئ غرفة صغيرة يشوي فيها اللحم ويسترزق منها. ويُعرب اليوم عن سعادته بعودة الحركة من حوله، ويقول "حين عدنا في بداية 2017، كنا نحلم أن نرى رجلاً في الحارة اليوم هناك سيارات تدخل وتخرج. الحمد الله هناك أمن وطمأنينة".
مشاركة :