لليوم الثالث على التوالي، خرجت مظاهرات غاضبة الأربعاء في السليمانية بإقليم كردستان العراق للمطالبة باستقالة الحكومة وتحسين الأوضاع الاقتصادية في الإقليم، فيما بدأت ملامح أزمة سياسية تلوح في الأفق، مع إعلان حزبين انسحابهما من حكومة الإقليم المضطرب. تواصلت المظاهرات الغاضبة الأربعاء في السليمانية، شمال العراق، لليوم الثالث على التوالي ضد الأحزاب السياسية في كردستان العراق، فيما بدأت ملامح أزمة سياسية مع إعلان حزبين انسحابهما من حكومة الإقليم. وخرجت مظاهرات بعد ظهر الأربعاء في بلدة قلعة دزة الواقعة على بعد 170 كيلومترا شمال السليمانية رغم الإجراءات الأمنية في البلدة، وفقا لشهود. مداخلة المحلل السياسي جاسم الموسوي حول تظاهرات كردستان العراق وسجلت مظاهرات كذلك في مدينة حلبجة، شمال السليمانية، رغم الإجراءات الأمنية وإطلاق العيارات النارية في الهواء والغاز المسيل للدموع. وخرجت مظاهرات مماثلة في بلدة جمجمال التي تبعد 70 كلم جنوب السليمانية. وفي رانيه التي تبعد 130 كلم شمال غرب مدينة السليمانية، حيث أدت مظاهرات الثلاثاء إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 70 بجروح، وأشعل متظاهرون النار الأربعاء في مقر الحزب الشيوعي الكردستاني والحزب الاشتراكي الديمقراطي بدون أي مقاومة من حراس المقرين، وفقا لشهود. كما رشق متظاهرون مقرا لحركة التغيير في البلدة نفسها بالحجارة. وشهدت مدينة السليمانية الأربعاء انتشارا كثيفا لقوات الأمن بينها عناصر مكافحة الشغب المجهزة بخراطيم المياه. ولم تعبر شوارع المدينة سوى أعداد قليلة من السيارات فيما أغلقت محال كثيرة أبوابها وخصوصا في ساحة السراي، وسط السليمانية، الموقع الرئيسي للتظاهر. وأفاد ناشطون مستقلون أن القوات الأمنية اعتقلت صباحا عددا من الشبان بتهمة الوقوف وراء المظاهرات. انسحاب حزبين من حكومة الإقليم وتسبب تصاعد المظاهرات بأزمة داخل حكومة الإقليم وأعلن حزبان هما حركة التغيير والجماعة الإسلامية انسحابهما منها. وقال عبد الرزاق شريف عضو حركة التغيير "قررنا الانسحاب (...) الحكومة ليست شرعية " مضيفا "قدمنا عدة مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية لحكومة الإقليم لمعالجة الوضع الاقتصادي والسياسي والمالي ولكن لم يستجيبوا". وتشارك حركة التغيير بأربعة وزراء يتولون حقائب المالية والتجارة والبشمركة والأوقاف والشؤون الدينية، فيما تشارك الجماعة الإسلامية في وزارتين هما الزراعة والبيئة، وذلك من أصل 21 وزارة تتألف منها حكومة الإقليم. إحراق ما لا يقل عن 15 مقرا لأحزاب سياسية وشهدت مدن وبلدات في إقليم كردستان غالبيتها في محافظة السليمانية، ثاني محافظات الإقليم، مظاهرات حاشدة خلال اليومين الماضيين تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة نحو 200 بجروح. ومنذ بدء المظاهرات قبل ثلاثة أيام، أحرق متظاهرون ما لا يقل عن 15 مقرا لأحزاب سياسية في الإقليم إضافة إلى مقر مجلس بلدي. وقال ناشط رفض كشف اسمه الأربعاء "إننا نحرق مقار الأحزاب لأنها مشاركة في الحكومة ومسؤولة عن معاناة الشعب الكردي الاقتصادية والسياسية". وأضاف أن "حرق المقار يعني أن المواطن الكردي يئس من جميع الأحزاب الكردية التي أوصلت كردستان إلى الإفلاس". وأكد عدد كبير من سكان مدينة أربيل عاصمة الإقليم أن حكومة الإقليم تستقطع الرواتب، وحتى أسعار وقود التدفئة مع حلول فصل الشتاء ارتفعت إلى 150 دولارا للبرميل (200 لتر) أي إلى ضعف ما كانت عليه قبل عامين. ولا تصل الكهرباء إلا أربع ساعات في اليوم ويعجز الناس عن تحمل تكاليف الحصول عليها من المولدات. "حكومة بغداد تنتظر إفلاس الإقليم للتفاوض من موقع قوة" وقال سيريل روسيل المتخصص في شؤون الإقليم "هناك شعور لدى الناس بالخيانة والإهانة، وهم يحملون الأحزاب السياسية المسؤولية". ولاحظ أن "حكومة بغداد تنتظر إفلاس الإقليم للبدء بمفاوضات من موقع قوة". وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد قال مساء الثلاثاء إن حكومته لا تستطيع دفع رواتب المسؤولين في كردستان بسبب "الفساد". من جانبه، قال رئيس وزراء الإقليم نيجرفان بارزاني الموجود في ألمانيا مساء الثلاثاء، لوسائل الإعلام إن "الإقليم يشهد فترة صعبة، ويمكن تفهم غضب" الناس. وإذ أكد تأييده المظاهرات السلمية شدد على أن "العنف مرفوض". الأمم المتحدة تدعو قوات الأمن إلى "التزام ضبط النفس" وأعربت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق عن قلقها الأربعاء، ودعت قوات الأمن إلى "التزام ضبط النفس" والمتظاهرين إلى "تفادي أي أعمال عنف". ويعيش إقليم كردستان الذي تمتع خلال المرحلة الماضية باستقرار كبير مقارنة ببقية مناطق العراق، أوضاعا مضطربة، وخصوصا إثر الاستفتاء الذي أجراه الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وقوبل برفض المجتمع الدولي والحكومة المركزية وانتهى بفشل كبير رغم الانتصار المدوي لأنصار الـ"نعم". وكان الإقليم غرق في الديون منذ انهيار أسعار النفط عام 2014. لكن الأوضاع تدهورت في شكل أكبر بعد الاستفتاء وخصوصا بعدما اتخذت حكومة بغداد إجراءات عقابية واستعادت السيطرة على أغلب المناطق المتنازع عليها وأبرزها محافظة كركوك الغنية بالنفط. فرانس 24/ أ ف ب نشرت في : 20/12/2017
مشاركة :