د. هشام العوضي| لعب المتعلمون دور الوسيط في انتقال فكرة القومية العربية، وانتشارها في المجتمع. فقد أسس أحمد الخطيب النادي الثقافي القومي في بداية الخمسينات، واستقطب لعضويته المتعلمين الذين تأثروا بالحركات القومية في مصر، والعراق، ولبنان والأردن وسوريا. ولعب المتعلمون في مصر دورا في تبني القومية العربية ونشرها. لقد مثّل المتعلّمون فئة المبادرين لتبني فكرة القومية العربية. وتقول فاطمة حسين عن تجربتها في الانضمام إلى القوميين العرب «ساعد جو الجامعة كثيرا في غربلة الأفكار ما بين القبول والرفض، لأننا كنا نعيش جو نقاش وحوار دائم، مما اساهم في تثبيت أقدمنا وسط الحركة، وعمّق ولاءنا لها، حتى أصبحنا دعاة للفكر القومي العربي دون أن يطلب منا ذلك”. ويحظى المبادرون بنمط من القدرة العقلية يفوق أحيانا فئآت المجتمع الأخرى. وثمة دراسات تشير إلى أن المبادرين بطبيعتهم أقل تمسكا بحرفية القوانين وأقل تزمتا وأكثر خضوعا لمقتضيات التفكير السليم. إن المبادرين أيضا لديهم من المرونة العقلية قدرا يفوق الآخرين أحيانا، وبخاصة المتشككين. وقد طال تأثير مصر على الكويت في الفن والفكر ونمط الحياة. وتحوّل ابطال السينما، فاتن حمامة وعبدالحليم حافظ، وناديةلطفي إلى ايقونات جماهيرية مُلهِمة. وكانت أم كلثوم هي المطربة المفضلة ومن المطربين الذين امتلكوا سحر الطرب. وانتشرت القومية بين المقلدين عبر أنشطة المتعلمين كالتدريس، وتأسيس النوادي، والمحاضرات. وانتشرت عبر وجود المتعلمين أيضا في المؤسسات الشعبية كالبرلمان والصحف والإذاعة والتلفزيون. ونذكر كلمة الشيخ عبدالله السالم وقتئذ «لا تقولوا هذا مصري، وذلك لبناني والآخر سعودي أو عراقي أو كويتي أو سوري، إنما نحن عرب». وفي كلمة الحكومة في 1963 «إن الكويت أميرا، وحكومة وشعبا يؤمن ايمانا راسخا بأن القومية العربية والوحدة العربية هما الطريق الصحيح الذي يجب أن تسير فيه الأمة العربية». وقصّة القومية العربية هي مثل ثان لانتقال الفكرة من فئة المبادرين- المتعلّمين- وتحولّها إلى فكرة شائعة بين أفراد المجتمع». د. هشام العوضي*أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية بالكويت
مشاركة :