أبدى خبراء معاهد البحوث الاقتصادية ورجال الأعمال في ألمانيا ثقة عالية بالانتعاش الاقتصادي الحاصل في ألمانيا وفي دول منطقة اليورو وأوروبا عموماً. وأكد «معهد البحوث الاقتصادية» (إيفو) في ميونيخ أواخر الشهر الماضي، والذي يستفتي شهرياً سبعة آلاف شركة في البلد، أن «أعمال الشركات الألمانية في الربع الرابع والأخير من السنة تعززت أكثر مما كان متوقعاً، ما رفع مؤشر «أيفو» للأعمال إلى رقم قياسي من 115.3 إلى 116.7 نقطة في تشرين الأول (أكتوبر)». وأوضح أصحاب معظم الشركات المستطلَعة ومديروها، أن وضع أعمالهم وآفاق الأشهر الستة المقبلة ستكون أفضل من السابق. وعلّق رئيس المعهد كليمنس فويست على النتائج بالقول إن «الاقتصاد الألماني يسير بسرعة مثل قاطرة». وقدّم معهد بحوث الاقتصاد الأوروبي في مانهايم «زد إي في» نتيجة جيدة، إذ ذكر رئيسه أخيم فامباخ أن المؤشر ارتفع في تشرين الأول الماضي 0.6 نقطة عن شهر أيلول (سبتمبر) ليصبح المجموع 17.6 نقطة. كما أكد خبراء الاقتصاد والمال الذين يستفتيهم المعهد شهرياً تحسن الأعمال في الأشهر الستة المقبلة. وانعكست استمرارية تحسن الأوضاع في ألمانيا وفي البورصات الدولية على مؤشر «داكس» الألماني الذي بقي طويلاً تحت سقف الـ13 ألف نقطة، إلى أن قفز في الأول من تشرين الأول فوقه مسجلاً رقماً قياسياً جديداً له. وأظهر الاستطلاع السنوي، الذي تجريه غرفة الصناعة والتجارة الألمانية في خريف كل سنة مع مسؤولي 27 ألف شركة في البلد، ونشرت نتائجه أخيراً، أن الاقتصاديين والخبراء يتوقعون استمرار الانتعاش الاقتصادي في البلد في العام المقبل. ولفتت الغرفة إلى أنها رفعت لهذا السبب توقعاتها لمعدل النمو في السنة المقبلة إلى 2.2 في المئة. وأكد الأمين العام للغرفة مارتين فانسليبن، أن «أعمال الشركات الألمانية جيدة اليوم أكثر من أي وقت مضى»، مضيفاً أن «هذا يعني أيضاً أن الاستهلاك الداخلي سيستمر». وعزا الخبراء الانتعاش الحاصل إلى تنامي الاستهلاك الداخلي بدرجة أولى. ورأى فانسليبن أن استعداد الشركات الألمانية للاستثمار بهدف توسيع مشاريعها الإنتاجية سيحقق رقماً قياسياً، ما يرفع وتيرة الانتعاش في البلد. كما توقع تحقيق تحسن مماثل في الصادرات الألمانية أيضاً. ورفعت الغرفة توقعاتها لمعدل النمو المنتظر للسنة الجارية من 1.8 إلى 2 في المئة. وطلبت من الحكومة الألمانية الإفادة من النمو الحاصل «لإجراء تعديلات بنيوية تسهل النشاط التنافسي بين الشركات الألمانية، وتساعد على إجراء إصلاح ضريبي يخفض الضرائب عنها». وأضافت أن قطاع الصناعة لوحده سيستوعب هذه المرة نحو 60 ألف عامل جديد، أي ضعف ما كان يستوعبه خلال السنوات الأخيرة، لكن فانسليبن حذّر «من أن الشركات المستطلعة ترى مشكلة كبيرة في نقص العمال الأكفاء لديها، ما يكبح العمل والإنتاج، وبالتالي النمو والنجاح». وأشار إلى أهمية التعليم المزدوج، مطالباً الدولة بتأمين تعليم أفضل للأطفال، وقال إن الشركات «أعربت عن رغبتها في أن تضع الدولة قوانين وشروطاً أسهل للراغبين في الهجرة إلى ألمانيا والعمل فيها، إضافة إلى تأمين وضع قانوني يسمح لهؤلاء بالاندماج في المجتمع وفي العمل». وقدمت هيئة «حكماء الاقتصاد الألماني» المكلفة من الحكومة الألمانية، تقريرها الاقتصادي السنوي إلى المستشارة أنغيلا مركل أخيراً، حذرت فيه بشدة «من تجاوز الاقتصاد الألماني قدراته الإنتاجية بعد خمس سنوات من الانتعاش المستمر». وأشارت إلى أنها «رصدت بعض التحولات التي تشير إلى تراجع الاستثمارات في البلد، ما قد يؤدي إلى الركود». وسبق لهيئة الحكماء أن انتقدت في هذا المجال استمرار البنك المركزي الأوروبي في تسييل الأموال في سوق المال على رغم الانتعاش الحاصل في أوروبا. وحضّ الحكماء الحكومة الألمانية المقبلة على ضبط صرف الأموال العامة وممارسة مزيد من التقشف، لكنهم نصحوا الحكومة بخفض الضرائب على الشركات والمواطنين، والبدء تدريجاً بإنهاء «ضريبة التضامن» التي أقرت بعد الوحدة الألمانية لإعادة بناء شرق ألمانيا. لكن عدداً من خبراء الاقتصاد وقادة نقابيين انتقدوا هذه النصائح بشدة، وأشاروا إلى أن سلبياتها أكبر من الإيجابيات. ورفع حكماء الاقتصاد معدل النمو الذي ستحققه ألمانيا هذه السنة إلى 2 في المئة، والعام المقبل إلى 2.2 في المئة.
مشاركة :