مصالحة بين «فتح» و «حماس» لا تطوي الأزمات

  • 12/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شهد عام 2017 جملة من الأحداث والتطورات السياسية والمعيشية والداخلية الكبرى، بعضها ترك أثراً إيجابياً، وبعضها الآخر ترك آثاراً سلبية كثيرة على حياة مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة على مساحة لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً. واصلت معدلات الفقر والبطالة الارتفاع خلال هذا العام، إذ بات نحو مليون ونصف المليون فلسطيني يتلقون مساعدات مالية وغذائية منتظمة من منظمات تابعة للأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية وجمعيات خيرية محلية. كما تصاعد الانقسام بين حركتي «فتح» و «حماس» مع حلول الربيع، إلا أنه شهد انفراجة كبرى وتساقط بعض أوراقه مع حلول الخريف، وصولاً إلى المصالحة بينهما في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 في القاهرة برعاية مصرية. وبدأت الأيام الأولى من العام المنصرم بأزمة طاحنة في الكهرباء، إذ تراوح عدد ساعات وصل التيار يومياً إلى ساعتين أو ثلاث ساعات في أحسن الأحول، قبل أن تتدخل قطر وتركيا وتوفر كميات من الديزل اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، لتزداد ساعات الوصل إلى ثمانٍ. لكن فرحة الغزيين لم تدم طويلاً، إذ فاجأ الرئيس محمود عباس الغزيين في مطلع نيسان (أبريل) بفرض عقوبات عليهم، أهمها حسم بين 30 و88 في المئة من رواتب نحو 65 ألف موظف من موظفي السلطة الفلسطينية، الذين أمرتهم الحكومة بعدم التوجه إلى أماكن عملهم غداة الانقسام الذي وقع عندما سيطرت «حماس» على القطاع في 14 حزيران (يونيو) 2007. كما شملت العقوبات تقليصاً كبيراً في كميات وأنواع الأدوية التي ترسلها وزارة الصحة في رام الله إلى القطاع، إضافة إلى تقليص أعداد التحويلات الطبية للمرضى لتلقي العلاج خارج القطاع إلى نحو 20 في المئة. وتم وقف إمدادات الوقود إلى محطة الكهرباء أيضاً، وفي وقت لاحق قلصت إسرائيل، بناء على طلب السلطة الفلسطينية، كمية الكهرباء التي تزود بها القطاع من 120 ميغاواط إلى 70 فقط، فعاد عدد ساعات وصل التيار إلى أقل من أربع ساعات يومياً. وفي آذار (مارس) شكلت «حماس» اللجنة الإدارية الحكومية، التي رد عليها عباس بعقوبات قاسية جداً. وفي الشهر نفسه، شهد القطاع حدثاً مهماً للغاية، إذ تم انتخاب الأسير المحرر في صفقة «وفاء الأحرار» (شاليت) يحيى السنوار رئيساً للحركة في القطاع، فيما تم انتخاب إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي في أيار (مايو)، وبذلك عادت قيادة الحركة إلى القطاع بعد نحو 20 عاماً على انتقالها إلى الخارج. وشكل انتخاب السنوار صدمة كبيرة في أوساط الفلسطينيين، وإسرائيل، والعالم، إذ إن الصورة النمطية عن الرجل، الذي أمضى أكثر من 20 عاماً في السجون الإسرائيلية، تشي بالتطرف والقسوة وإقصاء الآخر، لكن سرعان ما أثبت الرجل أنه يسعى إلى قيادة قطاع غزة و «حماس» إلى المصالحة والوحدة وإنهاء الانقسام. وفي الرابع من حزيران (يونيو)، وتزامناً مع الذكرى العاشرة للانقسام والذكرى الخمسين لاحتلال إسرائيل هضبة الجولان السورية، وأجزاء من الأردن، وشبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس، حطت قدما السنوار في القاهرة، للمرة الأولى، منذ ربع قرن. استغرقت المحادثات أسبوعاً واحداً فقط، وجاءت المفاجأة الكبرى التي أحدثت تحولاً، وأصبح ما بعدها ليس كما قبلها، إذ توصل خلالها السنوار وعدد من قيادات الحركة إلى تفاهمات جدية مع السلطات المصرية، وأخرى مع زعيم «تيار الإصلاح الديموقراطي» في حركة «فتح» النائب محمد دحلان. فتحت التفاهمات مع مصر ودحلان الطريق واسعاً أمام المصالحة، وحط بعدها وفد قيادي برئاسة هنية، وبرفقة السنوار وعدد من أعضاء المكتب السياسي للحركة من داخل فلسطين وخارجها في أيلول (سبتمبر) الرحال في القاهرة، ومن هناك أعلنت «حماس» حل اللجنة الإدارية، تلبية لشرط عباس، ما فتح الطريق أمام خطوات أخرى. في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) وصل رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية رامي الحمد الله برفقة الوزراء ورؤساء الهيئات الحكومية إلى القطاع لتسلم الوزارات والهيئات من «حماس»، للمرة الأولى، منذ أن سيطرت عليها عام 2007. وفي الثاني عشر من الشهر نفسه، وقعت حركتا «فتح» و «حماس» في القاهرة، برعاية مصرية وتدخل مباشر جدي وفاعل من قادة الاستخبارات العامة المصرية، اتفاقاً يتضمن آليات لتنفيذ اتفاق القاهرة للمصالحة عام 2011. وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وتنفيذاً لاتفاق القاهرة الأخير، سلمت «حماس» معابر القطاع الثلاثة، وهي معبر رفح الحدودي مع مصر، وكرم أبو سالم التجاري، وبيت حانون «إيرز» مع إسرائيل. وفي 21 من الشهر نفسه، وفي ظل تعثر خطوات المصالحة، توجه قادة 13 فصيلاً من القطاع إلى القاهرة، وعقد في اليومين التاليين جلسات حوار، تمخض عن إصدار بيان باهت بدا وكأن الهدف منه إنقاذ المصالحة والحفاظ على ما تبقى من شعلتها. وكادت المصالحة أن تفشل قبل أن يتدخل قادة الاستخبارات المصرية لجسر الهوة بين الطرفين، مكنّت بموجبه «حماس»، قبل العاشر من كانون الأول (ديسمبر) الحكومة من عملها في القطاع، الذي كان شرطاً لرفع العقوبات. وهكذا، يكاد عام 2017 ينتهي فيما يستمر الحصار الإسرائيلي الخانق على نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة، مع استمرار العقوبات التي فرضها عباس على الموظفين، وإغلاق معبر رفح مع مصر، مع فتحه بضعة أيام استثنائياً، فيما اشتعل القطاع مرة أخرى احتجاجاً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 6 كانون الأول (ديسمبر) 2017 اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتحولت إلى مواجهات مع قوات العدو الإسرائيلي المنتشرة على أطراف غزة أسفرت عن استشهاد عدة أشخاص وإصابة عشرات.

مشاركة :