داخل الفصل الدراسي في قافلة «نون» التي أطلقتها دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة مستهدفة الأطفال الذين حرموا من التعليم، تقف معلمة أمام «السبورة» لتعلم المحرومين من القراءة والكتابة دون أي أجر مادي، وهو مشهد يتكرر كثيراً، حيث تتطوع مجموعة من المعلمات المواطنات المتقاعدات من سلك التربية والتعليم والمنتسبات لجمعية الإمارات للمتقاعدين لخدمة هذه الفئة في تأكيد على أن أبناء الدولة جبلوا على فعل الخير. جهود اقتربت «البيان» من مجموعة من المواطنات للتعرف على حكايتهن مع القافلة والطلبة الراغبين في التعلم، وأبرز التحديات الماثلة في هذا المشروع الإنساني الهام والنوعي، مع التأكيد على أن نقف وقفة متأنية لنؤكد حقيقة جلية، وهي أن جهود محو الأمية في إمارة الشارقة كبيرة في أكثر من جانب. فقد أطلقت مبادرة قافلة النون في الثامن من سبتمبر 2016 تزامناً مع اليوم العالمي لمحو الأمية، مستهدفة الأطفال من كافة الجنسيات بعد أن تلمس معاناة هذه الفئة في الحصول على حقها في التعليم بسبب ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية الصعبة فكان المشروع الذي يعلمهم القراءة والكتابة ليخرجوا من الأمية ويستطيعوا بعدها شق طريقهم. وتعمل فوزية حاجي معلمة لغة انجليزية مع القافلة منذ عام ونصف مشرفة على صفين احدهما خاص بالبنين والثاني، تقول: إنها تقاعدت بعد تعرضها لمشاكل صحية أعجزتها في بعض الأحيان عن المشي، بيد أنها رفضت إلا أن تكون جزءاً من مبادرة القافلة، التي تعنى بتعليم أطفال محرومين من حقهم في التعليم، علاوة على شغفها بهذه المهنة، موضحة أنها علمت عن القافلة بالصدفة عبر صديقة لها، وأنها بادرت بالمشاركة، وقالت أنظر إلى الأمر من باب الخير وأن التعليم كالصدقة الجارية وأرى أن هذه الفئة لها الحق في التعلم وعلينا مساعدتهم. نعيمة الحمادي التي تشغل عملاً إدارياً في القافلة تصف المشروع بأنه رائد وجميل يستثمر في جيل من الأطفال حرمتهم ظروفهم القاهرة من ارتياد المدارس ندرسهم ونراعيهم كأنهم أبناؤنا وتشير إلى أن مهمتها تتلخص في وضع الجداول الدراسية وترتيب ورصد حالات الحضور والغياب. أما لطيفة الخاجة فهي معلمة رياضيات وتحمل خبرة طويلة في قطاع التعليم الحكومي,, وذكرت أنها مع القافلة منذ العام الماضي وترى انه من الأهمية بمكان تلبية نداء الأعمال الإنسانية بل وإعطائها الأولوية لأطفال متعطشين للعلم يستجيبون، لكن كأي طلبة يحتاجون إلى مجهود وإخلاص في العمل منهم من أوراقهم مستكملة وبعد تخرج الفوج الأول نجحنا في توزيع عشرة أطفال على مدارس خاصة ليستكملوا دراستهم وينالوا حقهم في التعليم. وقالت التحقت بالعمل في تدريس فئة المحرومين لأنه أحد أوجه الخير الكثيرة وهو فرصة تطوعية بامتياز للعودة إلى أكثر المهن التي أحبها. وذكرت فاطمة إبراهيم أنها تعلم الطلبة في قافلة نون مادة اللغة العربية موضحة أنها التحقت بالقافلة لتوظيف خبراتها التي اكتسبتها خلال عملها معلمة فصل في مدارس الإمارة الحكومية. نداء فاطمة الشطاف أقدم معلمة في القافلة وعضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للمتقاعدين ومنسقة الأنشطة الاجتماعية تعلم الطلبة مادة التربية الإسلامية والثقافة العامة، شغلت سابقاً مناصب عدة إذ عملت معلمة لمدة 11 عاماً، ثم مديرة لمراحل دراسية مختلفة، وهي مستشارة أسرية في الوقت الحالي, تتحدث عن تطوعها في القافلة قائلة أنا متطوعة ومتعاونة مع دائرة الخدمات الاجتماعية انطلقنا من هذا التعاون وبعد إطلاق النداء للمعلمات في الجمعية لبت المدرسات الدعوة خاصة وان الجمعية تحمل شعار خبراتنا لا تتقاعد، و الشطاف تعتقد أن العمل في القافلة هو واجب ديني ووطني وأخلاقي . بدورها تقول المعلمة تغريد محمد زهدي كوني معلمة للغة الإنجليزية بدأت بتدريس المادة لهم ولكن بعد فترة التحقت مدرسة لغة إنجليزية بالمشروع، وأصبح دوري يتمثل في تقديم دروس توعوية مجتمعية لهم كالإسعافات الأولية كوني مدربة إسعافات أولية وتنظر «زهدي» إلى المشروع على أنه عمل انساني بامتياز وانعكاس لمعدن أبناء الدولة المجبول على عمل الخير.. مؤكدة أن دورهم لا يقتصر على تعليم الأطفال، ولكنهم يزرعون الأمل في نفوس الأطفال، وأخبرهم كيف يمكن للتعليم أن يغيّر حياتهم ويخرجهم من عباءة الجهل إلى النور والمعرفة... وأوضحت فايزة خباب مدير مركز التطوع بالدائرة والمشرفة على المبادرة أن القافلة نون وهي عبارة عن وحدة مجهزة بكل المستلزمات الدراسية تم إعدادها كفصل دراسي بهدف الوصول إلى كل الأطفال الذين حرموا من التعليم. وقالت إن هذه المبادرة تطوعية وتم التنسيق مع جمعية الإمارات للمتقاعدين لمدهم بالمدرسين موضحة أن المنهج الدراسي للمبادرة أعده نخبة من المدرسين المتقاعدين بالدولة وأشرف عليه مكتب المعرفة بالدائرة ويشتمل على أساسيات التعليم في اللغة العربية واللغة الإنجليزية والرياضيات والتربية الدينية. 40 وأفادت خلود النعيمي مدير قطاع خدمة المجتمع أن القافلة مستمرة وهذا هو الفوج الثاني، موضحة أن لدى القافلة أسماء كثيرة على قائمة الانتظار، حيث تضم الدفعة الحالية 40 طالباً وطالبة، وأشارت إلى أن الطلبة يتلقون تعليمهم على ايدي نخبة من المعلمات المواطنات اللواتي يوظفن حصيلة ما اختبرنه في الميدان التربوي.
مشاركة :