بعد أسبوع على فشل مفاوضات جنيف، أتاح تقدّم عملي سجّلته محادثات آستانة أمس، لروسيا أن تعيد الزخم إلى مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في منتجع سوتشي، على رغم غموض ما زال يحيط ببعض تفاصيله، لا سيمّا في شأن لائحة المشاركين، مع استمرار «عقدة» التمثيل الكردي وعدم تأكيد المعارضة حضورها. وحددت «الدول الضامنة» (روسيا وإيران وتركيا) في ختام محادثات آستانة أمس، 29 و30 كانون الثاني (يناير) 2018 موعداً لعقد المؤتمر الذي تريد موسكو أن يؤدي إلى إحراز تقدم في مساعي حل الأزمة السورية، فيما حضّت الأمم المتحدة الدول الثلاث على دعم عملية السلام في جنيف. ولم تعلن خلال محادثات آستانة لائحة المشاركين في مؤتمر سوتشي على رغم أن هذه المسألة حالت سابقاً دون تحديد موعد نهائي للمؤتمر بعدما طرحه الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين للمرة الأولى في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. واكتفى البيان الختامي لممثلي روسيا وتركيا وإيران، بالإشارة إلى أن «الدول الضامنة تؤكد عزمها التعاون بهدف عقد المؤتمر بمشاركة شرائح المجتمع السوري كافة». وتعتزم الدول الثلاث عقد اجتماع تحضيري في 19 و 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، يسبق افتتاحه رسمياً. وفي بيان صدر في شكل منفصل، شدد مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا من العاصمة الكازاخستانية على «ضرورة أن تساهم أي مبادرة سياسية في دعم العملية التي تجرى تحت إشراف المنظمة الدولية في جنيف». وذكّر بخططه لعقد محادثات سلام جديدة في جنيف في كانون الثاني (يناير) المقبل، تركز على صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات. وفي حين لم يتمكن مسار جنيف من إحراز تقدّم في جولته الماضية، تأمل موسكو في الاستفادة من التقدم الملموس الذي تحقق في آستانة وأتاح جمع النظام والمعارضة لبحث مسائل ميدانية وعسكرية، من أجل إطلاق الحوار السياسي. إلى ذلك، رحّبت الخارجية التركية أمس، بإنشاء مجموعة عمل في شأن ملف المعتقلين والمفقودين، إضافة إلى نزع الألغام من المناطق التاريخية خلال محادثات آستانة. واعتبرت المعارضة السورية أن إقرار مجموعة العمل خطوة إيجابية لكنها لم تحسم مسألة مشاركتها في «سوتشي»، وأشار رئيس وفدها إلى آستانة أحمد طعمة إلى «مشاورات ستجريها مع القطاعات العسكرية والسياسية لاتخاذ قرار نهائي». في المقابل، حَمَل رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري على أنقرة وواشنطن، واتهمهما بشنّ «عدوان موصوف» على بلاده. وطالبهما بسحب قواتهما من سورية «فوراً ومن دون شروط»، معلناً ذهاب وفد دمشق إلى سوتشي. ولا يزال يتعين حل «عقدة» تمثيل المكوّن الكردي في ظل رفض أنقرة حضور «حزب الاتحاد الديموقراطي»، فيما قال رئيس الوفد الروسي إلى آستانة ألكسندر لافرينتيف أن الحزب الكردي لم يدرَج في لائحة المشاركين في سوتشي. وتابع الديبلوماسي الروسي: «سعينا إلى التأكد من تمثيل الأكراد في المؤتمر على أوسع نطاق ممكن ولكن في الوقت ذاته من دون أن يسبب ذلك رفضاً تركياً». في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس، أن بلاده «أنجزت الانسحاب الجزئي لقواتها المنتشرة في سورية»، والذي بدأ في أواسط الشهر الجاري بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. وقال شويغو متوجهاً إلى بوتين خلال اجتماع مع القادة العسكريين الروس: «إن أمركم في شأن سحب مجموعة من القوات الروسية من سورية أنجِز». وسحبت روسيا في شكل خاص وحدات جوية وأطباء عسكريين وكتيبة من الشرطة العسكرية، وكذلك 36 طائرة وأربع مروحيات. وأوضح شويغو أنه بعد الانسحاب الجزئي، ستبقي موسكو مركز المصالحة الروسي وثلاث وحدات شرطة عسكرية، وكذلك قاعدتي حميميم وطرطوس.
مشاركة :