قراءة في ديوان (معزوفة الريح) للشاعر اللواء/ عبدالقادر بن عبدالحي كمال

  • 12/23/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

* مدخل: إذا الشعر لم يهززك عند سماعه فليس خليقاً أن يقال له شعر - الشعر: موهبة تواكب الشاعر في سن مبكرة من عمره، كغيرها من الهوايات الأخرى، وتظل روضته الزاخرة بجميل الشعر وأعذبه، وشراعه المغرد عبر الشطآن الحالمة، على وقع اللحون الأخاذة بصادق الشعر وأصالته (لغة ... وموسيقى)، وتتألق شاعرية الشاعر وتتأصل كلما أبحر في رياض الشعر قديمه وحديثه (قراءة وحفظاً)، وتزداد نبوغاً وريادة وإبداعاً ونضوجاً وإلهاماً مع مرور الأيام وتعاقب السنين. (والشاعر الحق في نظر مؤلف كتاب «عيار الشعر» أبو الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي هو الذي يُصفي شعره من الشوائب ويراجعه ويحسن حبك أبياته في القصيدة حتى تتألف وتتجانس لفظاً ومعنى). - والشاعرية ليست محصورة على الرجل فقط، فهناك شاعرات قديرات خلّدهنّ التاريخ قديماً وحديثاً وكان لشعرهن صداه الواسع في مجال الشعر العربي الأصيل، كثيراً ما يرجع إليه في كثير من البحوث والدراسات العربية والمناسبات الثقافية القديمة والمعاصرة. - بداية: - بعد ديوانية (رحيل الشموس) 1432هـ و(عكاظيات) 1437هـ يصدر اللواء الشاعر/ عبدالقادر عبدالحي كمال، ديوانه الثالث الموسوم بـ (معزوفة الريح)، ويقع في (95) ص من القطع الصغير، في حلة قشيبة (طباعة وإخراجاً) ويحوي (14) قصيدة من الشعر العربي الأصيل (وزناً وقافية) مع شرح لغوي لبعض مفردات القصائد، وقد سبق إن نشر معظم هذه القصائد في ملحقي «الجزيرة الثقافية» و»الأربعاء» وبعض المجلات الأخرى، كما أشار إلى ذلك في حواشي تلك القصائد. ويتسم شعر الشاعر بالوطنية والوجدانية والحكمة، فمن قصيدة وطنية تساؤلية صاخبة بعنوان (ربيع العرب) أي الربيع العربي ص (82) والذي غير موازين استقرار بعض الدول العربية وإشعال الفتن بين شعوبها وتحويلها إلى صراعات واضطرابات وقتال وتشريد، وقد ذاقت من جراء ذلك الكثير من الويلات وما يزال بعضها يعاني من ذلك حتى الآن! أسمعكم بعض أبياتها (للعبرة.. والاعتبار). يقولونَ: هلَّ ربيعُ العربْ وشبَّ عن الطّوْقِ سعْدٌ ودَبْ وجاءتْ جُموعٌ بلا خِطَّةٍ سِوَى تقْنِياتٍ تُثيرُ العَجَبْ ففي كلِّ يوم لهمْ مَطْلبٌ وفي كلِّ يومٍ لهمْ مُضْطَرَبْ فعُطّلت الدُّور عن دَورِها وطاف بها طائفٌ من رِغَبْ أحقاً أهذا ربيعُ العربْ؟ بُغاثٌ تطيرُ بأحْلامِهمْ وعُقبانُهمْ أذْعَنتْ للشَّغَبْ وبعْضُهُمُ لمْ يُدِرْ ورْشةً ولم يتهيأْ لِجَنْي العُنبْ ونعْجَبُ إذ أفْرزوا حِقْدَهُمْ وجاؤوا بعاصِفةٍ من لهَبْ ولم تُصْغِ أذْنٌ إلى حِكْمةٍ كأنَّ المُنَى أنَّ يَعُمّ الشّغبْ أحقاً أهذا ربيعُ العربْ؟ - للشاعر: في شعر الوجدانيات نصيبه الوافر وأخيلته الحالمة (إلهاماً وعذوبة وتجربة رائدة، ففي قصيدة (أعذب الحب) ص (73) نستمع إلى بعض أبياتها وهو يتفاعل معها (قلباً ورؤى ومناجاة): يا مَنْ كتَبْتُ لها أحْلَى عِباراتي وصُغْتُ منْ أجْلِها شِعْري وأبْياتي لا تَبْعُدي عَنْ مَدى شَوفي وأخْيِلَتي وقَرِّبيني إلى حضنٍ ومَشْهاةِ صُبِّي ليَ الوَجْدَ في أرجاءِ عاطِفتي وبُثِّي الشَّوْقَ في بَوحِ العباراتِ وضَمِّخِي لُغتي عِطراً وأنديةً وجمِّليها بأنفاسِ الصباحاتِ وأوقدي في مسارات الهوى شُعلاً ولوِّنيها بألوان الفراشات يا أعذب الحُبِّ طوفي في مدى أُفُقي وأشرقي في بساتيني وواحاتي - ومن قصائد الحكمة الراقية في أسلوبها الرائدة في معناها نراه يناجي ربه بأسلوب المتضرع الخايف في قصيدة بعنوان (مالك الروح) ص (35) طالباً عفوه ومغفرته ورضوانه مما يكون قد نابه من ذنب وتقصير فرحمته قد وسعت كل شيء. يا مالكَ الرُّوحِ لا تَعجلْ بآخرتي فإنّ في الكأسِ بعْضاً من ثُمالاتِ فقد دَنَتْ لغُروبِ الشَّمس قافلتي وأوشك الموتُ أن يُطفي إضاءاتي يا مالك الرُّوح أحسن عند خاتمتي ردَّدْتُها في دُعائي وابتهالاتي ماذا سألقَى بِلَحْدي حين يحضُننُي؟ وهل سيُبْقي على هالاتِ بسماتي؟ وهل يكون لطيفاً في مُعانقتي؟ وهل يكون حفيّاً في مُلاقاتي؟ وهَلْ أُرَتِّلُ قُرْآناً وأدعِيَةً؟ وهل سَأَقْرأُ مِن حاميمَ آياتي؟ أستغفرُ الله من ترديد أسئلةٍ ومن وساوسِ شيطانٍ ونزْغاتِ - خاتمة: يظل الشاعر اللواء/ عبدالقادر عبدالحي كمال في طليعة شعراء المملكة البارزين تألقاً وإبداعاً وشاعرية وولاءً.. وتفاعلاً مع قضايا أمته ووطنه.. وقد ودعنا بلوحة شعرية أخاذة نابضة بالحكمة يزين بها غلاف ديوانه الأخير.. على أمل اللقاء بنا في إنجازات شعرية قادمة تتفاعل معها المشاعر والأحاسيس. القَلْبُ في شَوْقٍ لعاطفةٍ تستلُّ من نبضاته العطبا والنفس في توقٍ لمُلْهِمَةٍ تُوحي لها الإلهامَ والطّربا يا ربّ رُدّ لخافِقي أملاً وامْدُدْ عليه من الرّجا سببا ** ** علي خضران القرني - كاتب وأديب

مشاركة :