فوز الانفصاليين في كتالونيا يخلط أوراق الحل في مدريدفازت الأحزاب الداعية لانفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا بما يكفي من الأصوات لاستعادة أغلبية ضئيلة في البرلمان، الأمر الذي يهدد بالمزيد من المواجهة بين برلمان الإقليم والحكومة المركزية في مدريد، رغم حصول حزب المواطنين، المؤيد للوحدة مع إسبانيا، على المرتبة الأولى ليحصد بمفرده 36 مقعدا.العرب [نُشر في 2017/12/23، العدد: 10851، ص(5)]انفصالي أم مؤيد.. النتيجة واحدة برشلونة (إسبانيا) - يطرح الانفصاليون في كتالونيا، بتحقيقهم نتائج شبه مماثلة لما حققوه في الانتخابات المحلية الأخيرة، تحدّيا كبيرا لوحدة إسبانيا ولحكومة مدريد التي كانت تراهن على هذا الاقتراع لإضعافهم. وجاء ردّ فعل رئيس الإقليم المقال كارلوس بودجمون على نتائج الانتخابات، على غير المتوقع، حيث دعا من مقر إقامته في بروكسل، رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إلى الحوار من أجل إيجاد حل سياسي لأزمة الإقليم. وقال بودجمون، الفار إلى بلجيكا بعد صدور بطاقة جلب دولية في حقه، الجمعة “إن وصفة ماريانو راخوي غير مجدية، لذا فإننا بحاجة إلى البحث عن سبل جديدة، حل سياسي لأزمتنا”، معربا عن استعداده للقاء راخوي “في أي مكان باستثناء إسبانيا”. وأعلنت المفوضية الأوروبية أن نتائج الانتخابات “لن تغيّر” موقف الاتحاد من الأزمة الكتالونية، في إشارة إلى رفض أي مساع انفصالية عن الحكومة المركزية في مدريد. وقال المتحدث باسم المفوضية ألكسندر وينترشتاين “موقفنا من مسألة كتالونيا معروف جيدا ونكرّره باستمرار وعلى جميع المستويات وهو لن يتغيّر”. وطالبت الحكومة الألمانية الأحزاب في الإقليم الساعي للانفصال عن إسبانيا بالحوار وتهدئة النزاع. وقالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمر “على كافة النواب الآن تشكيل حكومة، إننا نعلق آمالا على النجاح في تجاوز الانقسام الحالي بين المجتمع الكتالوني وصياغة مستقبل مشترك مع كافة القوى السياسية لإسبانيا”. وأضافت ديمر “يتعيّن على كل حكومة مدريد التحرك على أساس سيادة القانون والدستور الإسباني”. وينتظر أن تكون هناك مفاوضات شاقة لتشكيل ائتلاف حكومي، في ظل وجود اختلافات كبيرة داخل المعسكر الانفصالي، حيث أنه في حال توصلهم إلى تفاهم في ما بينهم لتولي زمام الحكم، لا يعرف بوضوح من هي الشخصيات التي ستشارك في الحكومة المحلية. ولم يحسم بودجمون أمره بشكل واضح، ولم يعلن ما إذا كان سيعود إلى كتالونيا أو إن كان سيقوم بترشيح نفسه مرة أخرى. وفي حال قرر زعيم الإقليم السابق الترشح، فمن المتوقع أن تنافسه على المنصب بقوة إيناس أريمادس، المؤيدة للوحدة مع إسبانيا، التي أصبح حزبها يملك 73 مقعدا داخل البرلمان.كارليس بودجمون: مستعدون لإيجاد حل سياسي للأزمة ونطالب بعقد حوار مع مدريد وفي حال فشل أي زعيم في الحصول على أغلبية مطلقة في برلمان الإقليم المكون من 135 مقعدا، سيجري اقتراع ثان يحتاج فيه الفائز إلى الحصول على أغلبية الأصوات. وإذا لم يسفر هذا التصويت عن فائز تستأنف المحادثات لشهرين آخرين، وإذا أخفقت الأحزاب في الاتفاق يُحلّ البرلمان وتجري انتخابات جديدة. ويلاحق رئيس الإقليم المقال بتهمة العصيان والتمرد، حيث سيتم إيقافه في حال عودته إلى إسبانيا. فيما يقبع نائبه أوريول جونكيراس، الذي يتزعم ثاني الأحزاب الانفصالية، في السجن. وقال رسيسو ميشافيلا، الباحث في علم الاجتماع، إن الواقع الاقتصادي سيفرض نفسه على الانفصاليين الذين سيضطرون إلى تليين مواقفهم من أجل وقف تراجع القطاع السياحي والاستثمارات المستمر منذ مطلع أكتوبر الماضي. وأضاف أن النخبة في كتالونيا وبعض أفرادها من المقربين من حزب بودجمون، “يعلمون أن عليهم النهوض مجددا بالسياحة والاقتصاد”. وتحصلت الأحزاب الانفصالية، على أقل من خمسين بالمئة من إجمالي عدد المصوتين في الانتخابات البرلمانية لتحصل على 70 مقعدا لتتخطى بذلك الحد الأدنى اللازم لتشكيل الحكومة وهو 68 مقعدا. وذهب المراقبون إلى اعتبار نتائج الانتخابات، مهما جاءت نتائجها، لن تغيّر شيئا من الأمر الواقع، مستندين في ذلك إلى المادة 155 من الدستور الإسباني، التي طبقتها مدريد في أكتوبر الماضي، بتعليق الحكم الذاتي لكتالونيا، حيث ستعيد تطبيقها مرة أخرى في صورة إعلان انفصال جديد. وذكرت صحيفة” الغارديان” البريطانية، أن أي نتيجة لن تنجح في القضاء على الانقسام الفوضوي الذي يسيطر على البلاد، وستبقى الأزمة محتدمة. وأوضحت الصحيفة أنه مع تقسيم كتالونيا إلى مجموعتين، ووسط استطلاعات الرأي الغاضبة، فإن أي احتمال للحصول على الاستقرار والاعتدال في البلاد بعد هذه الانتخابات، يبقى مجرد احتمال ضعيف. ولفتت إلى أن الانتصار الانفصالي لن يفعل شيئا يذكر لتغيير الأمور، بل قد يؤدي إلى انشقاقات في صفوف حركة الاستقلال؛ فالانفصاليون المتشدّدون يريدون العودة إلى العصيان المدني، فيما أدركت القيادة أنه مع تجاهل الاتحاد الأوروبي لها، فإن الأمر أصبح صعبا. وأكدت الصحيفة أن قيادة الانفصاليين ستسعى فقط إلى استعادة الحكم الذاتي التي تتمتع به كتالونيا، والحصول على عفو عن قادتها الذين تتم ملاحقتهم جنائيا. واختتمت الغارديان قائلة إن اليقين الوحيد هو أن الطرف الفائز سوف يواجه مهمّتين شاقتين: إصلاح الانقسامات في كتالونيا، وتحقيق السلام مع مدريد. واندلعت أزمة بين حكومتي مدريد وكتالونيا في أعقاب تنظيم استفتاء مثير للجدل في الإقليم مطلع أكتوبر الماضي، والذي حظرت تنظيمه المحكمة الدستورية الإسبانية. ومطلع نوفمبر الماضي، أمرت المحكمة العليا الإسبانية بحبس 8 أعضاء في حكومة كتالونيا المقالة تمهيدا لمحاكمتهم على خلفية تهم بـ”التمرد والتحريض وإساءة استخدام الأموال العامة”. وأصدر القضاء الإسباني مذكرة اعتقال وتفتيش دولية بحق رئيس الإقليم السابق، إضافة إلى أربعة من مساعديه، الذين سلموا أنفسهم للشرطة البلجيكية، حيث قضت محكمة بلجيكية مؤخرا بالإفراج المشروط عنهم.
مشاركة :