في عام 2010، انضم الجمهوريون إلى الجماعات المناهضة للمسلمين في معارضة البناء المقترح للمركز الإسلامي في مانهاتن على بعد 10 كلم من منطقة البرجَين التوأمَين. وتزَعَم معارضة البناء النائب السابق في الكونغرس نيوت غينغريتش، الذي وصف المركز بـ«مسجد النصر»، مدعيًا أن المقصود به هو إعلان المسلمين انتصارهم على أميركا. وبناء على هذا الموضوع، أنتجت حملة الكونغرس الجمهوري إعلانات تلفزيونية لاستخدامها في 17 ولاية تجري فيها انتخابات الكونغرس. وحذَّرت هذه الإعلانات من مخاطر «مسجد النصر»، وطالبت المرشحين الديموقراطيين بالإعلان عن معارضتهم لما وصفوها «الإهانة الإسلامية لأميركا». وفي حين فشلت هذه الحملة، لأن مرشحًا جمهوريًا واحداً تمكن من الفوز من بين السباقات الـ17. لكن الحملة أحدثت ضررًا مرة أخرى وأسهمت في تعزيز الكراهية والخوف من المسلمين. وكان استغلال المشاعر المعادية للمسلمين أيضًا من سمات انتخابات عام 2012 وانتخابات 2016. فشلت في عام 2012 عندما أوقفها مرشح الحزب الجمهوري، ميت رومني، لكنها نجحت في عام 2016 بفوز دونالد ترامب. وبصفته مرشحًا ثم رئيسًا، عمل ترامب بجد على تعزيز واستغلال الخوف من المسلمين. فالحجج التي قدمها دفاعًا عن حظر دخول المسلمين إلى أميركا، وسلوكه الشائن تجاه والدَيْ أحد الجنود المسلمين الذي قُتل أثناء الحرب دفاعًا عن الولايات المتحدة، اللذين تحدثا في المؤتمر القومي للحزب الديموقراطي، وتعييناته لرموز معادية للمسلمين في إدارته، كان لكل ذلك أثره في مواقف الجمهور. لكنه الأثر الذي لم يتوقعه ترامب. ويبدو أن سياسات الرئيس، وخطابه المتطرف، وسلوكه غير المنتظم، لم تقف آثارها على تراجع شعبيته فقط، بل تسببت أيضًا في رفض الكثير من الأميركيين من كلا جانبَي الانقسام الحزبي إلى رفض بعض وجهات نظره. وهو ما أطلقت عليه «تأثير ترامب». ففي آخر استطلاع للرأي العام الأميركي الذي أجرته مؤسسة زغبي، نجد أن المواقف الإيجابية تجاه العرب والمسلمين والعرب والمسلمين الأميركيين قد ارتفعت بالفعل إلى أعلى مستوياتها طوال العقد الماضي. وفي حين جاء الارتفاع الأكبر في المواقف الإيجابية من الديموقراطيين والمستقلين، لكنها شملت الجمهوريين كذلك. ومع ذلك، لا يزال هناك انقسام عميق، حيث الجمهوريون أكثر عداء للعرب والمسلمين من الديموقراطيين أو المستقلين. إن الانقسام بين الديموقراطيين والمستقلين من جهة، والجمهوريين من جهة أخرى هو أكثر وضوحًا في مسائل السياسة التي تؤثر في العرب والمسلمين، فعلى سبيل المثال، تعارض أكثرية الأميركيين حظر دخول المهاجرين المسلمين الولايات المتحدة. في حين يؤيد انصار ترامب، ذلك بنسبة هامش %60، بينما يؤيده %12 فقط من معارضي ترامب. وفي هذا السياق، تعرض دوغ جونز روي مور، للهزيمة أمام دوغ جونز في انتخابات ولاية ألاباما لمقعد مجلس الشيوخ الأميركي. وبهزيمة مور يخيب أمل آخر المتعصبين ضد المسلمين. فمور معادٍ للمسلمين ولا يتورع عن المجاهرة بذلك. وقد وصف الإسلام في مناسبات مختلفة، بشتى الأوصاف، وزعم أن هناك مدنًا في أميركا يفرض فيها المسلمون بالفعل الشريعة، وقال إن تبني كيث اليسون الديانة الإسلامية يجب أن يجعله غير مؤهل لعضوية الكونغرس. وحقيقة أن تأتي شخصيات معروفة بعدائها للإسلام إلى ألاباما لدعم حملة مور، مثل ستيف بانون وسيباستيان غوركا، أدت إلى تعزيز التعصب. ومع انضمام مور إلى «مزبلة التاريخ»، يمكننا أن نأمل أن يكون هناك مسمار آخر قد دُقَّ في نعش هذه الظاهرة التي مضى عليها عقد من الزمن، من التعصب الجمهوري ضد المسلمين. ربما تلعب هذه التطورات دور الدعوة إلى اليقظة بأن تشجيع التعصب ضد المسلمين قد فشل، وأدى إلى إثارة الانقسام في البلاد دون تحقيق أي نتائج انتخابية ملموسة. بينما تسببت في زيادة جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين. لقد آن الأوان لأن يتقدم الجمهوريون إلى الأمام وأن ينبذوا دعاة الكراهية من بين صفوفهم. د. جيمس زغبي* * رئيس المعهد العربي – الأميركي في واشنطن.
مشاركة :