تنطلق مبررات الاهتمام بالموهوبين من نقطة مهمة مفادها أن الفروق الفردية تميز كل شخص عن الآخر، فلكل شخص سماته و مميزاته التي تجعله مختلفا عن غيره، فالحاجات و الميول و الرغبات جزء من تكوين كل فرد في المجتمع و التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصيته و بروز قدراته، و في المجتمع الذي نتعايش فيه نلمس وجود الأفراد العاديين و من هم مبدعون موهوبون في مجالات علمية أو مهارية مما يستدعي الاهتمام بهم و توجيه قدراتهم و تطويرها، و تجمع الدراسات على أنه” كلما كان التعرف على الموهبة و توفير الظروف المناسبة لرعايتها في سن أبكر، كلما كانت الفرصة أفضل في استثمار هذه القدرات و توجيهها بشكل أكثر فاعلية و تركيز لصالح الفرد و الوطن”(1) إن الملاحظ لحركة التربية و التعليم الحاصلة يدرك تماما أن عشرات الآلاف من الأطفال و المراهقين الموهوبين و المتفوقين يجلسون في فصولهم، حيث تكون قدراتهم مكبوتة، و غير مدركة و حاجاتهم مهملة غير مشبعة لتصبح هذه الفصول مصدر قلق و ملل كبير لهم، بل أكثر من ذلك أن العديد من الموهوبين ” تكون لديهم عادات دراسية سيئة بسبب التقدم البطيء ونقص التحدي، و بعضهم يكون مضطرا إلى إخفاء مواهبه و مهاراته القوية عن زملائه غير المتعاطفين، في حين أن البعض منهم ييأس من المدرسة كليا و يتسربون منها بقدر ما يستطيعون.(2) إنه ليس بمستغرب أن نجد الكثير من الموهوبين ينفرون من التعليم لا لكرههم له و إنما لكونهم لم يجدوا أنفسهم فيه و لم تنمى قدراتهم من خلال ما يقدم لهم و لشعورهم بالنقص و التضائل أمام من هم أقل منهم في النواحي المعرفية و التحصيلية، فعملية الاهتمام بالموهوبين و توفير البرامج المناسبة لهم عمليه ليست شكلية أو جمالية بل هي عملية مفصلية في حياتهم و في حياة من يعيشون معهم، ” فتقديم الرعاية لهذه الفئة من الطلبة التي تتمتع بقدرات عقلية عالية غالبا ما ينتج عنه إسداء خدمة جليلة للوطن بل و الانسانية متمثلة في تهيئة و إعداد صفوة العلماء و المفكرين و المخترعين ممن يسهموا إيجابيا في بناء الحضارة الانسانية “(1) و من هنا تنطلق مبررات تطوير البرامج الخاصة بالموهوبين من الحاجات الخاصة لهذه الفئة من الطلبة، و التي تحتاج إلى وجود خدمات و برامج تربوية خاصة لتنمية قدراتها و تطوير ملكاتها حيث تستند إقامة البرامج الخاصة بتربية الموهوبين على مجموعة من المبررات كما يذكرها (محمد حامد) في كتابه مشاكل الطلاب الموهوبين في المدرسة وكيفية علاجه والتي تأتي على النحو التالي : 1- كفاية برامج التعليم العام : و التي يقصد بها أن برامج التعليم العام تقدم للجمع بحيث أنها لا تراعي حاجات الطلبة الموهوبين، و هي محددة الوقت، و الفصول مزدحمة بالطلبة، و المعلمون عادة ما يوجهون رعايتهم للطلبة العاديين و لا يقدمون الاهتمام الملائم للموهوبين مما يجعلهم يضجرون و هو أحد أسباب انشاء البرامج الخاصة برعاية الموهوبين. 2- الموهوبون فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة فهم واقعا بحاجة لرعاية خاصة و من حقهم الحصول على فرص متكافئة كغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.(2) و يذكر( الجغيمان و آخرون ) أن هناك أسبابا أخرى تناولت مبررات و أهمية توفير برامج خاصة للطلبة ذوي الموهبة تتمثل في: 1- أن ١٥- ٢٠٪ من المتسربين عن الدراسة هم من طلبة التعليم العام وانهم من ذوي الموهبة و ذلك نتيجة الملل الذي يشعرون به جراء تكرار ما قد تمكنوا منه أو لعدم احتواء المنهج على عنصر التحدي. 2- أنه و على الرغم من التفوق الدراسي الذي يظهره عدد كبير من الطلبة ذوي الموهبة في مدارس التعليم العام، إلا أن نسبة غير قليلة تصل إلى ٥٠٪ من أوقات وجودهم في الدراسة تذهب سدى دون فائدة تذكر . (1) إن المبررات المذكورة ليس من السهل إغفالها و ليس من السهل أيضا تنفيذ بنودها إذا لم يدرك المجتمع أهمية وجود الموهبة و الموهوبين، فالإدراك الكامل بأهميتهم و دورهم هو ما يساعد على بناء برامج مناسبة لهم و تقديم خدمات تجعلهم أكثر قربا للتعلم و أوفر حظا في الإبداع و استثمار الطاقات فأصحاب المواهب هم ثروة كبرى و رأس ماله منتج و تعهدهم بالرعاية هو صمام أمان للمجتمع و عنصر قوة له و استثمار لطاقاته الشابة التي يجب أن توظف للرقي و بناء الحضارة بعيدا عن الملل و الضجر و التسرب الذي قد يحصل لهم نتيجة لعدم الفهم الجيد لاحتياجاتهم . المراجع : (1) الجغيمان ، عبدالله (2017). الدليل الشامل لتخطيط برامج تربية الطلبة ذوي الموهبة ، المملكة العربية السعودية ، العبيكان للنشر ، ص 17-18. (2) جيري ، ديفس ،وآخرون (2014). تربية الموهوبين والمتفوقين ، كتاب مترجم ، الاردن ، عمان ، ط 1 ، ص 20. (3)حامد ، محمد ( 2017). مشاكل الطلاب الموهوبين في المدرسة وكيفية علاجها ، عمان ، دار المحرر الاداري ، ص 154-155
مشاركة :