إعداد: أحمد البشير تثبت بيانات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نتائج دراسة أجرتها الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في العام الماضي والتي تشير إلى أن السيارات الكهربائية الأكبر حجماً يمكن أن تنبعث منها كمية أكبر من الغازات الدفيئة خلال دورة حياتها، بما يزيد على انبعاثات المركبات التقليدية الأصغر حجماً. وليست الغاية من هذه المقارنة الجدال حول مدى كفاءة تقنية أو أخرى، أو التقليل من شأن السيارات التي تروج لنفسها بأنها «عديمة الانبعاثات». ولكنها تثير قضية مركزية حول هذا القطاع وهي هل الحكومات ومنتجي السيارات يطرحون الأسئلة الصحيحة حول الجيل المقبل من السيارات؟ ويدفع صناع السياسة قطاع إنتاج السيارات نحو حقبة جديدة، إلا أن أوروبا وأمريكا والصين لم تقم حتى الآن بإعداد الأجهزة التنظيمية المناسبة للتمييز بين المركبات الكهربائية، والحكم بشأن مزاياها البيئية. وفكرة أن بعض السيارات التي تعمل بمحركات احتراق يمكن أن تكون أكثر نظافة من بعض المركبات الكهربائية «عديمة الانبعاثات» ببساطة لا معنى لها في البيئة التنظيمية الحالية. ومن وجهة نظر حكومية، فإن جميع السيارات الكهربائية متساوية عندما يتعلق الأمر بمدى صداقتها للبيئة، بغض النظر عما إذا كان حجمها كبيراً أم صغيراً أو أنتجت بكفاءة أم بهدر الكثير من الموارد، أو مدعومة بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية أم الفحم. ويقول رونالد دول، مدير الابتكار في شركة «أنو أنيرجي»، وهي مجموعة تدعم الطاقة المستدامة:«السيارات الكهربائية عديمة الانبعاثات حسب التعريف، والجهات التنظيمية تقيس فقط ما ينبعث من ماسورة العادم. لكن ليست هناك ماسورة عادم في هذه السيارات!».وللتحقق من الأثر البيئي الكامل للسيارات الكهربائية، يتعين على المنظمين تحليل دورة حياة إنتاج هذه السيارات، بما في ذلك مصادر الحصول على المعادن الأرضية النادرة التي تشكل جزءاً من بطارية السيارة، إضافة إلى الكهرباء التي تشغل المحرك، وإعادة تدوير مكوناتها. وقد أصبحت هذه الدراسات شائعة لدى الباحثين الذين يفضلون إجراء مقارنات مباشرة مع سيارات البنزين والديزل. وإذا كانت هذه الدراسات تهدف لإعلام واضعي السياسات التنظيمية، فإنه سيكون لها تأثير كبير على صناعة السيارات في العقود المقبلة. وكما يبدو فإن السيارات الصغيرة مثل ميراج قد تصبح قيادتها غير قانونية في المدن بجميع أنحاء أوروبا والمملكة المتحدة والصين بحلول عام 2030، باعتبار أن قرارات الحظر المقبلة على السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق لن تولي أي اهتمام للاقتصاد في استهلاك الوقود أو كفاءة الإنتاج.واقترحت بروكسل قواعد جديدة للترويج للسيارات الكهربائية، ما يهدد بعقوبات مالية على شركات صناعة السيارات التي تفشل في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 30% بين عامي 2020 و2030. ولكن في الوقت الحاضر لا توجد خطط لتحليل دورة الحياة لمزايا السيارات الكهربائية، وليس من المتوقع إجراؤها في أي وقت قريب. وبدلاً من ذلك، يجري تحفيز الصناعة لإدخال مركبات كهربائية، ما يولد رد فعل عنيف من قبل المسؤولين التنفيذيين الذين يشعرون بالقلق من أنه لا توجد حتى الآن معرفة كافية بالآثار المترتبة على ذلك.وقال كارلوس تافاريس، الرئيس التنفيذي لشركة «بي إس إيه» لصناعة السيارات الفرنسية خلال معرض فرانكفورت للسيارات في سبتمبر/ أيلول الماضي:«نحن ننتقل من عهد السيارات المحايدة تكنولوجياً إلى اتباع تعليمات تقضي بتصنيع السيارات الكهربائية فقط. لذلك إذا كان هناك، في غضون 20 إلى 30 عاماً، قضايا تتعلق بالصحة أو السلامة، فإنها ستكون من مسؤولية الحكومات. إن حدثت أي مشكلة، فإن المسؤولية تقع على الحكومة».وتظهر دراسات دورة حياة السيارات الكهربائية إن فكرة «الانبعاثات الصفرية» مضللة على الأقل حتى الآن. ويتم استهلاك الكثير من الطاقة في عملية تصنيع بطاريات الليثيوم أيون وإعادة شحنها، على نحو لا يمكن معه أن يكون الأثر البيئي معدوماً. يبدو أن سيارة ميتسوبيشي ميراج المتواضعة لا تمتلك أياً من السمات المميزة للسيارات الصديقة للبيئة المستقبلية، حيث تعمل بالبنزين ومزودة بمحرك احتراق داخلي تنتج عنه انبعاثات غازات دفيئة تخرج من عادم السيارة. ولكن عندما يتم تقييم الانبعاثات الكربونية الناتجة عن سيارة ميراج خلال دورة حياتها الكاملة، بدءاً من شراء المكونات والوقود إلى إعادة تدوير أجزائها يمكن أن تكون هذه السيارة صديقةً أكثر للبيئة من سيارة تسلا، شركة السيارات الكهربائية الرائدة في الولايات المتحدة. ووفقاً لبيانات مختبر «ترانسيك» التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن سيارة تسلا من طراز «Model S P100D» تنتج 226 جراماً من ثاني أكسيد الكربون (أو ما يعادلها) لكل كم على مدى دورة حياتها، أي أقل بكثير من انبعاثات سيارة بي إم دبليو من طراز «7 Series» البالغة 385 جراماً لكل كم، ولكن سيارة ميراج ينبعث منها 192 جراماً فقط. انخفاض أكبر الدراسات المتعددة تظهر أن السيارات الكهربائية لا تزال صديقة للبيئة أكثر بكثير من السيارات ذوات محركات الاحتراق، والفجوة آخذة في الاتساع كل عام. ووفقاً ل «اتحاد العلماء المعنيين»، تنتج السيارة الكهربائية العادية في الولايات المتحدة حالياً أقل من نصف كمية انبعاثات الكربون التي تطلقها السيارة التقليدية خلال فترة حياتها. وفي الوقت الذي يحل فيه مزيد من مصادر الطاقة المتجددة المتولدة من أمثال طاقة الرياح والطاقة الشمسية مكان الفحم في الشبكة الكهربائية، سيصبح الانخفاض أكبر.والدراسات التي تجريها شركات صناعة السيارات تؤيد هذه الفكرة، فقد توصل تقرير عن دورة الحياة من شركة فولكسفاجن إلى أن سيارة «إي جولف» التي تنتجها الشركة من شأنها أن تخفض الانبعاثات 26 %، مقابل سيارة الجولف العادية، عندما يتم تشغيلها بواسطة الكهرباء.
مشاركة :