أزمة البحث العلمي في الجامعات أكبر تحد يعوق التنمية في المغرب بقلم: محمد بن امحمد العلوي

  • 12/26/2017
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

النموذج التنموي بالمغرب رهين بالعمل على تحويل اقتصاد البلاد إلى اقتصاد معرفة واقتصاد أخضر واقتصاد مواطن، وكذلك إلى اقتصاد مندمج.العرب محمد بن امحمد العلوي [نُشر في 2017/12/26، العدد: 10852، ص(17)]رهان على التخطيط للمستقبل الرباط - يسعى المغرب بالاعتماد على مؤسساته الرسمية واجتهادات مجموعة من الأكاديميين إلى ترصّد أزمة البحث العلمي داخل الجامعات وتحديد مسبباتها الموضوعية والإكراهات التي تواجه الارتقاء به مع اقتراح حلول عملية لتجاوز هذه الوضعية على كافة الأصعدة. وفي هذا الإطار يأتي عقد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مؤخرا لندوة دولية بالرباط حملت عنوان “تقييم البحث العلمي: الرهانات والمنهجيات والأدوات”‎، بمشاركة خبراء من مختلف الجامعات الدولية المرموقة لتزويد المغرب بالمقاربات والأدوات المناسبة لممارسة التقييم وتجاوز تخلف منظومة البحث العلمي. وأكد عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن المجلس يعمل على وضع تصوّر لتقييم البحث العلمي مع التركيز على المناهج والأدوات الملائمة والناجعة لذلك بغرض تقديم التوصيات التي من شأنها أن ترفع من مستوى البحث الوطني وتزيد من فعاليته وتأثيره على النموّ الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. وأشار عزيمان، الذي يشغل أيضا منصب مستشار ملكي، إلى أنّ تقييم البحث العلمي لا ينبغي أن يكون مجرّد شعارات بل يجب أن يساهم في تطوير البلاد في وقت نحن مدعوون فيه للتفكير في نموذجنا التنموي لأجل تكييفه مع حاجيات المواطنين وتطلعاتهم.المجلس يعمل على وضع تصوّر لتقييم البحث العلمي مع التركيز على المناهج والأدوات الملائمة والناجعة وحول تقييم منظومة البحث العلمي في المغرب أكد أناس المشيشي، الأستاذ الباحث في جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس لـ”العرب”، أن من المؤشرات التي تجعلنا نخلص إلى ضعف البحث العلمي بالمغرب كونه لا يشكّل أولوية لدى الفاعل السياسي باعتبار أنه مازال منتكسا في توفير الظروف الملائمة للتمدرس الجامعي من بنى تحتية ومدرجات ونسبة تأطير جيدة، بالإضافة إلى ضعف الميزانية المخصصة له، حيث لم تتجاوز 0.8 بالمئة من الناتج الداخلي الخام بالمغرب، وبالتالي غياب استراتيجية وطنية للبحث العلمي تنخرط فيها المؤسسات الجامعية. وربط عزيمان بين تطوّر النموذج التنموي وأزمة البحث العلمي بالمغرب، حيث أكد أن نموذجنا التنموي رهين بالعمل على تحويل اقتصادنا إلى اقتصاد معرفة واقتصاد أخضر واقتصاد مواطن، وكذلك إلى اقتصاد مندمج، مشددا على ضرورة مواءمة البحث العلمي والابتكار مع جميع هذه الأبعاد بغاية الوصول إلى الحلول الفعلية والتطورات الضرورية لهذا التحوّل، في توافق تام مع الأهداف الجهوية المتقدمة كتوجه استراتيجي للبلاد. ومن جهتها، قالت رحمة بورقية، مديرة الهيئة الوطنية للتقييم، إن تطوير البحث العلمي يعتبر رهانا لكل الدول وخصوصا منها الدول النامية التي تعرف مؤسساتها الجامعية تطورا متزايدا مع وجود هياكل للبحث صاعدة ومجموعات علمية جنينية أو ناشئة. وحول ضرورة التكامل بين النموذج التنموي وبين البحث العلمي يرى أناس المشيشي أن واقع الجامعة المغربية بشكل عام يتسم بالبيروقراطية والبطء في الاستجابة للتغيّرات والتمركز في تسييرها وغياب الآفاق الاستراتيجية وعدم نجاعة التدابير الإدارية والمالية، كما أن المقاولة تتسم بضعف هويتها وضعف حضورها في الجامعة، متسائلا حول مدى قدرة الجامعة على تفعيل مختلف الموارد البشرية والمالية والشبكات للوصول إلى الأهداف التنظيمية والتي هي في الواقع حاسمة لمواجهة التحديات الخارجية. ويخلص المشيشي إلى أن تحقيق ذلك يرتبط في الواقع، في ظل اقتصاد المعرفة، بقدرة الجامعيين على تبنّي التحولات التي تواجهها الجامعة خارجيا من خلال إصلاح بنية التدبير الجامعي، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات.عمر عزيمان: ينبغي تحويل البحث العلمي من شعار وتكييفه مع حاجيات المواطنين ومن جهتها لفتت رحمة بورقية، إلى أن البحث العلمي ذا الجودة يؤثر بشكل إيجابي على الجامعة وسمعتها ويعمل على تثمين باحثيها ويساهم في إشعاعهم وطنيا ودوليا. وأوضحت في كلمتها خلال الندوة، أن تجربة الدول المتقدمة في هذا المجال تبرز أهمية البحث العلمي والتقني في تقدّمها ونمائها وفي تقدّم المعارف الإنسانية الكونية. وأضافت الأكاديمية والباحثة المغربية أن الدول الغربية استطاعت بفضل تطوير البحث وتقوية الابتكار أن تضمن لنفسها موقعا متميّزا في عالم يعرف التنافس الشرس حول احتكار سلطة المعرفة، مؤكدة أن أهم إشكال يعوق تطوير البحث العلمي هو صدور الأبحاث باللغة العربية. وأكد أساتذة باحثون لـ”العرب” أنّ من المؤشرات الدالة على وضعية البحث العلمي الحكامة أو تدبير الجامعات والمؤسسات الجامعية التي لا تزال تتخبط في قضايا الاكتظاظ ومختلف القضايا اليومية عوض الخوض في الأمور الاستراتيجية وربط الترقية الداخلية للأستاذ الجامعي بتوفير ملفات لا يمكن أن تساهم في تطوير البحث العلمي وصقل موهبة الباحث. وربط هؤلاء أسباب الضعف الكامن في مجال البحث العلمي في المغرب بغياب التحفيز بالنسبة إلى الباحثين النشيطين والذين ينشرون ويقدمون أبحاثهم في منابر دولية مرموقة، إضافة إلى التراجع المستمر لمستوى المرشحين لولوج إطار الأستاذ الباحث والذين هم نتاج منظومة تعاني من عدة اختلالات بعدّة محطات ومستويات. ولاحظ الباحث المغربي أناس المشيشي ضعف التقدّم في المشاريع البحثية بالنسبة إلى المؤسسات الجامعية المختصة في العلوم الإنسانية والعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مع تسجيل استئثار العلوم الصحيحة بهذه المشاريع، مستدركا أنه ليس ضمن أولويات الاقتصاد الوطني، ولكن ضمن أولويات مختبرات بحث أجنبية. وعلى مستوى الابتكار وتثمين البحث العلمي سجّل الباحث المغربي ضعف التعاون بين المقاولة والجامعة، والذي مردّه ضعف التحفيز لدى الفاعل الاقتصادي للانخراط وتمويل الأبحاث العلمية بالجامعة. وأوردت مديرة الهيئة الوطنية للتقييم أن أغلب الأبحاث بمنطقة العالم العربي تصدر باللغة العربية ولا تخضع للقياس، ولها ولوج محدود للمجلات المفهرسة الدولية، وبالتالي لها حضور ضعيف في الفضاء الدولي للمعرفة. وتتراوح نسبة المقالات التي ينتجها باحثون مغاربة والتي تنشر باللغة الإنكليزية على المستوى الدولي بين 85 و90 بالمئة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، في حين أن المنشورات باللغة الفرنسية لا تتعدى 6 بالمئة. وهو ما يجعل مسألة تطور البحث العلمي في المغرب أمرا جدّ صعب، بحسب رحمة بورقية، مديرة الهيئة الوطنية للتقييم، إذا علمنا أن لغة التدريس المتبعة في أغلب الجامعات المغربية وفي البحوث الجامعية هي الفرنسية والعربية. ويتضح أن عدد المنشورات العلمية المحكمة في تزايد، غير أن هذه النسبة تبقى متواضعة جدا وتختلف الإحصائيات بحسب خصوصية المؤسسة الجامعية. ووفقا للمشيشي يتضح بشكل جليّ إذا ما وزعنا هذه المنشورات المحكمة على عدد الأساتذة بكل مؤسسة جامعية، ليتجلى بوضوح عدم انخراط الأساتذة في مقاربة وتصور شامل لاستراتيجية واضحة المعالم، وكذلك ضعف هياكل وبنيات البحث العلمي بالجامعة.

مشاركة :