توقع تقرير لبنك الكويت الوطني أن يسجل الاقتصاد العماني نمواً معتدلاً في العامين 2018 و2019، لكن مع وجود بعض الضعف. وقال: لا يزال النشاط الاقتصادي رهن أداء القطاع النفطي نظراً لعدم تطور خطط الحكومة بشأن التنويع الاقتصادي، كما أن تراجع أسعار النفط قد ترك أثره على النمو وأصبح من أهم التحديات المالية الماثلة أمام الاقتصاد. ومن المتوقع أن تسجل الحكومة عجزاً ضخماً في موازناتها خلال السنوات المقبلة مع عدم وجود إيرادات كافية للتعويض عن المصروفات الجارية، كما سيؤدي ارتفاع مخزون الدين العام إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة. وقد تؤدي النزاعات في المنطقة وتشدد السياسة النقدية العالمية إلى ضعف البيئة التمويلية الخارجية، مما قد يؤدي بدوره إلى ضعف احتياطيات عُمان الخارجية. ارتفاع إنتاج الغاز وتم تخفيض توقعات النمو لعام 2018 إلى %2.4 من %2.9 لتعكس تمديد فترة خفض الإنتاج من قبل «أوبك» والدول الأخرى (والتي من بينها عمان) حتى ما بعد مارس 2018، بينما لا يزال الاستهلاك الحكومي والخاص معتدلاً. وسيساهم انطلاق مشروع حقل خزان في إنعاش الاقتصاد بالإضافة إلى العمل على تنفيذ رؤية 2020، إلا أن استقرار أسعار النفط وسياسة التشديد المالي سيؤديان إلى اعتدال الاستهلاك والاستثمار. وبينما من المفترض أن تنتهي فترة خفض الإنتاج في عام 2019، فمن المتوقع أن يعود الإنتاج إلى مستويات ما قبل الخفض، مما سيساهم في إنعاش نمو القطاع النفطي. وسيساهم النمو السريع والثابت في إنتاج الغاز (إلى 5 مليارات قدم مكعبة) في دعم القطاع أيضاً. وسيتسارع الاستهلاك الشخصي بوتيرة معتدلة تماشياً مع تلاشي الأثر المباشر لضريبة القيمة المضافة. وعلى الرغم من القيود المالية فإن السلطات ستستمر في السعي لتنفيذ رؤية عمان 2020، مما سيساهم في تنشيط وتيرة المشاريع التي من شأنها تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وتشير مجلة «ميد» للمشاريع إلى أنه من المتوقع أن تقوم السلطات بترسية عدد من المشاريع في الفترة ما بين 2018 و2022 بقيمة تصل إلى 149 مليار دولار (ما يساوي %190 من الناتج المحلي الإجمالي) وستتم ترسية معظمها (125 مليار دولار) في أول عامين. وستركز المشاريع على تطوير قطاع البتروكيماويات والسياحة والقطاعات اللوجستية التي تعد من أهم محاور التنويع الاقتصادي، مع التركيز أيضاً على منطقة دقم الاقتصادية. ولكن لا يزال ضيق الأوضاع الاقتصادية يشكل مصدراً للقلق حول إمكانية تنفيذ الرؤية الاقتصادية، وذلك مع الاعتماد بالوقت نفسه على تحسن أسعار النفط وبيئة الاستثمار الأجنبي. وقد عملت الحكومة على إطلاق بعض المبادرات الاقتصادية التي من ضمنها قانون الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى الشراكات الضخمة في مجال الاستثمار الأجنبي والتمويل. إذ من المفترض أن يساهم تحالف من الشركات الصينية في تطوير جزء كبير من مشروع مدينة الدقم بميزانية تصل إلى 11 مليار دولار للاستثمار على مدى خمسة عشر عاماً. وقد دخلت عمان في أغسطس 2017 في شراكة مع الكويت لتطوير مصفاة الدقم التي ستكون من أضخم المشاريع التابعة لمجمع دقم للبتروكيماويات، والذي من المتوقع أن تتم ترسيته في عام 2020، ويفترض أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 230 ألف برميل يومياً. كما حصلت بعض الشركات الحكومية على تمويل خارجي لتطوير المشاريع، من ضمنها شركة نفط عمان التي اقترضت بقيمة مليار دولار. اقتصاد السلطنة استفاد من الأزمة الدبلوماسية قليلاً.. ولكنه سيتأثر بها سلباً على المدى الطويل في حين استفادت عمان من الأزمة الدبلوماسية الخليجية بشكل قليل، إلا أنها قد يكون لها تأثير سلبي على الأوضاع على المدى الطويل، لا سيما في حال إذا أعاد المستثمر الأجنبي تقييم جاذبية المنطقة للاستثمار والتي تعد السلطنة في أمسّ الحاجة إليه. فقد ارتفعت بالفعل عوائد السندات العمانية تماشياً مع العوائد السعودية بعد أن شنّت الأخيرة حملة قوية مضادة للفساد. التضخم والعجز المالي واستقر التضخم عند %1.6 على أساس سنوي في سبتمبر على خلفية تسارع أسعار المواد الغذائية والنقل والمواصلات. ومن المتوقع أن يسجل التضخم مزيداً من الارتفاع في عام 2018 ثم يشهد ثباتاً في 2019 تماشياً مع استمرار السلطات بتحرير أسعار الطاقة وغيرها من السلع والخدمات وفرض ضريبة القيمة المضافة في أواخر النصف الثاني من عام 2018 لتقابل التراجع من انخفاض أسعار المواد الغذائية والطاقة العالمية. ومن المرجح أن يصل متوسط التضخم إلى %3 خلال فترة التوقعات. ومن المتوقع أن يستقر متوسط أسعار النفط عند مستوى 55 دولاراً للبرميل في عام 2018 حتى عام 2019. ولكن مع بلوغ سعر التعادل العماني متوسط 92 دولاراً في الفترة ذاتها، فمن المتوقع أن يستمر عجز الميزانية. وسيتقلص العجز خلال فترة التوقعات، ولكنه سيظل ضخماً عند %12 من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2018 و%11 خلال 2019، كما سيكون تمويل هذا العجز تحدياً صعباً. ومن المتوقع أن تسجل الإيرادات الحكومية نموا جيداً في 2018 و2019، حيث من المزمع أن تبلغ متوسط الإيرادات بعد انطلاق مشروع حقل خزان نحو 200 مليون ريال سنوياً. وعلى الرغم من عدم وجود توقعات بأن يتم فرض ضريبة القيمة المضافة حتى النصف الثاني من العام المقبل، إلا أنه من المقدر أن تضيف ما يقارب 0.6 مليار ريال في الإيرادات السنوية، مما سيؤدي إلى بلوغ متوسط نمو الإيرادات الحكومية خلال العامين المقبلين %6. ونقدر ارتفاع المصروفات الحكومية بصورة معتدلة بنسبة تتراوح ما بين %1 إلى %3 سنوياً في عامي 2018 و2019 تماشياً مع زيادة التحديات السياسية للتقشف المالي وتراجع النمو الاقتصادي. ومن المفترض أن تتراجع المصروفات حسب التوقعات بشأن نمو الإيرادات بواقع %3 سنوياً في الفترة بين 2018 و2022 لتحقيق التوازن في الحساب المالي، والتي تعد أقل من تقديرات «الوطني». التحديات المالية والديون وتشير توقعات «الوطني» إلى حاجة تمويلية تصل إلى 9 مليارات دولار في عام 2018 و8 مليارات دولار في 2019، أي أقل من المتوسط السنوي البالغ 12 مليار دولار للفترة بين 2015 و2017. وقد يعزى جزء من ذلك إلى انخفاض أصول الحكومة التي من ضمنها أصول صندوق الثروة السيادية المقدرة بنحو 24 مليار دولار والاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي البالغة 16 مليار دولار. إلا أن الحكومة ستتجه أيضاً لأسواق الدين المحلية والعالمية، فقد اقترضت 10 مليارات دولار عالمياً في عام 2017 وفي حال استمرارها على وتيرة الاقتراض السابقة قد تتمكن من اقتراض 7 مليارات دولار سنوياً لكل من 2018 و2019. وسيساهم ذلك في نمو مخزون الدين الحكومي إلى %47 و%52 من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، وذلك من %30 في 2016. مما سيؤدي بدوره إلى زيادة الضغوط من الفائدة إلى %6 من إجمالي الإنفاق في 2019 مقارنة بعام 2016 عند %1.5. ومن المحتمل أن تتراجع الأوضاع التمويلية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة القلق حول وضع الحكومة المالي، إذ قامت وكالتا «ستاندرد أن بورز» و«موديز» بخفض تصنيف عمان على إثر تلك المخاوف. عجز الحساب الجاري وستستمر عمان في الاقتراض في الحسابات الخارجية. وسيستمر عجز الحساب الجاري خلال عامي 2018 و2019، وذلك مع تقلص العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة ارتفاع الفائض التجاري، حيث سيعوض الثبات في أسعار النفط والارتفاع في صادرات الغاز الطبيعي المسال التأثيرات الناتجة عن النمو في الواردات. ومن المتوقع استقرار نمو تحويلات العمالة الوافدة إلى الخارج نتيجة ضعف سوق العمل، بينما من المتوقع أن يساهم التركيز على السياحة وتسهيل بيئة الأعمال في احتواء العجز في حسابات الخدمات والدخل. وقد جاء عجز الحساب الجاري بمعدل ضعيف لأول مرة منذ ثلاث سنوات ليبلغ متوسطه نحو %8 من الناتج المحلي الإجمالي على مدى عامين. وسيزيد ذلك من حاجة عمان لجذب 13 مليار دولار في الاستثمار لتجنب المزيد من التراجع في الاحتياطيات الرسمية. ومن المتوقع أن تتراجع الأوضاع النقدية تماشياً مع ارتفاع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بمعدل ضعيف للتعويض عن غلاء المعيشة، وتماشياً مع تراجع النمو نتيجة ضعف النشاط الاقتصادي. من المرجح أن يتراجع نمو الائتمان إلى %7 في 2018 و2019 مقارنة بـ%9 في الفترة ما بين 2014 و2017 مع اتجاه أكبر عاملين محركين للائتمان وهما الأشخاص والشركات غير المالية إلى التأقلم مع ضريبة القيمة المضافة وتباطؤ النمو الاقتصادي. ويتوقع «الوطني» أن يحافظ البنك المركزي العماني على ارتباط العملة رغم ما تواجهه من بعض التحديات في الأسواق الخارجية. فقد قفز سعر الصرف الآجل لفترة الاثني عشر شهراً عند أعلى من السعر المتاح في يوليو 2017 ليصل إلى 84 نقطة بعد الأزمة الدبلوماسية الخليجية. وانخفض منذ ذلك الحين ليعاود ارتفاعه بعد موجة محاربة الفساد التي شهدتها السعودية. وقد استقر سعر الصرف الآجل لفترة الاثني عشر شهراً عند مستوى أعلى من السعر المتاح بواقع 63 نقطة، وذلك اعتباراً من الرابع من ديسمبر 2017. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي ارتفاع الفائدة الأميركية إلى زيادة الضغوط، إذ قد ترتفع أسعار الفائدة المحلية تماشياً معها نتيجة ارتباط العملة. ولا يزال القطاع المصرفي يتمتع برسملة جيدة، إذ تشير احصائيات مصرف عمان المركزي حول سلامة الأوضاع المالية ربع السنوية (يونيو 2017) إلى أن مخاطر الائتمان لا تزال متدنية مع بلوغ القروض المتعثرة %1.9 من إجمالي القروض. كما جاءت الرسملة مرتفعة، مع بلوغ كفاية رأس المال %16.6 في الربع الثاني من 2017.
مشاركة :