لا تجزع يا صديقي من ضريبة القيمة المضافة

  • 12/28/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يشعر قطاع من الجمهور بالقلق كلما اقتربنا من تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الأول من يناير 2018، في أول سابقة في تاريخ دولة الإمارات. ويعتقد العديد من الناس أن هذه الترتيبات الجديدة ستفرض كلفة إضافية على ميزانيتهم اليومية والشهرية، إلا أنني أقول لهؤلاء: لا داعي للقلق، فهي تسمى بـ«القيمة المضافة» وليست الكلفة المضافة، لكن السؤال هو: قيمة مضافة لمن؟ يبدو الجواب للوهلة الأولى هو أنها مضافة لدخل الحكومة، لكن الحقيقة أن ضريبة القيمة المضافة يمكن أيضاً أن تحسّن ميزانية الكثيرين، من خلال توفيرها فرصة ضخمة للاقتصاد في المشتريات. ربما يكون هؤلاء في حيرة من هذه العبارة، ويتساءلون: كيف يمكن ذلك؟ فلنفكر في ضريبة «القيمة المضافة» بطريقة إيجابية، وننظر إلى نصف الكوب الممتلئ، ولا ننظر إلى النصف الفارغ، ولنكن إيجابيين. ولو فكر الناس قليلاً، يمكن أن تغير ضريبة القيمة المضافة حياتهم رأساً على عقب، فهي لا تصبّ فقط في خزينة الحكومة، وإنما تساعد أيضاً في المحافظة على البيئة، وتساعد على تحسين قطاعَي الصحة والتعليم، فضلاً عن الدفع قدماً بالبنية التحتية العامة للدولة، من خلال استغلال أموال الضريبة في هذه المشروعات. ينبغي أن يعرف الجمهور ذلك جيداً، ولكن عليه أن يفهم أيضاً الفوائد التي ستعود من «القيمة المضافة» على الحياة الفردية للإنسان. ثمة مثال بسيط للتدليل على ذلك: فعندما يذهب شخص للتسوق من محال البقالة في الأول من يناير المقبل، عليه ألا يضع البضائع في عربة التسوق الخاصة به كما كان يفعل من قبل، فمعظم سكان دولة الإمارات يتصفون بهذه العادة، إذ يعبئون فقط عربة التسوق أثناء سيرهم بين مجموعة الأرفف في ممرات المحال المكدسة بالبضائع من جميع أنحاء العالم، لأنه لا توجد ضرائب في هذا البلد. لكن مع قدوم الأول من يناير 2018 ينبغي أن يكون المستهلك أكثر وعياً بما يشتريه، وعليه أن يشتري الضروريات فقط، ولا يشتري ما لا يحتاج إليه بالفعل. وألا يرمي الطعام في «سلة المهملات» لأنه لن يتمكن من استهلاكه. وعليه ألا يلقي بالطعام الصالح للأكل في النفايات، لأنه تكدّس داخل خزانات المطبخ، ونسيه هناك لفترة من الوقت، ولأن الثلاجة لا تسعه، أو لأن تاريخ صلاحيته انقضى وعليه أن يرميه بعيداً، يا له من تبذير! مهارة الانتقاء بعناية لما يشتريه المستهلك قد تستغرق بعض الوقت لإتقانها، لكن عليه أولاً أن يتقن الأساسيات في نهاية المطاف، ويستطيع عن طريق ذلك أن يوفر ليس فقط 5% بل أكثر، إذ ربما يوفر حتى 10% من تكاليف معيشته اليومية. ويمكن أن تمتد هذه الممارسة لتشمل فواتير الهاتف، إذ ربما لا يحتاج إلى 600 دقيقة للمكالمات الهاتفية في الشهر، وربما لا يحتاج إلى 18 غيغابايت من البيانات كل شهر. قد يرغب في تقليل هذه الكلفة، وينسحب الشيء نفسه على فواتير الكهرباء، وسيتذكر أن من الضروري إطفاء كل الأضواء قبل أن يغادر غرفته، وأن يغلق الطاقة الكهربائية عند الانتهاء من مشاهدة التلفزيون. ربما لا يكون في حاجة إلى مكيف الهواء في غرفة خالية، وكل ذلك يعني فاتورة مخفضة نتيجة لما فعله، ثم ماذا عن الملابس؟ قد تكون خزانات ملابس الشخص ممتلئة بأحدث التصاميم والموضات، لكنه يمضي في شراء الملابس وتُخزينها في أي خزانة فارغة في منزله، خزانة أحذيته تمتلئ بشكل كامل، لكنه يظل مصمماً على اقتناء الأحذية التي نادراً ما يستخدمها، إنها مجرد عملية اكتناز واستمرار في الاكتناز، لكنه سيفكر الآن مرتين قبل دخوله أي متجر بعد انبهاره بالعروض التي تعكسها واجهة العرض. لذلك يتوجب على المستهلك أن يبذل جهداً للحد من هذه العادات السيئة، وسرعان ما سيرى صحته تتحسن ومحفظته تزدهر. ما يبعث على القلق ألا يرى المستهلك مخاطر المشروبات السكرية والوجبات السريعة، وعليه أن يخفض الاستهلاك، إذ ليس هناك طائل من وراء ذلك. وبالتالي، يرجى أن يتمعن المرء في الفوائد التي يمكن أن توفرها ضريبة القيمة المضافة لحياة الأفراد والمجتمع، كما أن الاستهلاك الأقل عشوائية سيقلل من انبعاثات الكربون، وبالطبع ستكون هناك فوائد طويلة الأجل للبيئة. اعتباراً من الأول من يناير ستصبح ضريبة القيمة المضافة حقيقة واقعة، لابد من التعامل معها كجانب جديد من جوانب الحياة، والأفضل أن يتعامل معها المرء كحقنة في ذراعه، إذ سيشعر في البداية بالألم لكن سرعان ما سيخف الألم الحقيقي، ويعتاد على ضريبة القيمة المضافة، وستصبح جزءاً من حياته، وستزول التحفظات الأولية ويطويها النسيان، في الوقت الذي تظهر الفوائد على السطح وتصبح واضحة وضوح الشمس.  رئيس تحرير صحيفة «جلف نيوز»

مشاركة :