الحصاد الثقافي في مصر 2017

  • 12/29/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تباينت الأوراق الثقافية المتساقطة من عام 2017 في قدرتها على إحداث دوائر وتأثيرات في مياه البحيرة المصرية، فثمة أوراق تبعتها ضجة واسعة تخطت الحدود الإقليمية كانتخابات اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) التي تقدّمت لها السفيرة مشيرة خطاب وأخفقت فيها، وأرجع كثيرون ذلك إلى انحسار الدور الثقافي المصري. ضاع على مصر خلال عام 2017 لقب «العاصمة العالمية للكتاب 2019»، وخسرت مليون يورو، لعدم إعداد ملف قوي يستطيع المنافسة في المسابقة التي تنظمها «اليونسكو»، حتى وقع اختيار اللجنة الدولية على الشارقة كعاصمة عالمية للكتاب تقديراً لدورها البارز في دعم الكتاب وتعزيز ثقافة القراءة وإرساء المعرفة. وفيما ظلت دوائر الإبداع القصصي والروائي والشعري في اتساع ولا تتوقف عجلة المطابع عن الدوران، شهدت القاهرة مؤتمرات وفعاليات تنديداً بالعمليات الإرهابية التي احتلت جانباً من المشهد الثقافي، ولكن من دون أن تكرس جهداً أو دوراً حقيقياً في التصدي له بالوعي والمعرفة. مشروع العواصم وقع الاختيار خلال عام 2017 على محافظة الأقصر لتكون «عاصمة للثقافة العربية»، ضمن مشروع العواصم الثقافية العربية. مصر غابت عن التتويج بهذا اللقب منذ 21 عاماً من انطلاق مبادرة اختيار إحدى المدن العربية لتكون عاصمة الثقافة العربية لمدة عام، وكانت القاهرة أولى هذه العواصم في عام 1996. وبعد 12 عاماً كاملة من انطفاء الأنوار في مجمع الفنون الذي استغرقت عمليات تطويره والاهتمام به نحو عقد من الزمان، تمكنت أخيراً وزارة الثقافة المصرية من افتتاح المجمع في مايو الماضي، ورافق ذلك تدشين وزير الثقافة حلمي النمنم معرض «من كنوز متاحفنا»، الذي ضمّ أبرز المقتنيات الفنية العالمية لرواد مصريين في عرض تشكيلي أعاد الروح إلى مجمع الفنون، ومثّل فرصة للفنانين والنقاد والجمهور للتعرف إلى هذا الإرث الفني الضخم الذي تحويه متاحف مصر. وبعد غياب 18 عاماً أعاد المجلس الأعلى للثقافة جائزة نجيب محفوظ إلى الواجهة، ورُفعت قيمتها، وتحقّق التوسع في شروطها لتصبح مفتوحة للعرب وليس للمصريين فحسب. إسهامات إبداعية زخرت مكتبة الإبداع المصري بأعمال مميزة تنوعت بين الرواية والكتب الأدبية، والقصص والسير الذاتية. الروائي المصري الشاب الذي اعتاد تصدّر واجهات المكتبات متبوعاً بـ«الأعلى مبيعاً» أحمد مراد صدرت له خلال العام رواية «موسم صيد الغزلان»، فيما أصدر السياسي المصري البارز وأمين عام الجامعة العربية الأسبق، عمرو موسى مذكراته «كتابيه» التي نشرتها «الجريدة»، وسجلت أرقام مبيعات قياسية. الكاتب والباحث عمار علي حسن صدر له هذا العام عمل مميز بعنوان «خبيئة العارف» عن الدار المصرية اللبنانية، وهي سيرة الشيخ محمد ماضي أبو العزائم، مؤسس الطريقة العزمية، الذي تُوفي عام 1937، أما عز الدين شكري، الكاتب المصري الذي تقلد مناصب دبلوماسية عدة، فصدرت له هذا العام رواية «كل هذا الهراء». حوادث مؤسفة أحد أكثر العناوين التي تناقلها مثقفو مصر خلال هذا العام إغلاق أكثر من مكتبة كبرى، من ضمنها مكتبات «ألف والبلد وميريت»، ما تسبب في حالة غضب تناوبت على فترات في الحقل الثقافي المصري. كذلك شهد هذا العام اقتياد عاملين في الوسط الثقافي إلى مقرات الشرطة بسبب مشاكسات، أمثال الشاعر عبد الرحمن مقلد، والناقد مدحت صفوت، وماهر عبد الواحد، والشاعر محمد رياض... وقد أخلي سبيلهم في النهاية. وبعد عقدين من الزمان على محاولة اغتيال أديب نوبل المصري نجيب محفوظ، استيقظ الوسط الثقافي على محاولة اغتيال مماثلة في حق أحد أوائل من تنبؤوا لمحفوظ بالعالمية، وهو الكاتب والأديب وديع فلسطين، بعدما هاجم ملثمون شقته في مصر الجديدة واعتدوا عليه وسرقوا مذكراته وأفقدوه الوعي، قبل أن يضبطهم الأمن المصري. كذلك اهتز الوسط التشكيلي بخبر صاعق عن سرقة خمس من أهم اللوحات للفنان التشكيلي الكبير محمود سعيد من داخل متحف الفن الحديث بدار الأوبرا، ولكن ضُبط السارق بعد خمسة أيام من العملية. راحلون شهد العام رحيل قامات مبدعة، أبرزهم سيد حجاب الذي رحل عن عمر يناهز 77 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، وهو أحد أبرز الشعراء المصريين وغنى له كثير من المطربين المشهورين، ومن أشهر أعماله مسلسلات «أرابيسك، والمال والبنون، وليالي الحلمية، وبوابة الحلواني»، وله دواوين شعرية من بينها «مختارات سيد حجاب، وصياد وجنية». كذلك رحل الكاتب والناقد يوسف الشاروني عن عمر يناهز 92 عاماً، وهو أحد الكتاب الكبار الذين نبغوا في كتابة القصة القصيرة، وحصل على جوائز وأوسمة عدة، من بينها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة الدولة التشجيعية في النقد الأدبي، وجائزة الدولة التشجيعية في القصة القصيرة، وله مؤلفات من بينها «العشاق الخمسة، ورسالة إلى امرأة، والزحام، وآخر العنقود». رحل أيضاً السيناريست محفوظ عبد الرحمن، والناقد عبد المنعم تليمة، والشاعر محمد أبو المجد، والشاعر أسامة عفيفي، والناقد والمترجم طلعت الشايب الذي يعد أحد أشهر المترجمين العرب، ومن أشهر ما ترجمه إلى العربية كتاب «صراع الحضارات» لصموئيل هنتنغون، وكتاب «الشرق الأوسط» لدوغولاس ليتل، و"المثقفون» لبول جونسون. وأبى العام أن يرحل إلا ويصطحب معه الأديب مكاوي سعيد والكاتب صلاح عيسى. رحل الأخير عن عمر يناهز 78 عاماً بعد صراع مع المرض، وهو شارك في تأسيس وإدارة صحف ومجلات، من بينها «الكتاب» و«الثقافة الوطنية» و«الأهالي» و«اليسار» و«القاهرة». كذلك أصدر أول كتبه «الثورة العرابية» عام 1979، وأتبعه بأهم المؤلفات في الأدب والتاريخ والفكر السياسي، أبرزها: «مثقفون وعسكر، ودستور في صندوق القمامة، وحكايات من دفتر الوطن، وتباريج جريح، ورجال ريا وسكينة، وجلاد دنشواي، وشاعر تكدير الأمن العام»، وغيرها من كتب.

مشاركة :