احتجاجاً على سوء إدارة الحكومة للبلاد، عمت التظاهرات أرجاء إيران، في ذكرى الحركة الخضراء، رافعة شعارات «الموت» للمرشد الأعلى علي خامنئي، ورئيسي الجمهورية حسن روحاني، والسلطة القضائية صادق لاريجاني، لتشمل بذلك جميع أجنحة النظام الإيراني، باستثناء صقور الإصلاحيين. وبينما كان البعض يتصور أن التظاهرات ستخرج معترضة على الغلاء وسوء إدارة البلاد، فإن الشعارات التي رُفعت كانت أعلى سقفاً وتحولت ضد النظام. وبدأ الحراك في مدينة مشهد، حيث رفع المتظاهرون شعارات «الموت لروحاني» و«الموت للديكتاتور» و«لا لغزة ولا للبنان... عمري فدا إيران»، وينتسب الشعاران الأخيران إلى اعتراضات ما بعد انتخابات عام 2009، المعروفة بالحركة الخضراء، وفيها كان المتظاهرون يلقبون المرشد بالديكتاتور. واضطرت الشرطة إلى استعمال رشاشات المياه والقنابل المسيلة للدموع، وفي النهاية، إلى إطلاق الرصاص الحي لمنع تقدم المحتجين، الذين تجمعوا في ساحة الشهداء بمدينة مشهد، إلى حرم الإمام الرضا. وسرعان ما امتد الحراك إلى مدن نيشابور وكاشمر القريبتين من مدينتي مشهد ويزد في جنوب شرق البلاد أيضاً. وتحولت تظاهرات عمالية للمطالبة بالرواتب في مدينة تبريز إلى احتجاجات سياسية أيضاً، إذ رفع المتظاهرون شعارات مشابهة لشعارات «مشهد»، بعد أن وصلت مشاهد التظاهرة إلى هناك. وتصادم مؤيدو الرئيس السابق أحمدي نجاد مع بعض من ادعوا أنهم أنصار خامنئي، في مدينة بوشهر جنوبي إيران، واندلعت اشتباكات بالعصي والأيادي. وردد أنصار نجاد شعارات ضد روحاني والمرشد الأعلى، الذي انتقد أمس الأول تصرفات الرئيس السابق وأعوانه تجاه السلطة القضائية ورئيسها. وتشهد مدينة الأهواز العربية في محافظة خوزستان، تظاهرات حاشدة ضد روحاني وحكومته منذ الاثنين، إثر تسريب رسالة لأحد مساعدي الرئيس يقترح فيها إقامة سدود إضافية على نهر كارون، الذي يمر في خوزستان، لتحويل مياهه إلى المناطق الجافة الأخرى من البلاد، كما يهين نواباً من المحافظة. وبلغت الاحتجاجات أوجها، أمس، وردد متظاهرون شعارات منتقدة للمرشد والنظام، في حين هاجم آخرون الحوزة العلمية في مدينة شيراز وأضرموا النار فيها، رافعين شعارات ضد روحاني وخامنئي. وتجمع أهالي مدينة كناوة، بشكل سلمي في الساحات، اعتراضاً على الوضع الاقتصادي، دون رفع أي شعارات، إلا أنهم تحولوا إلى العنف، بسبب تصادم القوى الأمنية معهم، وردوا على قمعهم بمهاجمة مديرية المحافظة وقطعوا سكك الحديد وقلبوا الباصات وأضرموا النار فيها، ليعرقلوا السير، احتجاجاً على دخول الوحدات الخاصة من الحرس الثوري على الخط، ومحاولتها تفريق المتظاهرين بالعنف والضرب واعتقال بعضهم. وامتدت التظاهرات، بعد ظهر أمس، لتشمل مدن بيرغند في شرق إيران، وزنجان في غربها. وكانت مدينة أصفهان قد شهدت احتجاجات ضد الحكومة لم تهدأ منذ أسبوع. أما في طهران، فقد هاجم بعض المعترضين حسينيات ومساجد، أشهرها حسينية منطقة دركة، وأضرموا النار فيها ليلاً. واتهمت الأجهزة الأمنية عبدة الشيطان بافتعال هذه الحوادث. وبدأت معظم هذه التظاهرات في أكثر المدن الإيرانية، بعد قيام الرئيس حسن روحاني بتقديم لائحة ميزانية حكومته للعام المقبل، إذ أثارت الميزانية تخوف الشعب من ارتفاع الضغط الاقتصادي عليهم. وبالفعل، بمجرد تقديم الميزانية؛ بدأت أسعار السلع الأساسية بالبلاد في الارتفاع بشكل خيالي. واضطرت الأجهزة الأمنية إلى أن تقطع الاتصالات والإنترنت عن جميع المدن التي شهدت تظاهرات، وتقوم بمحاصرة هذه المدن تخوفاً من انتشارها إلى مدن أخرى. ولم يكن هناك أي تقرير عن حصيلة الاحتجاجات، لكن بعض الشهود، الذين أمكن التواصل معهم، أكدوا لـ «الجريدة» أن ما يزيد على مئتي شخص جرحوا إثر ضربهم من الأجهزة الأمنية، وتم اعتقال ما يزيد على خمسمئة شخص في مدينة مشهد فقط.
مشاركة :