يواصل الصهاينة جرائمهم العنصرية بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأبي، خاصة أولئك المرابطون في الأقصى وأبناء مدينة القدس البواسل، ويكفي وجودهم حتى اليوم وصمودهم في وجه أسلحة وقنابل ومدرعات ودبابات الاحتلال، والتي قتلت منهم المئات وأصابت الآلاف، لكن صمودهم غير المعهود وغير المسبوق في أي مكان في العالم يضرب مثلا لكل ذي بنان في التضحية والإباء، ويبني أجيالا أبية تعرف قيمة أرضها وكرامتها.ومن الرموز العديدة التي صارت أيقونة من أيقونات الانتفاضة الفلسطينية في وجه المحتل الغاصب، فتاة شقراء في عمر الزهور، لم تتجاوز بعد السادسة عشر من عمرها، هي طفلة في عمرها، لكنها كانت كالفهود في وثبتها، كانت كأعظم الثوار في هبتها، كانت كرجل عملاق عندما صفعت أحد جنود الصهاينة، فوصلت لطمتها إلى كل المنتمين للكيان الصهيوني، أثارهم ما فعلته الثائرة عهد ابنة الثوار سليلة الأبطال، فهي المناضلة التي تنتمي عائلة كتبت اسمها بحروف من نور في سجلات التاريخ العربي.واجهت عهد جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة بأيدي خاوية ككل المناضلين الفلسطينيين، ولم تعبأ بما يحملونه من أسلحة، بل هبت في وجههم رافضة لاقتحامهم بيتها، لا لشيء سوى لأنها فلسطينية تعيش في الأرض المحتلة، والتي يخطط الاحتلال للسيطرة عليها كلها، ولم يكتف بحدود 1967، ولم يكتف بما توصلت إليه جهود السلام السابقة، ولا حل الدولتين لتكون القدس الغربية للاحتلال والشرقية لدولة فلسطين.رفض الاحتلال ويرفض المستوطنين كل ما كنا نحن العرب نرفضه في السابق، خاصة بعد ما شهدوه من دعم منقط النظير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قرر (فرد عضلاته) على الأمة العربية كلها، بعد أن ادعى أنه ستكون له علاقات طيبة بنا، ورحب بالرئيس عبدالفتاح السيسي ترحاب ظننا من خلاله أن علاقات المنطقة المستقبلية بأمريكا ستكون علاقات دافئة، لكنه باغتنا بمواقف داعمة للصهيونية أكثر مما يدعمون هم أنفسهم، وظهر متشددا للاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ولقرار نقل سفارة بلاده للقدس أكثر من كل اليهود، لقد ظهر مدافعها عن إسرائيل أكثر من رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو.ومنذ القبض على المناضلة الصغيرة عهد التميمي، خرجت دعوات صهيونية خبيثة تطالب بالاعتداء الجسدي والجنسي عليها، كما ترفض محاكم الاحتلال الإفراج عنها، في إجراءات وانتهاكات فاضحة وكاشفة لجرائم الكيان الصهيوني، بحق الطفولة البريئة في فلسطين، بعد أن تجاوزت جرائمهم الحصر، وطالت الشيوخ والشباب والنساء والأطفال، وها هم المستوطنين الذين قبلوا العيش على أرض مغتصبة، يكشفون عن وجههم القبيح ويطالبون جنود جيش الاحتلال بالاعتداء على طفلة وانتهاك براءتها، في رسالة يريدون توصيلها للأمة كلها وليس لعهد أو أسرتها أو حتى الشعب الفلسطيني.تلك الرسالة التي يريد المحتل إيصالها للأمة العربية لا تقل بشاعة عن الرسالة التي أرسلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما ضرب بـ"خاطر" العرب جميعا عرض الحائط، وأعلن اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وحدد موعدا لنقل سفارة بلاده بعد الانتهاء من بنائها في مدة لا تزيد عن 6 أشهر، وقد وصلتنا الرسالة وفهمنا فحواها، لكننا نعجز عن الرد، نعم نعجز عن الرد ولا يمكننا القيام بما من شأنه وقف القرار الأمريكي، وقد تحركت دبلوماسيتنا بقوة نشكرهم عليها، لكن (حق البلطجة) الفيتو الأمريكي كان صخرة تحطمت عليها جهودنا.لكن ومع كل هذا يبقى المناضلين من أبناءنا في القدس أشواك في حلوق الصهاينة، يحولون بينهم وبين (راحة البال)، نعم لن يهنأ المحتل بأرضنا العربية، ولن يعيش مطمئنا في أقصانا المحاصر وقدسنا المقيدة، سيبقى كل شهيد شوكة في حلوق الصهاينة.. وستبقى عهد التميمي شوكة في حلوقكم.. فعهد ليست مجرد طفلة صفعت جندي إسرائيلي، بل هي فكرة وإيمان داخل كل فلسطيني بل وكل عربي، والفكرة لا تموت والإيمان عقيدة والعقيدة تبقى للأبد.
مشاركة :