2017/12/28 حان الوقت لاتخاذ خطوات تصعيدية حقيقية من شأنها كبح جماح الإرهاب الإيراني في المنطقة، خاصة بعد أن طفح الكيل، ولم يبق فى قوس الصبر منزع، فبعد كل هذه التدخلات والاعتداءات السافرة لإيران وأذنابها في دول المنطقة، يبدو منطقياً جداً أن تتم الدعوة إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة الخطر الإيراني، وذلك من أجل مواجهة فعّالة وإجراءات عملية لمواجهة الشر الذي يمثله نظام الملالي بعد أن عانت المنطقة من التدخلات الإيرانية التخريبية في دولها، وأدرك الجميع مؤخراً أن مجابهة نفوذ طهران بشتى الطرق هو أمرٌ لا بد منه، وأن المواقف السلبية أو المتريثة حيال ذلك باتت غير عقلانية بالمرة، بل تستغلها طهران لتمارس مزيداً من مكائدها ورجسها. فإيران تبجحت علناً باحتلالها لأربع عواصم عربية، هي: بغداد وبيروت وصنعاء ودمشق، وتحويلها إلى حاميات إيرانية، هكذا تشدق ذات يوم حيدر مصلحي وزير الاستخبارات الإيراني السابق، ناهيك عن التدخلات الأخرى في دول المنطقة وإثارة الفتن والقلاقل فيها، ففي اليمن تتدخل إيران في النزاع اليمني عبر دعمها العسكري للحوثيين بما في ذلك الصواريخ البالستية منتهكة قراري مجلس الأمن، رقم 2231 الخاص بالاتفاق النووي الذي يمنع إيران من نقل أو بيع أو توريد أسلحة، ورقم 2216 الذي يحظر على أي طرف نقل أسلحة إلى المتمردين الحوثيين وحلفائهم، وفي لبنان نجد ميليشيا حزب الله تنفذ الأجندة الإيرانية جهاراً نهاراً، أما سوريا فقد تحوّلت إلى ساحة للميليشيات الإيرانية والأفغانية تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، هذا إلى جانب التغيير الديموغرفي وعمليات التهجير الجماعي التي تقوم بها إيران على الأرض السورية، وباتت ملفاً حقوقياً يلاحق إيران في المحافل الدولية، بينما تشكل الميلشيات الطائفية التابعة لإيران في العراق تهديداً حتى لأمن الشعب العراقي نفسه. وتتوافق هذه التدخلات كلها مع المشروع التوسّعي لإيران القائم على الاستثمار في الغرائز المذهبية، التي من خلاله أيضاً تسعى لإثارة الفتنة في البحرين والسعودية، حيث يعتمد نظام ولاية الفقيه على مبدأ «تصدير الثورة»، الذي يُترجَم عملياً إلى نشر للفتن والاضطرابات في دول المنطقة، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، وفي إطار ذلك تضرب إيران بعرض الحائط كل الاتفاقات والمعاهدات الدولية والمبادئ الأخلاقية. وبخلاف التدخلات المباشرة، فإن إيران تستغل الاتفاق النووي لتطوير برنامج نووي للأغراض العسكرية، بعيداً عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدليل رفضها إجراء عمليات تفتيش على بعض المنشآت العسكرية والعلمية التي يشتبه في أنها قامت بأنشطة مشبوهة داخلها، هذا إلى جانب ملف الصواريخ التي تطورها إيران بغرض عدائي على دول المنطقة، وهنا يجب ذكر الصواريخ البالستية التي أطلقها الحوثيون نيابة عن صانعيها الإيرانيين، على السعودية خلال الفترة الماضية، التي تمثل أحد أهم جوانب الدعم الذي تقدمه إيران لحلفائها. وهذا كله غيضٌ من فيض من جرائم وتدخلات النظام الإيراني. داعش الإيراني مع انتهاء شبح دولة الخلافة المزعومة «داعش»، والرعب الذي سببه للعالم بأسره يعود العالم إلى التسليم بأن إيران هي المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فمنذ اليوم الأول لتولي إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للحكم، حدّد إستراتيجيته حيال المنطقة، باعتبار إيران هي الدولة الأكثر خطراً على العالم، وكان التصريح الأكثر انتشاراً لترامب هو «إيران هي الدولة الإرهابية رقم واحد في العالم»، قبل أن يتبعه وزير دفاعه «جيمس ماتيس» منذ أن تولى حقيبة الدفاع قائلاً إن «إيران أخطر من تنظيم داعش على المدى البعيد»، وقبل أيام قليلة.. أصدر معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي (i*is)، تقريراً حول مستقبل العراق بعد تطهير البلاد من تنظيم داعش الإرهابي، أشار فيه إلى ضرورة تخلص العراق من التبعية لإيران لضمان تلاحم الوحدة الوطنية في البلاد، وشرعية الحكومة ليكون ولاؤها الأول والأخير للعراق وليس لإيران، معتبراً أن جماعة الحشد الشعبي الموالية لإيران تعدّ أكثر خطورة من تنظيم داعش، محذراً من تأثير النفوذ الإيراني على المستقبل العراقي، بحجة إعادة الإعمار. وبحسب دراسة للباحث «مجيد رافي زاده» فإن النظام الإيراني بشكله الحالي أخطر على الأمن العالمي من تنظيم داعش، وقد استندت الدراسة إلى مجموعة نقاط أبرزها: أن الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الحرس الثوري وفيلق القدس تكتسب غطاءً قانونياً داخل إيران، لأنها تنفذ بأوامر من أشخاص يحكمون الدولة، كما أنّ قوة وقدرات المجموعات الإرهابية مثل داعش ومثيلاتها تضعف وتنتهي مع مرور الوقت كما حصل مع القاعدة سابقاً، لكن السيطرة المتزايدة لإيران على المنطقة ستستمر إذا لم يوقفها أحد، كما أن القدرة العسكرية للإرهاب الإيراني تزودها موارد اقتصادية مفتوحة من موارد الدولة الإيرانية، وهو ما يسمح لطهران بتوظيف مئات الآلاف في أعمال عنف وإرهاب، وتزويدهم بأسلحة حديثة وقوية، مثل الصواريخ البالستية التي تمّ إطلاقها من اليمن على المملكة ويشير «رافي زاده» إلى أن أبحاثاً ودراسات كثيرة تبرز كيف أنّ إيران وحدها تساعد تقريباً نصف المجموعات الإرهابية العالمية، وخلصت الدراسة إلى أن المجموعات الإرهابية حول العالم عوارض، لكن النظام الإيراني هو الخطر الحقيقي الأبرز، وهو عرّاب الإرهاب والتطرف. تحالف دولى ضد الخطر الإيراني ومع تزايد الدلائل التي تؤكد التورط الإيراني في كل الأزمات التي تشهدها المنطقة، عقدت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة «نيكي هايلي» مؤخراً مؤتمراً صحفياً عرضت خلاله صوراً لحطام الصاروخ الذي أُطلِقَ على مطار الملك خالد الدولي في بداية نوفمبر الماضي، وأوضحت أن الخبراء العسكريين الأمريكيين توصلوا إلى استنتاج بأن هذا الصاروخ إيراني الصنع، مشددة على أن الولايات المتحدة رفعت السرية عن هذه الوثائق بهدف منع إيران من استمرار تصرفاتها غير الشرعية، محملة طهران المسؤولية عن تأجيج الأزمات في الشرق الأوسط. وهنا لا يمكن إغفال الدعوة التي وجهتها فرنسا لشركائها الغربيين لإجراء حوار حازم مع إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، وإلى مفاوضات محتملة بشأن هذه القضية بشكل منفصل عن الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع القوى الكبرى عام 2015م، من جهة أخرى فقد ذكرت مصادر مطلعة في وزارة الدفاع الأمريكية أن وزير الدفاع «جيمس ماتيس» طلب من المسؤولين وضع الخطط العسكرية في الوزارة والتفكير في خطوات يمكن اتخاذها ضد إيران على خلفية التوتر السائد معها مؤخراً، وتتركز التكتيكات على كيفية استخدام القوات الأمريكية من أجل إضعاف أو احتواء النشاطات الإيرانية في الدول المجاورة، دون حصول مواجهة عسكرية مباشرة مع طهران، كما دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد إيران عبر فرض عقوبات لانتهاكها قرار حظر إرسال أسلحة إلى اليمن، في وقت أكدت ألمانيا أنها تعمل على مواجهة الدور الإيراني في المنطقة بشكل مشترك مع الولايات المتحدة، حيث دان وزير الخارجية الألماني «زيغمار جابرييل» إطلاق الحوثيين للصواريخ الباليستية على الرياض، مشيراً إلى أن برلين والرياض متوافقتان بشأن الدور السياسي الخارجي الذي تلعبه إيران في المنطقة، مضيفاً أن بلاده تريد مواجهة مشكلة الدور الإيراني في المنطقة. كذلك أدان الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، محاولة ميليشيات الحوثي الإيرانية استهداف الرياض وأكد دعم فرنسا وتضامنها مع المملكة ضد أي تهديد لأمنها، مؤكداً ضرورة العمل على مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ومشدداً على موقف بلاده الواضح تجاه الدور الإيراني التخريبي المتمثل في دعم الميليشيات الحوثية وتزويدها بتقنيات الصواريخ البالستية لمهاجمة المملكة والاستقرار في المنطقة. وفى ظل هذا الإجماع الدولى المتزايد على خطورة التهديد الإيراني لم يكن مستغرباً أن يعلن الرئيس الأمريكي في إطار إستراتيجيته الجديدة أنه سيتعامل بحزم من طهران، مؤكداً أن «الوقت قد حان كي ينضم العالم بأسره في مطالبة الحكومة الإيرانية بإنهاء سعيها إلى الموت والدمار»، وتتضمن الإستراتيجية الجديدة عناصر أساسية أهمها: تحييد التأثير المزعزع للاستقرار الذي تمارسه الحكومة الإيرانية وكذلك تقييد عدوانيتها، ولا سيما دعمها للإرهاب والمسلحين، وإعادة تنشيط التحالفات الأمريكية التقليدية والشراكات الإقليمية ك «مصد ضد التخريب الإيراني» واستعادة أكبر لاستقرار توازن القوى في المنطقة، وكذلك حرمان النظام الإيراني، ولا سيما الحرس الثوري، من تمويل أنشطته الخبيثة ومعارضة أنشطة الحرس الثوري الذي يبدد ثروة الشعب الإيراني، مع مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية والأسلحة الأخرى الموجهة ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وحشد المجتمع الدولي لإدانة ومواجهة الانتهاكات الجسيمة للحرس الثوري لحقوق الإنسان وحرمان النظام الإيراني من المسارات المؤدية إلى سلاح نووي. وإذا كان هذا هو التوجه الجديد للمواجهة، فلا يجب أن ننسى أن دول المنطقة، خاصة الدول الخليجية، حاولت مراراً أن تمد يدها بالسلام كي تتعايش سلمياً مع إيران وتقيم علاقات حسن الجوار، إلا أن إيران ردت على ذلك بإشاعة الفتن الطائفية والمذهبية، والتحريض والقتل والتدمير، وإثارة القلاقل والإضطرابات، ويرى كثير من المحللين السياسيين أنه لا مفر من تكثيف الجهود الدولية لمواجهة إيران دبلوماسياً وعسكرياً فى تكتل واحد، شبيه بالتحالف الذي أسسته الولايات المتحدة قبل عامين للتصدي لخطر تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا.
مشاركة :