في العراق فساد «كان نملة وأصبح ديناصوراً»

  • 12/30/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ينتهي المطاف بالمتورطين في قضايا فساد في العراق إلى هاربين خارج البلاد بجيوب تفيض بالمال أو خارج القضبان بعد أن يعفى عنهم، على رغم وعود السلطات بمحاربتهم بالطريقة ذاتها التي خاضتها ضد الإرهابيين. في بلد يحتل المرتبة العاشرة بين الدول الأكثر فساداً في العالم تتقاذف السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية وهيئة النزاهة الكرة في عملية محاربة الفساد، ويرى المحلل السياسي هشام الهاشمي أن الموضوع ما زال «نظرياً». قبل إعلان النصر النهائي على «داعش» مطلع كانون الثاني (يناير) قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن المعركة المقبلة ستكون ضد الفساد. وأقرّ قبل أيام بأن هذه المعركة ستكون «قاسية والإجراءات تسير على قدم وساق وهناك قوائم قيد التحقيق وسنفاجئ الفاسدين». لكن الهاشمي يؤكد أن لا شيء سيتغير «ما لم ترفع الحماية الفساد المسيطرة على مفاصل اقتصاد وأمن وعسكر العراق». وترى النائب ماجدة التميمي أن «الفساد وصل إلى مرحلة ديناصور بعدما كان نملة» منذ غزو العراق لإزاحة نظام صدام حسين عام 2003. وتضيف: «من المؤكد أن الموضوع صعب وأشرس من الحرب على داعش». وتوضح: «كل الأحزاب لديها فاسدون ولا أتصور حزباً من دون فاسدين، هناك نسب تراوح حول طبيعة الاستحواذ على السلطة»، مضيفة: «إذا كان الفاسدون من داخل حزبك، فالحرب ستكون شعواء وتحتاج إلى دعم دولي وداخلي من الأحزاب نفسها لمكافحته». وتسيطر الشكوك على إمكان تنفيذ أي شيء ناجع وحاسم. وقال أحد السياسيين لمجموعة من الصحافيين ساخراً إن «المسؤول الذي يسرق أقل من 60 مليون دولار، ينظر إليه بأنه نزيه، عندما يكون الحديث عن فساد على مستوى عالٍ». وأكد عضو لجنة النزاهة في البرلمان النائب رحيم الدراجي، أن هناك «أكثر من خمسة آلاف عقد وهمي، وتسلمت شركات وهمية نسبة تراوح بين 30 و60 في المئة من الأموال استناداً إلى هذه العقود». وأضاف أن «كمية الأموال التي أهدرت في مشاريع بناء وبنى تحتية، على الورق فقط، بلغت 228 بليون دولار»، مشيراً إلى أن هذه المبالغ «تطايرت مثل الدخان». وتفوق هذه الأموال ثلاث مرات الموازنة الوطنية وإجمالي الناتج المحلي للبلاد. ويرى خبراء أن هذا الفساد الهائل يفسر النقص الهائل في الخدمات وتدهور البنى التحتية وتدهور التنمية الصناعية والزراعية. وعلى رغم أن الموازنات التي تحققت من بيع النفط، ما زال العراق يستورد الكهرباء والمنتجات النفطية، علماً أنه ثاني بلد منتج للنفط في منظمة «أوبك». وباتت البلاد خالية في شكل شبه كامل من مشاريع الصناعة والزراعة، وتعتمد بغالبية مطلقة على الاستيراد، وهو ما يعتبره مراقبون نتيجة حتمية لاستشراء الفساد. وما أنجز من مشاريع داخل البلاد تم عبر مبالغ طائلة من خزينة الدولة تضمنت كمية ضخمة من الرشاوي. ويقول الدراجي إن وزارة الدفاع «تعاقدت مثلاً على شراء 12 طائرة من شركة تشيخية بقيمة 11 مليون دولار، لكن دفعت رشوة قيمتها 144 مليوناً»، ويضيف ساخراً: «أي سُرَقنا»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية. ويقول مصدر حكومي إن «السلطات تستعين بمحققين من مؤسسات غربية ومن بعثة الأمم المتحدة لتتبع عمليات تهريب وغسيل الأموال». ويوضح الناطق باسم السلطة القضائية عبد الستار بيرقدار أن «هناك فاسدين دينوا وصدرت أحكام عقابية بحقهم وفق القانون، ولكن شملهم قانون العفو العام الذي شرعه مجلس النواب». وبين هؤلاء الذين تمكنوا من الفرار من البلاد، محافظ البصرة ماجد النصراوي الذي اتهمه عبدالله عويز، أحد أبرز المقاولين في البلاد، بالمطالبة بنسبة 15 في المئة من قيمة كل مشروع يخصص خمسة في المئة منها لحزبه وعشرة في المئة تذهب إلى جيبه. ودعت هيئة النزاهة إلى تشديد العقوبة على المتهمين، وطالبت بوقف شمول المتهمين بالعفو. واتهم قاض مختص بالنزاهة السلطة التنفيذية بالوقوف وراء الإخفاق في اعتقال المسؤولين عن الفساد بعد إصدار أوامر قضائية ضدهم. ويقول بيرقدار إن «التشريع الذي صدر العام الماضي شمل المتهمين بالفساد، في حال أعادوا المبالغ التي سرقوها أو التي تسبب اختلاسها بأضرار». ويرى مصدر قضائي أن «التشريع غير منصف، فمن سرق بليونين على سبيل المثال قبل عشر سنوات والآن أصبح لديه عشرون بليوناً، يدفع البليونين ويغادر السجن». ويضيف ساخراً: «أنها بمثابة قرض مصرفي».

مشاركة :