شغل المغرب أمس أول مصنع في العالم لتصنيع الحامض الفسفوري انطلاقا من لباب الفوسفات، والذي يجري نقله عبر أطول شبكة أنابيب لنقل الفوسفات في العالم، التي تربط بين مناجم الفوسفات في منطقة خريبكة (وسط المغرب) والمنطقة الصناعية الجرف الأصفر على الساحل الأطلسي (جنوب الدار البيضاء). وأشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس في الجرف الأصفر على انطلاق المشاريع الجديدة، التي شملت مصنع الحامض الفسفوري والمحطة النهائية لنقل لباب الفوسفات عبر الأنابيب ومركز الكفاءات الصناعية، وهي المشاريع التي كلفت 5.45 مليار درهم (665 مليون دولار). ويندرج المصنع الجديد لإنتاج الحامض الفسفوري بالمركب الصناعي للجرف الأصفر، كجزء متكامل ومندمج، في المنظومة الإنتاجية لشركة المجمع الشريف للفوسفات، والتي تشكل منطقة الجرف الأصفر الصناعية، والموقع الصناعي المندمج في آسفي، والتي تضم عشرات المصانع الكيماوية المتخصصة في إنتاج مشتقات الفوسفات، خصوصا الأسمدة والمخصبات الزراعية والحامض الفسفوري، إضافة إلى ميناء ضخم متخصص في معالجة ونقل المواد الكيماوية. وسيوجه المصنع الجديد، الذي يعتبر أول مصنع يزود بلباب الفوسفات، في مرحلة أولى، نحو تعويض فارق الإنتاج على مستوى ورشة إنتاج الحامض الفسفوري خلال أشغال تكييف خطوط الفسفوريك الحالية مع استعمال لباب الفوسفات، وفي مرحلة ثانية، نحو رفع قدرات إنتاج الحامض الفسفوري والأسمدة بمنصة الجرف الأصفر. وحسب معطيات شركة المجمع الشريف للفوسفات، فإن هذه الوحدة الجديدة تعتمد على أحدث التكنولوجيات الخاصة بإنتاج الحامض الفسفوري، مما يجعل أنشطتها الإنتاجية، تتطابق مع معايير الإنتاج النظيف والرؤوف بالبيئة. كما ارتكز إنجاز الخط المتعلق بها على مجموعة من الآليات والتكنولوجيات المستعملة في إنتاج مشتقات الفوسفات. وتصل القدرة الإنتاجية لهذا المصنع إلى 450 ألف طن سنويا. وتشمل هذه الوحدة الصناعية حوضا للتخزين مجهزا بمجموعة من وحدات تكثيف لباب الفوسفات، ومفاعل مجهز بأربعة وحدات للتقطير، ومجموعة من وحدات التبريد وغسل الغاز. وزيادة على الرفع الملموس للمردودية والإنتاجية، تتميز هذه الوحدة بنجاعة وفعالية منظومتها الصناعية. وحسب المصدر ذاته سيكون للمصنع الجديد وقع بيئي كبير من حيث انبعاث الغازات والغبار، إضافة إلى كونه سيمكن من تقليص استهلاك الطاقة بنسبة 40 في المائة، مقارنة مع خطوط الإنتاج القديمة. كما سيسمح بالاقتصاد في استعمال الموارد المائية بنسبة تزيد عن 20 في المائة. وستمكن التكنولوجيا المستعملة فيه من خفض انبعاثات الفليور إلى النصف، وبالتالي في الوقف النهائي لانبعاثات الغبار. وتطلب إنجاز المصنع 160 ألف يوم عمل وساهمت فيه 22 شركة أشغال مغربية. أما المحطة النهائية لأنبوب نقل لباب الفوسفات، التي أشرف الملك محمد السادس أيضا على تدشينها، فتعتبر آخر حلقة في المنظومة المندمجة لهذا الأنبوب الذي يصل طوله 187 كيلومترا، ويربط بين الحوض المنجمي لخريبكة والمنصة الصناعية بالجرف الأصفر. كما توفر المحطة أيضا خزانا من أجل التخزين المؤقت للباب الفوسفات، وتزويد مجموع وحدات الإنتاج بمنصة الجرف الأصفر، زياد على القيادة والتحكم في خطوط الأنابيب الثانوية. وجهزت المحطة النهائية أيضا بمحطة للصعق، أنجزت على مستوى الأنبوب الرئيسي، والتي تتمثل وظيفتها في تخفيف الضغط الناجم عن حركية وصول لباب الفوسفات، كما تؤمن توزيع اللباب على مختلف الوحدات (محطات الضخ، مسارات التوزيع، مراكز القوة والتحكم..). وتعتبر المحطة النهائية جزءا مندمجا من مشروع نقل لباب الفوسفات، وتمتد تجهيزاتها على مساحة ستة هكتارات في قلب موقع مجموعة المكتب الشريف للفوسفات بالجرف الأصفر. ولتأمين وظيفتها المتمثلة في تخزين لباب الفوسفات، جهزت هذه المحطة بثمانية أحواض للتخزين بقدرة استيعابية تصل إلى 5500 متر مكعب لكل حوض، وهو ما يمنحها قدرة إجمالية للتخزين تعادل 44 ألف متر مكعب. ويمنح هذا الوضع مزايا تنافسية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات، ويمكنها من مرونة كبيرة بالسوق العالمية للفوسفات ومشتقاته. أما مركز الكفاءات الصناعية فيهدف إلى تكوين المتعاونين والملتحقين الجدد بشركة المجمع الشريف للفوسفات والصناعيين، وأيضا لفائدة المناولين وصناعيي مركب الجرف الأصفر، وذلك في مجالات الميكانيك، وتقنيات الإلكترونيك، وعمليات إنتاج الحامض الفسفوري. ويستجيب مركز الكفاءات الصناعية، الذي سيمكن من تكوين 1200 متدرب في السنة، للمعايير الدولية على مستوى التكوين الصناعي، حيث جهز بعدة وسائل تكنولوجية دقيقة (محاكيات، التعليم الإلكتروني، وورشات مجهزة، وقاعات للاختبار، وغيرها). ويعد هذا المركز واحدا من بين خمسة مراكز مماثلة جرى إطلاقها لتأمين خدمات التكوين المستمر، والذي يعد عنصرا أساسيا لتطوير مستوى الخبرات وثقافة الفعالية، الضرورية لمواكبة التحول الصناعي الذي تشهده المجموعة إضافة إلى تطوير منظوماتها الصناعية.كما تعزز سياسة تثمين الكفاءات، الانشغال الدائم لتقاسم المعارف ونقل الخبرات مع القارة الأفريقية، وذلك وفق المشروع الكبير للشراكة «جنوب - جنوب» الذي ما فتئ يدعو إليه العاهل المغربي
مشاركة :