المثقف المحلي لا يزال يخاطب ذاته ولم يعبر جسور العالمية

  • 10/4/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يقدم لنا أ. د. عبدالله السلمي رئيس النادي الأدبي بجدة العديد من الإضاءات الصريحة حول المشهد الثقافي والأندية الأدبية والمبدعين مؤكداً أن رسالة النادي لم تتغير وأن ثمة مسافة كبيرة جداً بين الأداء الأكاديمي والأداء الثقافي المعرفي وغير ذلك من قضايا الثقافة. . كيف ترون المشهد الثقافي المحلي، وما أبرز التحديات التي باتت تواجه المثقف؟ - المشهد الثقافي، لا شك أنه تأثر بما يتعرض له العالم أجمع من تحولات وتغيرات وحراك، أحياناً يكون إيجابياً، وأحياناً يكون سلبياً، لكن في النهاية يبقى هذا يعارض حركة الركود، وبالتالي نحن أمام تموجات كبيرة جداً، ربما اختلطت فيها كثير من الأوراق على الصعيد الثقافي، وربما تداخلت مجموعة من المتغيرات، وربما اختفى عدد كبير من الرموز وظهرت رموز لشخصيات أخرى، ما يعني أن تضاريس الحركة الثقافية كلها تمر بتغير مناخي على المستوى الثقافي. أما ما يتعلق بأبرز التحديات التي تواجه المثقف اليوم، فعلى المستوى المحلي ما زال المثقف في تصوري يخاطب ذاته ولم يعبر بعد جسور العالمية، وحوار الذات مع الذات ما زال هو المسيطر إلى حد ما، وهو لم ينضج بعد ذاتياً، وبالتالي من الصعوبة بمكان أن ينقله المثقف إلى المثقف الآخر، بل إن مؤسساتنا الثقافية ما زالت خافتة إلى الآن، لكونها لم تجد الدعم الكبير الذي تلقاه بقية مؤسسات الدولة على المستوى المادي، ومع ذلك أستطيع القول إنها على المستوى المعنوي، تملك جيلاً من المبدعين، منهم من تم اكتشافه، ومنهم من ينتظر من يكتشفهم، أو يتبناهم، وقد نتج عن هؤلاء عدة محاولات، وإن كانت ليست بالقدر الذي نطمح إليه، وبالتالي أستطيع القول، إن ما يحدث الآن في مشهدنا الثقافي، أقل بكثير من الطموح على مستوى العمل الثقافي، ورعاية الإبداع، والكشف عن المبدعين، وبالتالي تبنيهم بالشكل المطلوب، لاعتبارات كثيرة جداً، يتصدرها عدم وجود رابط يربط الحركة الثقافية، وعدم وجود إستراتيجية واعية للأداء الثقافي، وعدم وجود خطة ثقافية نستطيع من خلالها أن نصل بطموحنا إلى المراد. أضف لذلك، أن المثقف إلى الآن يترنح داخل ذاته، ولا يعرف إن كان داخلاً في إطار المثقفين أم لا، وهو يسير على برزخ لا يدري إلى أي الشطرين سينتهي، هل سيكون من المثقفين فيرتمي في جنتهم، أم من غير المثقفين وبالتالي هو خارج أسوار العمل الثقافي. خارطة الطريق . إلام نعزو عدم اتضاح خطة طريق المثقف في وقتنا الراهن؟ - لكون الجسر الذي يعبره الجميع ليس واضحاً بالشكل الإيجابي، ولأن كبار المثقفين أو من أسموا أنفسهم ب (النخبة) في مرحلة تاريخية معينة، ما زالوا يرفضون الجيل القادم، وإلى الآن لا يريدون أن يصل أحد إلى منطقتهم التي صنعوها لأنفسهم، وما زالوا يتحسسون كثيراً من جيل أتى من الخلف بشكل متسارع استجابة لظروف الحياة، وللضخ المعرفي الثقافي الإبداعي الذي يحظون به، وهؤلاء (النخبة) يحاولون أن يبطئوا حركة هذا الجيل، وهذه الإشكالية ما زالت ظاهرة بشكل كبير، ولا يمكن تجاوز هذا التحدي إلا من خلال وجود إستراتيجية ثقافية، وبناء ثقافي معرفي بعيد المدى، ودعم مادي ومعنوي كبير جداً من قبل الدولة. الأندية والمبدعون . هل ما زالت الأندية الأدبية تمثل الواجهة المناسبة لاحتواء المبدعين؟ - بالتأكيد، بدليل أنها كانت مقتصرة على ناد واحد هو نادي جدة الأدبي، والآن أصبح عدد الأندية الأدبية 16 نادياً موزعة وفق مناطق المملكة المترامية الأطراف، وهذا الأصل في مشروعيتها وتأسيسها، ويبقى السؤال هنا: هل قامت هذه الأندية بمهمتها ومسؤوليتها تجاه المثقف؟ وهذا التساؤل ينبغي أن يوجه إلى مسؤولي هذه الأندية. . وما مدى انطباق ذلك على نادي جدة الأدبي؟ - من الصعوبة بمكان أن أتحدث عن نادي جدة لكوني رئيسه، ولكن دعني أتحدث عن التاريخ، فهو يشهد بعراقة هذا النادي وأبعاده التاريخية، فضلاً عن قيادته لمرحلة تنويرية على مستوى المجتمع المحلي، وأيضاً كان له تمدده وحضوره على المستوى العربي، من خلال مطبوعاته، وما زال يسعى وفق المتغيرات الحديثة، أن يستقطب عدداً من جيل الشباب، وأن يبني جسور شراكات مع رجال الأعمال، وأن يقدم ذاته كمؤسسة قادرة على أن تعمل شيئاً، والحكم بالتأكيد يعود للمراقب والمثقف، الذي أتمنى أن يطَّلع بصورة جلية على ما يقوم به نادي جدة الأدبي طوال تاريخه الذي يتجاوز الأربعين عاماً، ومع هذا لا أستطيع أن أقول أنا أو من سبقني، أو من سيأتي بعدي، إننا وصلنا بالنادي إلى منتهى الطموح، بل سنظل ننظر إلى الأمام كثيراً، على أمل أن نصل إلى ما نصبو إليه جميعاً. المثقف المصنوع . ما الذي قصدته بقولك: (إن المشهد الثقافي كان بحاجة ليميز المثقف الواعي المطبوع الذي يؤمن بدوره في الحياة ويعمل له، والمثقف المصنوع أو النفعي الذي يغيب عن المؤسسة متى غلبت مصلحته)؟ - هذه المقولة ما زلت أؤمن بها، وأفرزتها مرحلة الانتخابات التي نادى بها المثقفون عبر تاريخهم، حتى إذا ما تحققت، بدأوا ينظرون إليها وفق مصلحتهم الذاتية، إما أن تحقق مرادهم وتقفز بهم إلى سدة الرئاسة أو العمل في النادي كموظف رسمي، أو أن يكون خارج هذا الإطار كله ولا يتعاطى معه، وبالتالي يتضح هنا من كان يطمح في المؤسسة الثقافية بإيمان ثقافي حقيقي صادق، ومن كان يرى في المؤسسة فقط محضناً ينتفع به، وإذا انقطع هذا الانتفاع، نكث وتجنب وصد عنه، وبالتالي لا يتعاطى مع مناشطه، ورجالاته، وأدائه، بمعنى أنه يريد النادي ملكاً له، هو الذي يديره، ويحركه، ويخطط له، وهذا ينسجم مع إجابتي السابقة، بأن ثمة مجموعة نخبوية، وضعت لنفسها منطقة مركزية معينة لا تريد للجيل القادم من الخلف بتسارع كبير جداً، أن يصل إلى منطقتها، فهي تحارب كل من يأتي من خارج إطار مجموعتها التي صنعتها في مرحلة تاريخية معينة، عاصبة أعينها عن جيل الإبداع الذي تغير مع الزمن. . هناك من اعتبر مقولتك هذه، تحمل تلميحاً لبعض أعضاء مجلس إدارة النادي السابقين؟ - ليس الأمر كذلك، بدليل أن أكثر أعضاء مجلس الإدارة السابقة على صلة كبيرة بالنادي الأدبي اليوم، فالدكتور سحمي الهاجري يرأس تحرير مجلة (الراوي)، والأستاذ عبده خال يقيم دورات في الرواية والقصة ويحكم معنا، والأستاذ محمد علي قدس يشغل منصب أمين جائزة محمد حسن عواد للإبداع، وهكذا بقية الزملاء. . وماذا عما يردد بانقطاع رئيس النادي السابق الدكتور عبدالمحسن القحطاني عن النادي؟ - الدكتور عبدالمحسن أعده والداً عمراً، وزميلاً علماً وعملاً، وله الشكر الكبير لكونه وضع لبنات وبصمات واضحة في النادي. على المستوى الشخصي، أتواصل معه باستمرار، وأجد منه كل تجاوب. وعلى صعيد النادي، ما زال يتواصل معه، ومن ذلك حضوره لفعاليات احتفال النادي بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيسه، وهو ما زال عضو جمعية عمومية، ويجدد عضويته سنوياً في النادي، وربما مشاغله العلمية التي تفرغ لها بعد تركه للنادي، من ذلك صالونه الخاص الذي كان يطمح به منذ أن كان رئيساً للنادي، أخذ جزءاً من وقته، وربما عامل السن وتقدمه في العمر، حال دون تواصله الدائم مع النادي. . مجلس إدارة نادي جدة الأدبي بتشكيله الجديد، يمثل أول مجلس إدارة منتخب.. ما الذي تمخضت عنه هذه التجربة إلى الآن؟ - هذه التجربة تمخضت عن التنوع والثراء، فوجود العنصر النسائي يمثل تحولاً كبيراً وإيجابياً بلا شك، بوجود ثلاث عضوات بمجلس الإدارة، هن: الدكتورة أميرة كشغري، والدكتورة فاطمة الياس، والأستاذة نجلاء مطري. أيضاً الانتخابات جاءت بفئات وشرائح معرفية مختلفة، فهناك الإعلامي مثل عبدالعزيز قاسم، والشاعر الدكتور ممثلاً ب عبدالإله جدع، والمنتسب للتربية والتعليم ممثلاً ب عبدالعزيز قزان، والمتخصص في الأدب الأندلسي ممثلاً بالدكتور سعيد المالكي، وفي البلاغة والنقد ممثلاً بالدكتور عبدالرحمن السلمي، وغيرهم. هذا التنوع الذي أفرزته الانتخابات من خلال هذه الشرائح المختلفة، والروافد المعرفية المتنوعة، شكل مجلساً متجانساً عملاً وفكراً، مختلفاً من حيث الرؤى، وبالتالي ما تحقق في نادي جدة الأدبي، وما يمكن أن يتحقق في القريب العاجل من مناشط وفعاليات، هو نتاج هذا التنوع. . وهل أثبتت جدواها عما كان قائماً من قبل؟ - فيما يتعلق بنا في نادي جدة الأدبي، نعم أعدها تجربة إيجابية، فنحن في النادي كجسد واحد، وأعني الأعضاء العشرة، لكن لا أدري ما الذي يدور في الأندية الأخرى، لربما هنالك إشكالات أفرزتها الانتخابات، وهي في تصوري محدودة جداً في ناد أو ناديين، حسب ما نقرأ ونسمع، لكن تظل الفكرة الانتخابية فكرة رائدة وطموحة، وكان يطالب بها المثقفون وتحققت لهم. الأداء التقليدي . هل يمكن القول إن نادي جدة الأدبي في عهد رئاستك خرج من تحت عباءة الأداء التقليدي الذي عرف به طوال تاريخه؟ - الفضل في هذا ليس لي، وإنما للمتغيرات، فالحياة بطبيعتها تغيرت فيها الجواذب والصوارف، وتبعا لهذا نحن في مجلس الإدارة، ارتأينا أن نغير هذه النمطية التي سارت عليها الأندية الأدبية بعمومها. . ما الذي استحدثه مجلس إدارة نادي جدة الأدبي تحديداً؟ - استبدلنا النشاط المنبري المجرد، إلى مناشط أخرى متنوعة، بمد الجسور مع رجال الأعمال، ومحاولة إيجاد برامج تخترق المجتمع، بحيث تتمدد أفقياً، وتقزم الأسوار المحيطة بالنادي؛ ليشاهده الجميع؛ وليتواصل معه الجميع، من خلال مسابقات ومنشورات وفعاليات دأبنا على إقامتها في الأحياء، ومن خلال لجان نقيمها في المحافظات المجاورة ابتداء من العرضيات والقنفذة والليث وخليص، وهناك جملة من المناشط المختلفة والنوعية داخل النادي، منها: برنامج «إثراء» للقراءة. برنامج «الإصدار الأول» الذي طلبته وزارة الثقافة والإعلام، وهناك احتمال بتعميمه على بقية الأندية الأدبية؛ لريادته ونجاحه. برنامج «داليد» للقراءة. «الحلقة النقدية» التي حققت للفئة النخبوية مبتغاها ويرأسها الدكتور سعيد السريحي. «منتدى عبقر» الحاوي لكل المواهب الشعرية بما في ذلك استضافة صاحب تجربة شعرية ناضجة؛ ليستمع إليها الحاضرون. وحرص النادي على إقامة الشراكات مع وزارة التربية والتعليم، ومع الجامعات، ومجالس الأحياء، ومع رجال الأعمال، وجميع هذه الفعاليات والمناشط، أحدثت بلا شك تنوعاً كبيراً في الآليات التي اعتاد عليها النادي. . وما أكثر ما حرصت على اتباعه في إدارتك لدفة النادي؟ - حرصت أولاً على مد يديَّ إلى جميع مثقفي المنطقة، وأن أجعل النادي بوابة مفتوحة لا تغلق أمام أحد، أياً كان. حرصت أيضاً أن نكون كأعضاء مجلس إدارة فريقاً واحداً من حيث الأداء والعمل، مختلفين من حيث التفكير والطرح والرؤى، لأن تنوع الأفكار يخلق جواً حميمياً، وجملة من المسارات التي اتخذناها كآليات عمل، إضافة إلى التحول في المناشط والبرامج التي ذكرتها آنفاً. المتصيدون والنخب . المتصيدون في المشهد الثقافي.. اعتادوا على الحكم على تجارب الأندية الأدبية من حيث النجاح والفشل، من خلال الحضور البرامجي لفعاليات ومناشط الأندية الأدبية.. ما الذي تحقق لنادي جدة الأدبي وفق هذا المنظور؟ وهل حضور فعالياته يقتصر على النخب؟ - الفعاليات المنبرية، كانت تعاني من شح في الحضور، لأن الخطاب كان نخبوياً، والعناصر النخبوية إلى حد كبير، أحرقت ما بداخلها، بحكم انتقالها من منبر إلى منبر، وبالتالي لم يعد لديها الجديد الذي تقدمه. أيضاً الرمزية الجاذبة التي كانت تجذب الجمهور إليها تكاد تكون اختفت، وبالتالي أصبحت الأندية الأدبية أمام تحد كبير، وهو محاولة التنوع وإحداث الاختلاف في برامجها الجاذبة، لذلك حرصنا على إيجاد البرامج التي ذكرتها سابقاً، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن عدد الحضور في هذه البرامج يتجاوز أحياناً الألف، وقد امتلأت قاعة حسن عباس الشربتلي أكثر من مرة وبقي عدد من الحضور في الخارج، إذ شغلت جميع المقاعد. انتهاء عصر الأستذة . عد المثقفون تغييب الأمسيات الإبداعية عن منبر النادي الأدبي بجدة، بداعي انتهاء عصر (الأستذة)، فيه تغييب لرسالته تجاه المثقفين والأدباء.. بماذا ترد؟ - رسالة النادي لم تتغير، الذي تغير أنه أصبح يؤدي رسالته بأكثر من آلية وطريق، وممارسة الأستذة كما ذكرت لم تكن جاذبة، ومع هذا نحن لم ننفِ النشاط المنبري، بل أتحنا الفرصة أمام عدد كبير من كبار النقاد ورموز العمل الثقافي، منهم الدكتور عبدالله الغذامي، والدكتور سعد البازعي، وعلي الدميني، وعبدالله الصيخان.. وغيرهم، ولم يكن للمثقفين الحضور الذي كنا نتوقعه، وبالتالي نحن لم نغفل عن النشاط المنبري، مع تسليمنا بعدم اجتذابه للمثقفين كما كان سائداً من قبل، وبالتالي عصر الأستذة لم يعد كما كان سابقاً، إذ أصبح لدى الحاضرين شعور يتملكهم، بانتهاء عصر الاستماع لمن يقدم لهم الدروس ويمنحهم الأفكار والرؤى، إذ أصبح لديهم القدرة الكبيرة في المعرفة، والانتقاء، والاختيار، وبالتالي نحن أمام هذا التحدي غيرنا في طبيعة برامجنا مع الإبقاء على أساس العمل الثقافي، وهو النشاط المنبري، ولكن على حدود ضيقة، استجابة لمتطلبات الحياة المعاصرة، وما يتطلع إليه الشباب. . كيف ينتهي «عصر» أنت فيه شاهد، بما تقدمه من عمل أكاديمي تجاه طلابك؟ - ثمة مسافة كبيرة جداً بين الأداء الأكاديمي داخل الجامعة وقاعة الدرس، والأداء الثقافي المعرفي من خلال منبر النادي، فمن خلال منبر النادي المساحة مفتوحة، والحاضرون متقاربون في المعرفة، وبالتالي هم يتحاورون فيما بينهم حوار قرناء أو متساويين، لكن في قاعة الدرس يظل الأستاذ أستاذاً والطالب طالباً. ذكرى 40 عاماً . ذكرى مرور 40 عاماً على إنشاء نادي جدة الأدبي.. ألا يستدعي إذكاء ذكرى الأمير الراحل فيصل بن فهد، باعتباره مؤسساً للثقافة وللأندية الأدبية في بلادنا؟ - بكل تأكيد، الرجل له بصمته وحضوره التاريخي الذي لا يمكن أن ينكره أحد في تأسيس الأندية الأدبية، وهذا الذي دفعنا إلى أن نقدم الدعوة إلى صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب سابقاً، وقد حضر سموه مشكوراً؛ لتكريم والده الراحل، عرفاناً من نادي جدة الأدبي بدوره الرائد في تأسيس النادي، بعد أن صرح للأستاذين الفاضلين محمد حسن عواد وعزيز ضياء - رحمهما الله-، بافتتاح نادي جدة الأدبي، كأول ناد أسس في المملكة العربية السعودية، وكان هذا بتاريخ 29/ 2/ 1995ه. ليس خلافاً . هل يمكن وصف الخلاف المثار ما بين نادي جدة الأدبي وجمعية الثقافة والفنون ب «زوبعة في فنجان»، بناءً على تبرئتكم لمجلس إدارتكم، وإدانتكم للمجلس السابق؟ - أولاً ليس هناك خلاف بمعنى الخلاف، كان هناك اختلاف حول بعض جوانب الاتفاق الذي أبرمته الإدارة السابقة مع جمعية الثقافة والفنون، فالإدارة السابقة أعطت الجمعية المبنى ب «سطر ونصف» بقرار من مجلس الإدارة، ونحن حينما جئنا وجدنا أن ثمة أموراً ما زالت مشتركة بين المبنيين، فالكهرباء مشتركة، وخزان الماء مشترك، والسور مشترك، ومواقف السيارات مشتركة، وجزء من المبنى مستودع للنادي وإصداراته ما زالت موجودة فيه، وبالتالي جلست مع الإخوة القائمين على جمعية الثقافة والفنون، وأنهينا هذه الإشكالية كاملة ودونا اتفاقية جديدة بين النادي وجمعية الثقافة والفنون، وعرف كل طرف ما له وما عليه، حفاظاً على مكتسبات النادي التاريخية، وكي نسلمها لمن بعدنا إذا انتهت مدتنا بالنادي. أما على المستوى العملي، وتحقيق الهدف، ورسم البرامج، فنحن ندرك تماماً أننا ننتمي إلى وزارة واحدة، وأننا نخدم شريحة ثقافية واحدة، وبالتالي بيننا شراكة كبيرة جداً في تحقيق هذه الغايات، والدليل على هذا، أن حفل المعايدة هذا العام أقيم بالشراكة بين جمعية الثقافة والفنون ونادي جدة الأدبي، وكان نادي جدة الأدبي هو الراعي، وجمعية الثقافة والفنون هي المنفذة، وبالتالي هذا أفضى إلى نوع من التلاحم العام، وبيني وبين الزملاء في جمعية الثقافة والفنون تواصل مستمر، وبرامج مستمرة، وكثير من المناشط نتشارك فيها سوياً. . ما تفضلت به لا ينفي إدانتكم للمجلس السابق؟ - لا أدين المجلس السابق أبداً، المجلس السابق برئاسة الدكتور عبدالمحسن القحطاني، كانت هذه رؤيته وله الحق فيها، له الحق فيما يتخذ من قرارات، ولا أملك أن أدينه في شيء، لكن حينما نأتي كمجلس ونرى خللاً ما، أو جانب قصور ربما لم يستحضره الزملاء في مجلس الإدارة السابق، أو فرضته ظروف اللحظة الآن علينا، فهذا يستلزم منا أن نتلافى هذا القصور، لأننا كأعضاء لمجلس إدارة هذا النادي، أمناء وحراس عليه، ولدينا الرغبة في أن تبقى حقوق النادي محفوظة على مستوى كيانه البنائي، وعلى مستوى بنائه الثقافي. . هذا الخلاف القديم المتجدد.. من أثار جذوته؟ وما غايته؟ - لم يكن هناك خلاف بمعنى خلاف بين النادي والجمعية، وربما وسائل الإعلام، خصوصاً الصحافة، هي من أثارت هذا الخلاف. . ولكن الصحافة.. لم تثر شيئاً من عدم؟ - موضوع الاختلاف في الرؤى أثير أولاً من قبل الجمعية، لكن في النهاية الزملاء في الجمعية اعتذروا، ولا يوجد الآن أي خلاف بيننا وبين جمعية الثقافة والفنون. القطاع الخاص والثقافة . أخيراً.. ما مدى إسهام القطاع الخاص، في دعم الحراك الثقافي في المملكة، ومجتمع جدة على وجه التحديد؟ - طموحنا في رجال الأعمال يتجاوز حدود ما هو حاصل الآن، لكن للحق أقول: إن ما هو حاصل الآن هو إيجابي جداً، فجائزة محمد حسن عواد يرعاها رجل الأعمال الأستاذ أحمد محمد باديب، وبرنامج «الإصدار الأول» يرعاه مبادرات عبداللطيف جميل، وبرنامج «شاعر شباب جدة» يرعاه الأستاذ أحمد حسن فتيحي، و«برنامج جليس» يرعاه مؤسسة الشربتلي، وهذا التواصل في تصوري إيجابي جداً، وإن كنا نطمح بأن يكون الدعم أكبر مما هو حاصل الآن، فما يقدمه رجال الأعمال، يبقى ضمن المسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن تصرف للهم الثقافي، وللعمل الثقافي، وللمؤسسة الثقافية.

مشاركة :