في كل عام يتوافد على المشاعر المقدسة ملايين الحجيج من مختلف الدول والقارات يمنّون النفس بأداء الركن الخامس بكل سهوله ويسر، وما أن تطأ أقدامهم أراضي المملكة إلا وشعور الاهتمام والرعاية يكتنفهم وكأنهم بين أهليهم وذويهم. في كل حج تمتزج الجنسيات والأعراق والألوان ويتحدون في ارتداء لباس واحد وأداء شعائر محددة في أوقات ثابتة. لو انتقلت الصورة إلى مكان آخر ، حيث تدور المعارك ويُقتل الأبرياء وتُدمّر الممتلكات تحت لواء مزاعم وخلافات طائفية، لوجدنا التعارض مع تعاليم الإسلام وتوجيهاته. الإسلام دين الأمن والسلام ونبذ العنف والإرهاب والتطرف. المسلمون في الحج يقدمون صوراً مشرقة لما يجب أن يكون عليه عالمنا الإسلامي كافة. إنها صورة الوحدة والتكامل وتوحد الهدف والغاية. المسلمون بأدائهم نسك الحج لسان حالهم يقول إن لنا في الإسلام وأركانه وآدابه ماهو كفيل بحل مشاكلنا ورقي شعوبنا وأممنا . من يحاول النيل أو انتقاد الشريعة السمحة ووصفها بأنها وراء التطرف والإرهاب يجد في صور الحج ماهو كفيل بالرد عليه وإظهار الحقيقة كاملة. لا مجال خلال أداء الشعيرة لأية مزايدات أو مغالطات تنال من الإسلام وعلمائه، ولا مجال أن يستغل بعض ضعاف النفوس هذه المناسبة الدينية لمحاولة الخروج عن الاجماع وممارسة أعمال تتنافى مع الثوابت . الكل سواسية، والكل جاء لهدف أداء الشعيرة، وبالتالي عليهم أن يستفيدوا مما يرون ويسمعون، وعليهم أن يستفيدوا من دروس الوحدة والتضامن الإسلامي في أبهى صورة ، وسيجدون ماهو كفيل بإزالة كل مايخالجهم من شكوك وشبهات حيال الإسلام. من يقتل الأبرياء، ومن يسعى في الأرض فساداً، ومن يحاول أن يروج لأفكار واعتقادات باطلة سيجد في صورة الحج المشرقة مايكفي للدلالة على بطلان ما هو ساعٍ لتحقيقة. سيبقى الإسلام مشرقاً في سماء الضلالة، وسيبقى المرجعية الوحيدة للدلالة على كيف يمكن لدولة أو أمة أن ترسم طريقها بكل أمان ويسر، وهو وإن قدم صورة ناصعة من خلال الحج والحجاج، إلا أنه كان عبر التاريخ بعيداً عن كل تُهمٍ يحاول البعض إلصاقها به في محاولات يائسة للنيل منه . في الوقت الذي تتناقل فيه وسائل الإعلام صوراً قاتمة للقتال التي تقوم بها تنظيمات ضالة، نجد في الطرف الآخر صوراً مشرقة توالت على مدى الأيام الماضية تقدم الواجهة الصحيحة من خلال (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد) بعيداً عن أية شعارات أو عبارات تكرّس مفهوم الفرقة والتبعية لفرق الضلالة والفساد. سيبقى الحج، الذي نوشك أن نودعه، منارة إرشاد ودلالة واضحة على أسمى معاني الوحدة والترابط بين المسلمين من كل الأقطار مهما اختلفت لغاتهم وأجناسهم .
مشاركة :