حصاد 2017: عام «انتصارات» لروسيا..و« خيبة» أمريكية

  • 12/31/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قبل ساعات من نهاية العام الجاري 2017، رصدت الدوائر السياسية الغربية، حصاد العام على صعيد العلاقات الدولية، وما وصفته بالإبحار أو «الحراك» في مياه الساحة السياسية.. وكشفت مجريات عام 2017 بالنسبة إلى روسيا بعبارة واحدة، وهي «النصر في سورية وتعزيز مواقع موسكو عالمياً، و«خيبة» أمريكية، نتائجها التراجع عالميا وتوتر العلاقات الخارجية ».         حراك في مياه الساحة السياسية وتميز العام 2017 بسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سواء في داخل أمريكا بصدد قوانين الهجرة وتشجيع التيارات القومية والعنصرية، أو خارج المحيط لجهة التنصل من اتفاقيات دولية، أو الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها .. في المقابل حققت سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخارجية حضوراً أوسع في الشرق الأوسط، بلغ مستوى إقامة قواعد عسكرية دائمة في سوريا.. وبين خرائب ترامب ومكاسب بوتين، ظلت موسكو في موقع متقدم وتبحر بثقة في مياه الساحة السياسية، بينما تراجعت الولايات المتحدة، في ظل «سياسات الصدمة العشوائية»، بحسب رصد الدوائر السياسية ومراكزها البحثية.         استطلاعات الرأي لصالح «بوتين» وضد «ترامب» مع اقتراب نهاية العام، أظهر استطلاع رأي أعدّه «مركز دراسات الرأي العام» القريب من السلطة في الكرملين، أن 68 في المئة من الشباب «يدعمون سياسات بوتين»، علماً أن هذه النتيجة احتاجت إلى عمل دؤوب وموازنات ضخمة أُنفِقت خلال 9 شهور..بينما كشفت استطلاعات الرأي في امريكا، عن تدني ملحوظ في شعبية الرئيس ترامب، أعاد للذاكرة بشكل خاص في 2017  المظاهرات النسوية ضد انتخاب ترامب الذي تفاخر بقدرته على إهانة المرأة، إلى تظاهرات واسعة رافضة للرئيس ترامب خلال العام الأول له في البيت الأبيض.             مرحلة جديدة لموسكو عربيا .. وفقدان الثفة في واشنطن وعربياً، شهد العام نقلة مهمة في العلاقات الروسية  ـ السعودية، بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز موسكو. كما أطلقت روسيا مرحلة جديدة في شراكتها مع مصر، من خلال إبرام اتفاقات استراتيجية، وتعزيز موسكو ركائز سياستها الإقليمية، عبر الحفاظ على علاقات تنسيق قوية مع شريكيها، تركيا وإيران، وإضافة مصر إليهما.. بينما أدت سياسات ومواقف الإدارة الأمريكية، إلى توتر العلاقات مع منطقة الشرق الأوسط، ومع حلفائها من العرب، وخسرت «نقاط ثقة»، واهتزت أركان تحالفاتها، لصالح الكرملين.           حسابات سوريا لصالح نقوذ الكرملين وكان للتطورات الميدانية في سورية، خلال العام 2017 ، أهمية كبرى لروسيا على المستويَين الخارجي والداخلي، وشكّلت منعطفاً رئيساً كان الكرملين يحتاجه بشدة في هذا الوقت تحديداً، لأن تحقيق إنجازات كبرى في عام التحضير لاستحقاق انتخابات الرئاسة المرتقبة ربيع العام المقبل، ليس مرتبطاً فحسب بتعزيز النفوذ والتأثير الروسيَين إقليمياً ودولياً، بل بتهدئة المخاوف الداخلية من احتمال انزلاق روسيا إلى أفغانستان جديدة، أو إلى مواجهة واسعة وساخنة مع الولايات المتحدة.. بينما سجلت الساحة السورية فشلا ذريعا لواشنطن، وتبديل مواقفها وتحالفاتها، وتراجع كبير لنفوذها، مع تكشف دعمها عسكريا لعناصر مسلحة خسرت مواقعها وانسحبت من غالبية الأراضي السورية.           الحرب على الإرهاب وخارجياً، لم تكن التحديات التي واجهها الكرملين أقل حدّة، لكن التصعيد الواسع للحرب على الإرهاب، وتحقيق تقدّم ميداني واسع في سورية، تزامناً مع نجاح نسبي لجهود وقف النار ومناطق خفض التوتر، ساهم في تعزيز مكانة روسياً، إقليمياً ودولياً. يُضاف إلى ذلك تثبيت الوجود العسكري الدائم في قاعدتَي «حميميم» و «طرطوس»، ما منح أهمية عسكرية وسياسية إضافية لروسيا في حوض المتوسط. واستخدم الكرملين هذا «النصر» بنشاط، على المستويين الداخلي والخارجي، وانطلق منه لتوسيع دائرة النفوذ الروسي في المنطقة. فبرزت خلال عام 2017 أفكار ومبادرات لوساطة روسية في ليبيا، واستعداد لأداء دور مشابه في اليمن، ثم طرحت موسكو فكرة محاولة بذل جهد لتحسين العلاقات بين إيران والبلدان العربية. كما حاولت موسكو تنظيم لقاءات إسرائيلية- فلسطينية. وعلى رغم أن هذه المبادرات لم تُترجم إلى نشاط سياسي، لكنها عكست زيادة ثقة موسكو بدورها وتأثيرها، إقليمياً ودولياً.           الصورة السلبية لأمريكا وبهذا المعنى كانت  الصورة سلبية للولايات المتحدة الأمريكية، بسبب «المزاج المتقلب» للرئيس ترامب، مع الشكوك حول الدور الأمريكي في ليبيا، أو التعامل مع الأزمات اليمنية والسورية، وعدم وضوح الرؤية في «قضية الإرهاب» باستثناء تصريحات سياسية ودبلوماسية لا تتجاوز«النص».. إلى جانب «عشوائية» المواقف تجاه ظهير الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، والتوتر «المكتوم» مع المكسيك، وقبل نهاية العام سجل مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، حالة غير مسبوقة لـ «عزلة أمريكا» دوليا.         «هرطقة» ترامب وتغريداته المثيرة للجدل وشكّلت عودة النشاط الإرهابي إلى روسيا تحدياً ضخماً إضافياً، على رغم ارتباطه بالوضع في سورية، مع كل ما يحمل ذلك من دلالات. بمعنى أن الإرهاب الذي ضرب روسيا 23 مرة خلال عام 2017، وإحباط أجهزة الأمن 60 محاولة تفجير أو هجمات انتحارية، لم يكن هذا العام ينطلق من القوقاز، أو يحمل هوية انفصالية، كما حدث سابقاً، بل يرتبط غالباً بتنظيم «داعش» ويعتمد على متشددين من آسيا الوسطى. وهذا أمر، على رغم خطورته، يحمل إشارة مطمئنة للكرملين بأن روسيا تجاوزت نهائياً تقريباً خطر «الإرهاب الانفصالي الداخلي»..بينما كانت أهم الأحداث التي أثارت الاهتمام في عام 2017 في الولايات المتحدة، «هرطقة» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتغريداته المثيرة للجدل، كما وضعت سياسات واشنطن العالم على حافة «الرعب» من اشتعال حرب عالمية، بسبب تعامل واشنطن مع «نووي» كوريا الشمالية، بينما سعت موسكو لإطفاء حدة التوتر، وحل «أزمة كوريا الشمالية» سياسيان والابتعاد عن «التصريحات النارية».

مشاركة :