«هجوم الروضة» يجسّد ضراوة ووحشية معركة الإرهاب على أرض مصر

  • 1/2/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جسّد الحادث الإرهابي، الذي شهده «مسجد الروضة» بشبه جزيرة سيناء، حجم ما وصلت إليه هجمة الإرهاب على مصر من وحشية، فقد اتسم الحادث ــ زمانياً ومكانياً وأداءً، وبحجم ضحاياه الذي وصل إلى 305 شهداء ــ بسمات تجاوزت كل الحوادث الإرهابية السابقة، على ضراوتها ووحشيتها، ووصفه مراقبون بأنه الأكثر دموية في تاريخ مصر، كما أعطى الحادث جرس إنذار بوجود خطر بهذا المستوى، يهدد الوضع في سيناء ومصر في المستقبل. الشهداء تم دفنهم في 10 مقابر جماعية من بعد صلاة الجمعة حتى الساعة الثالثة من صباح اليوم التالي. ملامح خاصة تميز بها حادث الروضة الإرهابي - هيئة الاستعلامات المصرية هاجمت في بيان وسائل إعلام غربية، وقالت «(بي بي سي) و(رويترز) و(واشنطن بوست) لم تستخدم توصيف الإرهابي للهجوم، فمن هو الإرهاب من وجهة نظرهم.». - شاهد عيان قال في شهادة للإعلام إن أحد الإرهابيين استفز عندما سمع قائد المجموعة يقول «اقضوا عليهم جميعاً.. طهروا المسجد.. ولا تبقوا أحد حياً.. اقتلوا العواجيز العجائز والأطفال.. ولا تتركوا أحداً»، وأن الإرهابي المشار إليه قال «نحن لم نتفق على ذلك»، فرد عليه زميله «انجز المطلوب حتى لا أقضي عليك». - نسبة الرجال الذين استشهدوا في القرية 25% من مجموعهم، وعدد نساء القرية 1180، ولا توجد امرأة ليس لها شهيد أو مصاب. - تقدم المحامي بالنقض والدستورية العليا، طارق محمود، ببلاغ رسمي، حمل القيد رقم 6549، إلى المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية، اتهم فيه كلاً من أمير قطر، تميم بن حمد، ورئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، رسمياً، بالتحريض، وتقديم الدعم المادي واللوجيستي للمجموعة الإرهابية التي ارتكبت جريمة تفجير مسجد الروضة. - قائمة الضحايا شملت قبلياً مختلف القبائل السيناوية، منهم 17 شهيداً من عائلة المشايخ، و22 من عائلة المطيرات، و20 شهيداً من عائلة الشريفات، وأكثر من 25 من عائلة الشواكين، وسبعة من عائلة النصايرة، وأكثر من 70 شهيداً من عشيرة المنصورين، و200 من عشيرة الجريرات (السواركة). - المجزرة شملت 30 طفلاً شهيداً و130 شيخاً مسناً. - استشهدت 10 أسر بكاملها من الجد إلى الحفيد. - الشهيد أحمد مصلح أبوجرير سقط بعد أن اشتبك بسلاحه الآلي وقتل أربعة إرهابيين، وكان الوحيد الذي لم يدهم في المسجد. 130 شيخاً مسناً و30 طفلاً شهيداً شملتهم المجزرة. الطريقة الجريرية تتمركز الطريقة الجريرية في قرية الروضة، واسم الطريقة نابع من اسم العشيرة التابع لها مؤسسها الأول، الشيخ عيد أبوجرير، المولود عام 1910. والطريقة مسجلة رسمياً في القانون المصري برقم 118 لسنة 1976، ومعروف أن الطريقة ترتبط بعلاقات قوية مع الجيش المصري، وترجع أصول هذه العلاقة إلى عقود طويلة، حيث شارك أبناء الطريقة في تغطية انسحاب القوات المصرية أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، إضافة إلى دعم ومساندة الجيش المصري في الفترة من 1967 إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، وهو ما أدى إلى قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بإلقاء القبض على رئيس الطريقة الثاني، الشيخ منصور أبوجرير عام 1974، ولقد أثنى الفريق أول محمد أحمد صادق، وزير الحربية المصري، خلال الفترة ما بين 1971 و1972، في مذكراته، على الدور الذي قام به أبناء الطريقة في نقل المعلومات حول تحركات العدو الإسرائيلي. وقع الهجوم في مسجد الروضة، الذي يقع في قرية تبعد عن العريش مسافة 50 كلم، وتبعد عن بئر العبد نحو 40 كم بمحافظة شمال سيناء، إذ قامت مجموعة من الإرهابيين في يوم الجمعة، الموافق 24 نوفمبر 2017، بالهجوم على المسجد، فيما كان نحو 400 مصلٍ يؤدون صلاة الجمعة، وانفجرت في البداية عبوتان ناسفتان داخل المسجد، ثم استهدفت المجموعة المهاجمة بعد ذلك المصلين، من خلال قذائف صاروخية من نوع «آر بي جي»، ثم قام الإرهابيون بملاحقة بقية المصلين خارج المسجد بالرشاشات والبنادق الآلية، ووصل عدد الشهداء إلى 305 شهداء، إضافة إلى عشرات الجرحى، بعضهم في حالة خطرة. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن منفذي الهجوم عمدوا لاستهداف سيارات الإسعاف التي كانت تنقل الضحايا. وعلى الرغم من عدم صدور بيان رسمي مقنع من تنظيم «داعش» الإرهابي بتبني العملية، إلا أن تحليلات الخبراء اتجهت لاتهامه، لقرائن سبقت المجزرة، ولعدم صدور بيان منه ينفي التورط. وروى إمام مسجد الروضة، محمد عبدالفتاح، لفضائية «أون لايف»، بعد نجاته، تفاصيل تلك اللحظات. فقال إنه «في البداية سمعت صوت انفجار خارج مسجد الروضة، وبعدها صوت إطلاق الرصاص بشكل عشوائي على المصلين، كنت تحت المصلين وهم ينزفون عليّ، كما أن الإرهابيين منعوا خروج المصلين، وقتلوا كل من حاول الهروب. صوت الرصاص بدأ فور صعودي على المنبر بدقيقتين، حسبي الله ونعم الوكيل.. منظر بشع.. أنا لقيت فوقي اثنين مضروبين بالرصاص، وأغمي عليّ إلى أن انتهى الضرب. إن الاستهداف كان لجميع المصلين، وليس لشخص معين، وفروا بمجرد حضور أفراد الجيش». وتابع «أحد الإرهابيين قتل مواطناً كان على المنبر، والآخر كان أسفل مني، وشعرت به كما لو كان يسير على دماغي، وكان صوت الرصاص يغطي على كل شيء في المسجد، والمشهد كان صعباً بشكل يصعب تخيله». وأوضح أن «السيدات دخلن المسجد عقب خروج الإرهابيين يبحثن عن ذويهن، وكذا المسعفون»، مشيراً إلى أنه دخل في حالة هيستيرية، وراح يردد ألفاظاً غير مفهومة. وأكد عبدالفتاح أنه لم ير وجوه المسلحين، ولا يعرف عددهم أيضاً، لكنه شعر بحركتهم في المسجد فقط. مشيراً إلى أن المسجد لا تقام فيه إلا شعائر صلاة الجمعة، والصلوات العادية، والدروس الدينية، ولا تتم أي أمور أخرى داخل أروقة المسجد، وأن هناك ساحة إلى جانب المسجد تقام فيها شعائر الحضرة، وأمور أخرى، مؤكداً أن المسجد مخصص للصلاة فقط. وروى شاهد اسمه «محمد» لجريدة «البوابة» أن ما يقارب الـ15 مسلحاً داخلوا المسجد، وأطلقوا الرصاص من خلف المصلين الجالسين على الأرض، وكأنها عملية إعدام جماعي، والرصاص كان موجهاً إلى الرأس بشكلٍ مباشر، وأن أحد المسلحين أمر زملاءه قائلاً «لا تتركوا أحداً يهرب، اقتلوهم جميعاً»، وأن حالة من التزاحم الشديد حدثت في مقدمة المسجد، حيث حاول المصلون الهروب عبر غرفة المكتبة، التي تحتوي على شباك يطل على الشارع وعلى ساحة المسجد القديمة، لكن المسلحين ألقوا على التجمع قنابل يدوية، سقط على إثرها عدد كبير من القتلى، وداخل غرفة المكتبة باغتهم أحد المسلحين من الشُرفة بعبوات ناسفة صغيرة، فقتلتهم جميعاً. وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، لـ«الإمارات اليوم» إن جميع المساجد التي استهدفت في العالم كانت لأسباب مذهبية، وإن «داعش» أدرج الضحايا الصوفيين على قوائم الشيعة والكفار، لتجنب ما يقال عن إنهم قتلوا «أهل السنة والجماعة». ووصف رشوان ما حدث بأنه أقرب إلى التطهير العرقي، لكنه استدرك بأن «اختيار الإرهابيين مسجداً لتنفيذ عملية إرهابية يدل على أنهم اختاروا هدفاً سهلاً، ولم تعد لهم القدرة على الاشتباك مع قوات الأمن، لكن الجريمة الإرهابية تكشف عن تغيير واضح في أسلوب هؤلاء الإرهابيين، وفي طبيعة أهدافها، وتفضح ما وصلت إليه هذه الجماعات في مصر من ضعف ويأس وانهيار في قدراتها، تحت وطأة المواجهة الأمنية الفعالة، فاتجهت إلى أسهل الأهداف، ولو كانت مسجداً، يضم مصلين أبرياء من مختلف الأعمال، مخالفة بهذا لكل تعاليم الدين الإسلامي الحنيف». وشدد رشوان على أن «النتائج الأولية لأبعاد الجريمة الإرهابية التي حدثت في مسجد الروضة تكشف عن العديد من الحقائق، وتظهر الكثير من المواقف، وتحمل عدداً من الدلالات، من بينها أن هذه الجريمة تؤكد الطبيعة الوحشية للتنظيمات الإرهابية التي تواجهها مصر، والتي لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم في التاريخ الإنساني، دون رادع من دين أو انتماء للبشرية». وقال الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبدالفتاح، إن «الحادث له دلالات عدة، منها أن التنظيم مصاب بالإحباط، بسبب ما تلقاه من ضربات موجعة من الجيش والشرطة والأهالي في سيناء، بدليل أنه عاجز على استهداف أهداف حيوية، واتجه إلى المدنيين لزيادة أعداد الضحايا، ليوجه رسالة إلى العالم بأنه مازال موجوداً، ويريد أن يزرع الشكوك بين الشعب وأجهزة الأمن، وأنها عاجزة عن حمايته». وأوضح عبدالفتاح أن التنظيم أراد إفساد أجواء الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنه أراد أن يبعث برسالة، مفادها أنه تحول في استراتيجيته باستهدافه للمدنيين والمساجد، وهو ما تفعله تنظيمات مسلحة في أجزاء متفرقة من العالم.

مشاركة :