ولد عباس يسرع الخطى لإسقاط أويحيى من رئاسة الحكومة الجزائرية بقلم: صابر بليدي

  • 1/2/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

ولد عباس يسرع الخطى لإسقاط أويحيى من رئاسة الحكومة الجزائريةيشير لقاء الثلاثية في المقر المركزي لحزب جبهة التحرير الوطني، إلى أن المعركة بين رئيس الحكومة أحمد أويحيى، والرجل الأول في الحزب الحاكم جمال ولد عباس، وصلت إلى مرحلة كسر العظم، وأنّ المشهد الذي يسبق ترتيب أوراق هرم السلطة في الجزائر، لم يعد يحتمل الطرفين، بسبب تنافر الطموحات والحسابات السياسية لكليهما.العرب صابر بليدي [نُشر في 2018/01/02، العدد: 10857، ص(4)]نحن أدرى بمصلحة الجزائريين الجزائر - يعقد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، الثلاثاء، بالمقر المركزي للحزب بالعاصمة، لقاء مع الأمين العام للمركزية النقابية عبدالمجيد سيدي سعيد، ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات رجل الأعمال علي حداد، لبحث خلفيات وأهداف الاتفاق المبرم مؤخرا مع الحكومة لخصخصة المؤسسات الحكومية. وأثار اللقاء الذي وُصف بـ”الثلاثية الموازية”، لغطا كبيرا في الشارع الجزائري، إذ أنّ المبادرة غير مسبوقة في المشهدين السياسي والرسمي الجزائري، وتعكس وجود شرخ كبير في معسكر السلطة، وحدّة الصراعات الدائرة في مراكز القرار على المستقبل السياسي للبلاد. ويرى مراقبون للشأن الجزائري، أنّ معركة القبضة الحديدية بين ولد عباس ورئيس الحكومة أحمد أويحيى، التي انطلقت منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر مايو الماضي، قد وصلت إلى مرحلة كسر العظم. وبحسب هؤلاء فإنّ معسكر السلطة لم يعد يحتمل الاثنين، ومآله سقوط أحدهما، لا سيما بعد المبادرة التي أطلقها ولد عباس، بشكل يمسّ بمصداقية اتفاق رسم وأبرم ووُقّع من طرف رئيس وزراء، وليس أيّ موظف حكومي. وكانت الثلاثية قرّرت فتح رفع رأسمال المؤسسات الحكومية، أمام الاستثمارات الخاصة، في إطار ما أسمته بـ”الشراكة بين العمومي والخاص”. لكنها لم تحدّد طبيعة المؤسسات المعنية بالعملية، ولو أن التصريحات التي أعقبت اللقاء المذكور، استثنى ما يعرف بالمؤسسات “الاستراتيجية”، على غرار شركتي سوناطراك النفطية وسونلغاز للكهرباء والغاز. وأثار الأمر استفهامات وانتقادات شديدة من طرف قوى سياسية ومختصين في مجال الاقتصاد، حيث استغرب المستشار الرئاسي السابق والقيادي في حزب طلائع الحريات المعارض محمد بلعالية، الاتفاق المُبرم في ظل غياب الشفافية وهيمنة الفساد والضبابية التي تلفّ حول دور ونفوذ تنظيم أرباب العمل. وقال “من الغريب قبول اتفاق من هذا القبيل، في ظل غياب آليات الشفافية والنزاهة، على غرار البورصة التي تضمن تكافؤ الفرص بين جميع الناشطين في القطاع الخاص، وحتى دفتر الشروط الذي يحدّد وضعية المؤسسات الحكومية وأسباب تعثرها”. وأضاف “الجزائر عرفت عمليات خصخصة قادها نفس المسؤول (أحمد أويحيى)، انتهت بالفشل وببيع الممتلكات العمومية بالدينار الرمزي، لفائدة نافذين في القطاع الخاص، وبالتواطؤ مع الإدارة ومسؤولين حكوميين”. وقال جمال ولد عباس إنّ “اتفاق الخصخصة يشوبه الكثير من الغموض، وجبهة التحرير الوطني ليست ضد القطاع الخاص، لكنها تريد إضفاء الشفافية على العملية، والاطمئنان على مستقبل القطاعات الاستراتيجية، وتأمينها من تلاعبات محتملة”. وأضح أن حزبه “الذي أسس للقطاع العام في البلاد، لا يريد التسليم في مكتسبات وإنجازات تحققت بتضحيات جسيمة”. ويرى محللون سياسيون أن “الثلاثية الموازية غير المسبوقة التي بادر بها جمال ولد عباس، تعكس حالة الاحتقان داخل أقطاب السلطة، وإن كان ظاهرها هو بحث اتفاق الخصخصة، فإنّ باطنها هو صراع الطموحات السياسية ومستقبل الرئاسة ولو كان على حساب مصداقية الدولة”. ويضيف هؤلاء “اللقاء المنتظر بين ولد عباس وعبدالمجيد سيدي سعيد وعلي حداد، في غياب الحكومة، يمثّل طعنا في الاتفاق المُبرم مهما كانت خلفياته ونتائجه، وخطوة في اتجاه تسريع عملية إسقاط أحمد أويحيى، من رئاسة الحكومة”. ويواجه أحمد أويحيى، منذ تنصيبه في قصر الدكتور سعدان منتصف شهر أغسطس الماضي، خلفا لعبدالمجيد تبون، معُوقات غير مسبوقة، توحي إلى أنه ليس في موقع مريح. وعانى حزبه من تجاوزات إدارية في الاستحقاقين الانتخابيين السابقين (التشريعيات والمحليات)، ومن ضغط قوى فاعلة دفعته للتراجع عن البعض من القرارات، كما هو الشأن بالنسبة إلى قائمة مركبي السيارات والمركبات التي حدّدها بخمس علامات، قبل أن يتراجع ويضطر إلى تجميد القرار إلى غاية نهاية العام الجاري. وبات الوضع في هرم السلطة يثير الكثير من الاستفهامات، بشكل يعزّز طرح الشغور في منصب رئيس الجمهورية بسبب الوضع الصحي، حيث تم استهلاك ثلاث حكومات في عام واحد، ببرامج متناقضة، لكن أصحابها يروّجون للاستناد لتزكية مزعومة من طرف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وفيما تبنّت حكومة عبدالمالك سلال، ما عرف بـ”النموذج الاقتصادي الجديد”، للتحرر من تبعية النفط وتنويع مصادر الدخل الوطني، دخل خلفه عبدالمجيد تبون، في مواجهات علنية مع لوبيات المال السياسي، في إطار ما أسماه بـ”الفصل بين السياسة والمال”، لمحاربة الفساد المستشري. لكن أحمد أويحيى، أعاد جسور الثقة مع لوبيات المال وعوّل على قطاع النفط لمواجهة متاعب الأزمة الاقتصادية، وتبنى توجهات وصفت بـ”الخطيرة”، على غرار طبع الأموال والخصخصة. وهو ما كرّس حالة الارتباك في هرم السلطة، خاصة مع خطوة ولد عباس التي أنهت الحد الأدنى من الانسجام الداخلي، وتشير إلى احتدام الصراع حول خلافة بوتفليقة، تحت عناوين مختلفة، بدأت بتزوير الاستحقاقات الانتخابية، ووصلت إلى إجهاض مشروع الخصخصة، ويبقي المجال مفتوحا لمعارك أخرى.

مشاركة :