حكومة أويحيى تفشل في إقناع الجزائريين بوضع البلاد الصعب بقلم: صابر بليدي

  • 9/11/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، بصعوبة الوضع الاقتصادي للبلاد، وبالأسوأ الذي ينتظر الجزائريين خلال نهاية العام الجاري، وخلال العام القادم، نظرا إلى تراجع هامش المناورة للحكومة، والتآكل التدريجي لمدخرات النقد الأجنبي، مقابل استمرار مؤشرات تواضع أسعار النفط في الأسواق الدولية في المديين القصير والمتوسط. وتعيش السلطة حالة من الارتباك في المدة الأخيرة، حيث صادق مجلس الوزراء على برنامج حكومتين في ظرف ثلاثة أشهر، رغم أن كلتيهما زعمت تطبيق برنامج واحد للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وظهرت على الحكومتين تناقضات كثيرة، لا سيما في ما يتعلق بعلاقة الحكومة ببعض رجال الأعمال، والقرارات السيادية التي اتخذت من طرف رئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، وألغاها خلفه أحمد أويحيى. وينتظر أن ينزل أويحيى إلى قبة البرلمان الأسبوع القادم، ليرافع على برنامج حكومة ستشرف على تنفيذ تحوّلات اقتصادية واجتماعية قاسية. وأوكلت السلطة، المهمة لأويحيى المعروف بنزعته البراغماتية، وقدرته على تنفيذ القرارات غير الشعبية، دون اكتراث للانتقادات أو للخصومات. ويقول مراقبون إن ما تسرّب من البرنامج الذي تعكف على انتهاجه الحكومة بداية من العام المقبل، ينطوي على الكثير من المجازفات التي وصفوها بـ”الخطيرة”، لا سيما في ما يتعلق بالتوجه لمراجعة قانون المحروقات والمناجم والنقد والقرض. ويلمح الأول إلى استمرار الحكومة في الاعتماد على قطاع النفط، خاصة مع التوجه للتنقيب وإنتاج الغاز الصخري المثير للجدل، ما يعني فشل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2014 في خلق بدائل ناجعة للتحرر من مداخيل النفط. أما الثاني فمن أجل السماح لإنتاج سيولة نقدية جديدة لفائدة الخزينة على مدار الخمس سنوات القادمة لتغطية العجز، وهو النموذج الذي انتهجته دولة فنزويلا وانتهى بها إلى إفلاس اقتصادي وانفجار اجتماعي. وحذّر الخبير الاقتصادي والمستشار الحكومي السابق عبدالرحمن مبتول، من مغبة التوجه إلى “خيار تمويل البنك المركزي للخزينة العمومية بكتلة نقدية جديدة بدعوى تغطية العجز، والإبقاء على وتيرة التنمية”.ما تسرب من البرنامج الذي تعكف على انتهاجه الحكومة، ينطوي على الكثير من المجازفات التي توصف بـ"الخطيرة" ولفت إلى أن ذلك سيترتب عنه ارتفاع في التضخم وتراجع القدرة الشرائية، وهو الفتيل الذي سيشعل الانفجارات الاجتماعية في غالب الأحيان. ولا يبدو أن طريق أحمد أويحيى لانتزاع ثقة البرلمان ستكون مفروشة بالورود، رغم أن الأغلبية في البرلمان بحوزة أحزاب السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي)، نظرا إلى حالة الاحتقان المبكّر، المرافق لتبعات التغييرات التي طالت الحكومة في ظرف ثلاثة أشهر، رغم أن الجميع في معسكر الموالاة يزعم تطبيق برنامج وحيد، هو برنامج الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وتتمسك الحكومة بمبدأ الطابع الاجتماعي للدولة، وتستمر في سياسة الدعم، والوقوف إلى جانب الفئات الهشة والمعوزة، في مجالات السكن، والمساهمات الاجتماعية، ودعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع. إلا أن المتاعب المالية التي تجلت في تأخر صرف منح البعض من الفئات الاجتماعية كالمعوقين والمستفيدين من عفو المصالحة الوطنية، يؤشر إلى الصعوبات التي تواجهها الحكومة في التكفل بالجبهة الاجتماعية. وخيّر التكتل النقابي المستقل، حكومة أويحيى، بتلبية المطالب التي رفعها خلال الأشهر الماضية، حول إلغاء قانون التقاعد، والمشاركة في إعداد قانون العمل المنتظر طرحه على البرلمان لاحقا، والحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، أو الدخول في إضراب مفتوح خلال الأسابيع المقبلة. ورغم هيمنة الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية، على الجدل الدائر في البلاد، نظرا لعلاقتهما الوثيقة بالجبهة الاجتماعية، إلا أن التجاذبات السياسية تبقى تلقي بظلالها على معسكر السلطة. وتصاعدت الدعوات لتطبيق البند 102 من الدستور من طرف أحزاب وناشطين سياسيين، لعزل الرئيس بوتفليقة، بدعوى العجز عن تأدية مهامه الدستورية، وحتى دعوة الجيش للتدخل من أجل إنهاء حالة الشغور في هرم السلطة. وكان الأمن الجزائري، قد تدخل في البعض من الشوارع والأماكن العمومية بالعاصمة، لاعتقال مناضلين من حزب جيل جديد المعارض، وناشطين سابقين في ما كان يعرف خلال العام 2014 بحركة “بركات”، بعد نزولهم للشارع لتوزيع منشورات وأقمصة تحمل الرقم 102، من أجل اقناع الشارع بتوسيع جبهة المطالبين بتطبيق البند المذكور من الدستور على الرئيس بوتفليقة. وتلقت “العرب” بيانا من قيادة الحزب، للتنديد بـ”توقيف القيادي نورالدين أوكريف، من طرف الأمن الجزائري، على خلفية مشاركته في نشاط سياسي قاعدي، للتعبير عن موقف الحزب، تجاه حالة الانسداد في هرم السلطة، والدعوة إلى توسيع جبهة المنادين بتطبيق البند الدستوري الذي يعالج حالة الشغور الرئاسي”. وهو ما رد عليه أويحيى على هامش نشاط سياسي لحزبه نهاية هذا الأسبوع، بالقول “إن دعاة البند 102 هم أصحاب وقت شاغر، وأن الرئيس بوتفليقة، رد بطريقته الخاصة على هؤلاء”، في إشارة لإشرافه الأربعاء الماضي، على اجتماع مجلس الوزراء للمصادقة على برنامج الحكومة. وكان بوتفليقة، دعا في مجلس الوزراء، “كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، والأحزاب السياسية لدعم إصلاحاته الاقتصادية والانضمام إليها”، لافتا إلى أن الشعب الجزائري الذي قدّم تضحيات كبيرة من أجل تجاوز المأساة الوطنية، “لا يستحق أن يعيش أزمة جديدة تنموية بعد تلك التي شهدها في نهاية الثمانينات من القرن الماضي”. وأضاف “من واجب كل واحد منا بغض النظر عن مختلف الانتماءات، بما في ذلك السياسية، المساهمة في الحفاظ على الاستقلالية الاقتصادية والمالية للبلاد، من خلال الانضمام للإصلاحات والجهود التي يقتضيها ذلك”. ودعا إلى “التحلي بالوعي الجماعي بالنظر إلى صعوبة المرحلة لتفادي تراجع النمو والحفاظ على الاستقلالية الاقتصادية والمالية للبلاد، بغض النظر عن مختلف الانتماءات بما في ذلك السياسية”، وهو ما يعد اعترافا منه بصعوبة الوضع الذي تمر به الجزائر.

مشاركة :