أنصار القذافي يراهنون على الانتخابات للعودة إلى السلطةتشغل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها خلال الأشهر القادمة في ليبيا، المتابعين للشأن السياسي الليبي الذين يتوقعون عودة قوية لأنصار العقيد الراحل معمر القذافي، مستفيدين من فشل قادة “فبراير” في إرساء دعائم الدولة طيلة السنوات الماضية.العرب [نُشر في 2018/01/02، العدد: 10857، ص(4)]الدعم الشعبي لا يكفي طرابلس - يراهن أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة للعودة إلى سدة الحكم، مستفيدين من تغيّر سياسة الأمم المتحدة إزاءهم، التي باتت ترحب بمشاركتهم في الحياة السياسية شريطة تخليهم عن أفكار القذافي وتسليم سلاحهم للدولة. ويستعد الليبيون لإجراء انتخابات عامة قبيل سبتمبر المقبل، بعد أن فشلت المفاوضات طيلة السنوات الثلاث الماضية في إنهاء الانقسام السياسي العاصف بالبلاد. ويطرح مؤيدو النظام السابق اسم سيف الإسلام نجل الراحل معمر القذافي كشخصية بإمكانها إعادة الاستقرار إلى ليبيا وهو ما يصطدم بعدّة عوائق قانونية، إذ لا يزال القذافي الابن مطاردا من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كما لا يزال الجدل قائما بشأن قانون العفو التشريعي العام الذي أصدره مجلس النواب وتم بموجبه إطلاق سراح سيف الإسلام من معتقله في مدينة الزنتان. وتوقّع منسق العلاقات الليبية المصرية السابق، أحمد قذاف الدم أن يكون سيف الإسلام الأوفر حظا لقيادة ليبيا في حال إجراء انتخابات نزيهة، وشدّد على أنّ هذا لن يكون معتمدا على قوة العائلة والتحالفات وإنما لأن الليبيين سئموا من فشل القيادات التي تناوبت السلطة منذ سقوط النظام سنة 2011. وقال “الليبيون هم من طرحوا احتمالية ترشح سيف الإسلام، لشعورهم بأنه قد يكون الحل للنجاة من الفوضى أما هو فلم يتحدث بنفسه”. وأضاف قذاف الدم “باعتقادي إذا رأى أن المناخ ملائم سيترشح، وحينها لن يحصل فقط على أصواتنا من مؤيدي نظام القذافي وإنما أيضا على أصوات قطاع كبير من الليبيين ممن سئموا كل الوجوه السياسية التي مرت على البلاد منذ 2011 وساهمت في تدهور أوضاعها… نحن وهؤلاء نشكّل 70 بالمئة تقريبا من الشعب: أي أغلبية”. ويستبعد مراقبون إقدام نجل القذافي على ترشيح نفسه لهذه الانتخابات لا سيما في ظل تواصل ملاحقته من قبل محكمة الجنايات الدولية. ويتوقع هؤلاء ترشيح شخصية من قيادات الصف الأول في نظام القذافي كبشير صالح أو جادالله منصور الطلحي. وكان المبعوث الأممي غسان سلامة قال في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي إنه لن يحاور سيف الإسلام باعتباره مازال مطلوبا من قبل محكمة الجنايات الدولية، وهو ما فهم على أنه رفض أممي لترشح نجل القذافي للانتخابات، رغم ترحيبه بمشاركة أنصار النظام السابق في الحياة السياسية عكس المبعوثين السابقين. وقال سلامة في تصريحات سابقة إن انضمام أنصار القذافي، إلى العملية السياسية يتطلب بالضرورة استجابتهم لشرطين رئيسيين. وأضاف “حضرت عشاء مع 30 أو 40 من قادة النظام السابق وتحدثت معهم وقلت لهم إنه من حقهم إنهاء حالة التهميش والإقصاء التي يعانون منها ومن حقهم أيضا أن يكونوا جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية”.مراقبون يستبعدون إقدام نجل القذافي على ترشيح نفسه لا سيما في ظل تواصل ملاحقته من قبل محكمة الجنايات الدولية واستدرك “لكن ذلك له شروط أولها أن يسعوا إلى إنهاء التهميش لا إلى إعادة فرض نظام مضى وثانيا التخلي عن العمل العسكري”. وينشط أغلب أنصار القذافي في المنفى محاولين إعادة تركيز النظام القديم وإخراج بلدهم من الفوضى، وباتوا يحصلون على دعم عدة بلدان خاصة منها الإقليمية. ويخدم فشل قادة ما يسمّى بـ”ثورة 17 فبراير” في تركيز دعائم الدولة وإرساء الاستقرار أنصار النظام السابق الذين يركزون في خطاباتهم على انتقاد خصومهم “الثور”. وعمّق الصراع المسلّح على السلطة الأزمة الاقتصادية في البلاد، ما انعكس سلبا على الأوضاع المعيشية للليبيين الذين باتوا يشتكون من غلاء الأسعار وشحّ السيولة في المصارف وانعدام الخدمات. وتقدّم المبعوث الأممي إلى ليبيا سبتمبر الماضي بخطة تتكون من ثلاث مراحل تهدف إلى إنهاء الأزمة الليبية عبر الانتخابات. ويتمثل الجزء الأول من الخطة في تعديل اتفاق الصخيرات وتشكيل سلطة تنفيذية موحّدة وهو ما فشلت المفاوضات في التوصل إليه. ويهدف الجزء الثاني من الخطة إلى عقد مؤتمر وطني جامع يدرس إجراء مصالحة وطنية شاملة، أما الجزء الثالث فيتمثّل في إجراء استفتاء على الدستور والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية. ورهن قذاف الدم قدرة المبعوث الأممي على تنفيذ خطته بتنظيم الانتخابات بوجود إرادة دولية تسعى فعليا إلى استقرار ليبيا، مشيرا إلى أنّ ضعف الإقبال على التسجيل بمفوضية الناخبين ليس ناجما عن مخاوف من الأوضاع الأمنية المضطربة بقدر ما يعكس عدم ثقة الليبيين بالغرب والأمم المتحدة. وقال “المبعوثون قبل سلامة هدفوا إلى إدارة الصراع لا إلى إنهائه”. وأضاف “الحلول كانت كثيرة أمامهم كالعمل على توحيد القوات المسلحة ودعمها، أو كف يد دول كقطر والسودان وتركيا عن تأجيج الصراع بكل وسيلة، وفي مقدّمتها العمل على إعادة شرعنة جماعات الإسلام السياسي بإشراكها في مفاوضات الصخيرات وغيرها رغم فشلهم في آخر انتخابات تشريعية”. ويستبعد متابعون إجراء الانتخابات قبل سبتمبر القادم نظرا إلى العقبات التي تعرقل عمل المبعوث الأممي، الذي مازالت جهوده تراوح مكانها منذ سبتمبر الماضي. ويتوقع هؤلاء أن يقفز سلامة على الجزء الأول من خطته نحو المؤتمر الجامع الذي ستكون وظيفته توحيد السلطة التنفيذية وإجراء مصالحة وطنية. وقال سلامة في تصريحات صحافية سابقة إن الخطة الأممية لا تهدف إلى تعديل اتفاق الصخيرات، بل تعمل من أجل تحقيق أهداف ثابتة هي الانتخابات والدستور والمصالحة الوطنية الشاملة.
مشاركة :