يسري السيد يكتب: هل تقترب الصحافة الورقية من لحظة النهاية؟

  • 1/4/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

هل تنتهى  صناعة الطباعة الورقية فى مجالات الصحف والمجلات والكتب بسبب غول الصحافة الإلكترونية أو الكتاب الإلكترونى من جهة والتقدم فى تكنولوجيا المواقع الإلكترونية والفضائيات؟! وتمتد الأسئلة هل فقدت صاحبة الجلاله عرشها أو تكاد لصالح الآيباد أو الآيفون أو الموبايل البسيط الذى يشكل بحق الطوفان الذى يجرف من طريقه كل وسائل الإعلام التقليدية بما فيها الفضائيات نفسها، حيث أتاح إمكانية متابعة كل شىء من خلاله بعيدا عن شاشة التلفزيون التقليدية،  فما بالك بالجريدة أو المجلة أو الكتاب الورقى !! الأخطر من ذلك أن الكل يكاد يتحالف لنزع التاج من صاحبة الجلالة:- ·        أنظمة الحكم التى مازالت ترى فيها الخطر أو الأسد الذى لم يفقد أنيابه بعد رغم تعدد وسائل الحصار والمطاردة والسجن والتنكيل والقتل أحيانا منذ سنوات، لذلك تفرح كثيرا بكم المصائب الاقتصادية والتكنولوجية التى تهدد وجود صاحبة الجلالة !! ·        القارئ..  وما يعانيه من أزمات اقتصادية جعلته لايملك من المال مايكفى لقوته اليومى واحتياجاته البسيطة حتى يجد مايوجهه لشراء جريدة يومية أو مجلة أو كتاب بعد أن كان فى الماضى لايكتفى بجريدة واحدة يوميا. ·        وتأتي الشريحة العمرية الشبابية بما تعلمته من تكنولوجيا الإنترنت ورفضها لما هو تقليدى لتشكل الخطر الاكبر فى سوق شراء الصحافة الورقية ·        ويبقى الأمل فى استمرار الصحافة الورقية بعض الوقت مرهونا باستمرار شرائح عمرية  وعواجيز لا يعرفون التكنولوجيا الجديدة !! ·        الأزمات الاقتصادية ونضوب سوق الإعلانات وارتفاع أسعار الورق ومستلزمات الطباعة والمغالاة فى فرض الجمارك عليها ، “زاد الطين بله ” على رأس صاحبة الجلالة. ·        وتأتى الكارثة فى  مفاهيم التحرير والعمل الصحفى عند نسبة من القائمين على رئاسة تحرير الصحف خاصة ممن تتدخل الحكومات فى اختيارهم حيث يكون الولاء للانظمة الحكم اهم بكثير من الكفاءة والمهنية والخبرة والرؤية ، وبذلك تدهور ما تبقى من هذه الصناعة على ايديهم !! ·        ويأتى غول تقدم الإنترنت والموبايل ليكون السيف الذى يكاد يقطع آخر شرايين الحياة فى هذه الصناعة بمفهومها التقليدى. طبعا لن تهنأ أنظمة الحكم خاصة الديكتاتورية بهذه المصائب التى حلت على رأس الصحافة الورقىه لأن الصحفيين زى القطط  ب “سبع أرواح ” !! §        فإذا كانوا أو-  كادوا-  سيفقدون عملهم فى الصحافة الورقية التقليدية فسوف ينتقلون، أو قل انتقل بعضهم والبقية تأتى إلى  وسائل الإعلام الجديدة وفنون المالتيميديا المختلفة. ويدلا من القلم أصبحت الكىبورد  البديل …وبدلا من الورقة والحبر والخط غير المقروء أصبحت هناك برامج” الورد “الذى يتولى كل شىء حتى التصحيح الإملائى ، بل ووصل الأمر إلى عدم استخدام الأصابع على أزرار ال “كى بورد”  إلى برامج الإملاء الصوتى الذى يحول الصوت إلى حروف وكلمات بمجرد النطق !! هذا عن الشكل،  أما المضمون فمهما بالغت الحكومات فى تخبئة أو إخفاء المعلومات أصبحت التسريبات المقصودة او غير المقصودة كاشفة لكل مستور !! والأخطر من ذلك ان الحروب القادمة هى حروب اعلام يعنى الاعلام قد يصبح نقمة  وقنبلة نووية فى يد اعداء اى بلد ، او نعمه  اذا كانت كالضوء الكاشف لاى خلل تعالجه الحكومة لصالح مواطينها او لصالح استمرارها على كرسى الحكم باختصار ستظل الصحافة هى السلطة الرابعة ولا ابالغ الآن بتحولها الى السلطة الاعلى وليست الاولى فحسب ؟! نعم قديما وقف الإنجليزي أدموند بييرك (المتوفى عام 1797 فى مجلس العموم البريطانى ليدافع عن حرية الصحافة وفجأة نظر الى مقاعد الصحفيين الذين يتابعون المناقشات قائلا:” توجد سلطات، لكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين، يجد السلطة الرابعة” و تذكر بعض المصادر التاريخية أن تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة ترجع إلى المؤرخ البريطاني توماس ماكولاي، المتوفى عام 1859، إذ قال: “إن المقصورة التي يجلس فيها الصحفيون أصبحت السلطة الرابعة في المملكة”. §        ويدور الجدل التاريخى حول أول من أطلق تعبير “السلطة الرابعة”، إلا أن اتفاقاً واسعاً أن المؤرخ الأسكتلندي توماس كارليل هو من أعلن المصطلح من خلال كتابه “الأبطال وعبادة البطل” (1841) حين اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك أشار فيها الأخير إلى الأحزاب الثلاثة (أو الطبقات) التي تحكم البلاد ذلك الوقت، رجال الدين والنبلاء والعوام، قائلاً إن المراسلين الصحفيين هم الحزب الرابع -“السلطة الرابعة”- الأكثر تأثيراً من كافة الأحزاب الأخرى. §        هكذا تذكر بعض الموسوعات….وهكذا اطلق على صاحبة الجلالة منذ ذلك التاريخ السلطة الرابعة بعد السلطات الثلاث المعروفة وهى التنفيذية والتشريعية والقضائية. طبعا قد يعترض بعض اساتذة العلوم السياسية على هذه التسمية انطلاقا من أن السلطات المعروفة الثلاثة ليس من بينها الصحافة لأن السلطة لابد أن تصدر قرارات ثم يكون لها أدوات تنفذ بها قراراتها. وتناسى المعترضون فى البداية أن الشعب هو مصدر السلطات، وبالتالى فهو الوحيد الذى من حقه أن يمنح ويمنع، هو الذى يختار بالانتخاب الحاكم والحكومة(سلطة تنفيذية) والبرلمان (سلطة تشريعية)، أما السلطة الثالثة “القضائية ” فتحكم باسم الشعب، لذلك يتصدر أى حكم قضائى جملة مقدسة هى: باسم الشعب… والنائب العام الذى يوجه الاتهام ويحيل للمحاكمة، يكون نائبا عن الشعب فى الدفاع عن حقوقه…  يعنى البرلمان يشرع ويراقب السلطة التنفيذية،والسلطة القضائية تحقق العدل وتحاكم السلطة التنفيذية بالقوانين التى تصدرها السلطة التشريعية…. فإذا كان الأمر كذلك فماذا تعنى الصحافة للشعب ؟ هى صوت الشعب ومنبره وعينه الساهرة لرقابة السلطات الثلاث. لذلك أرى أنه لابد أن تكون الصحافة هى السلطة الأعلى وليس السلطة الرابعة!! لذلك انتبه الى ذلك الرئيس الراحل انور السادات واطلق مصطلح السلطة الرابعة على الصحافة.. نعم قد يكون هدفه كما  روج البعض”دغدغة ” مشاعر الصحفيين ، ومحاولة منه لكسب ودهم لتمرير تعديلات دستورية آنذاك  مثل المد لأكثر من مدة لرئيس الجمهورية أو مساعدته الاستمرار فى الحكم بالتهليل لقراراته وسياساته. ومع ذلك قد يكون مصطلح “السلطة الرابعة” قد فهمه البعض خطئا فى الثقافة العربية بالربط بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، و الصحافة واعتبارها رابع سلطة دستورية نظير تأثيرها القوى فى الرأى العام … إلا أن السلطة المعنية فى المصطلح الأصلى قد تكون هي القوة التي تؤثر في الشعب وتعادل، أو تفوق، قوة الحكومة من جهة، أو السلطة التى يمكنها أن تكون أقوى من الجميع لأنها تستطيع أن تراقب الكل!! لكن الحقيقة التى لاتقبل الجدل ان الصحافة سلطة وتسبق فى الترتيب السلطات الثلاث، أو تسكن فى برج عاجى بعيدا عنهم، برج صنعه لها الشعب ،حتى ولو لم يعترف بها الحاكم أو أهل الفقه الدستورى أو أساتذة العلوم السياسية.. كيف ولماذا ؟ الحكاية تبدأ  فى مصر أن الصحافة قد خسرت هذا المصطلح فى دستور الإخوان الصادر 2012 وأيضا فى دستور 2013 فإذا جئنا إلى دستور 1971 نجده ينص في المادة (206) على أن «الصحافة سلطة شعبية مستقلة، تمارس رسالتها على الوجه المبين في الدستور والقانون» بل ووصل الأمر إلى استحداث باب جديد فيه وهو الباب السابع، ويخصص أحد فصول هذا الباب لسلطة الصحافة. مستخدما عبارة (سلطة الصحافة) كعنوان للفصل الثاني من الباب السابع، يعنى يعتبرها إحدى سلطات الدولة، مثل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. وعند الحديث عن حقوق الصحفيين، استخدم الدستور بعض الألفاظ والعبارات التي استخدمها للدلالة على استقلال القضاة. مثل المادة (210) من الدستور وتنص على أن «للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقاً للأوضاع التي يحددها القانون. ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون». وهذه العبارة الأخيرة تذكرنا بنص المادة (166) من الدستور، والتي تقرر أن «القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.». بعنى فى دستور الاخوان خسرنا حق الحصول على المعلومات وتاج السلطة الرابعة !! لكن مازال فى الذهن عالقا رفض المستشار حسام الغريانى رئيس لجنة ال100 لوضع دستور 2012 وصف الصحافة بالسلطة الرابعة انطلاقا من أن السلطات الحقيقية من وجهة نظره هى ثلاثة ليس من بينها الصحافة التى حاول السادات خداع الصحفيين وايهامهم على حد قول الغريانى بأنها سلطة رابعة. نعم قد يكون الغريانى محقا وأساتذة العلوم السياسية محقين من وجهة نظر أكاديمية.. لكن لماذا تجاهلوا أن الصحافة هى: الرقيب الشعبى على تصرفات الحكومة؟ بل هى الرقيب الشعبى على السلطة التشريعية التى انتخبها الشعب. بل وعلى السلطة القضائية ذاتها والتى تحكم باسم الشعب. كل هذا حتى يكون على رؤوس الصحفيين ريشة، كما كان يروج مبارك ونظامه ؟! الإجابة: لا لكن حتى يكون على رأس الشعب- مصدر السلطات –  ريشة… لماذا ؟! لأنه هو السلطة الأعلى  فى اى بلد !! yousrielsaid@yahoo.com

مشاركة :