بكين تدير ظهرها لبناة اقتصادها الصغار

  • 1/5/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تنفذ بكين عملية ترحيل تدريجية للعمال الذين نزحوا إليها من الأرياف، والذين يعملون في الغالب في مهن بسيطة، وأسهموا في ازدهار العاصمة، مخاطِرَةً بالمساس باقتصادها.وجاء لين هويكينغ، وهو سائق شاحنة، بمفرده إلى بكين بحثاً عن عمل قبل 18 عاماً، وترك في قريته زوجته وأطفاله الرضع. ومنذ ذلك التاريخ ونظراً لقلَّة موارده، لا يزور قريته سوى مرة في السنة. وهو مثل ريفيين آخرين، يقوم بأعمال مضنية يعزف عن القيام بها معظم سكان بكين.وهذا الرجل الخمسيني من بين مئات ملايين النازحين الذين أسهموا في جعل الصين في غضون بضعة عقود، ثاني قوة اقتصادية في العالم. لكن في ديسمبر (كانون الأول) 2017 طرد من الحي الذي كان يسكنه، ليكون مثل آخرين غيره، ضحية حملة هدم تهدف إلى خفض سكان العاصمة إلى ما لا يزيد على 23 مليون نسمة بحلول 2020، مقابل نحو 21 مليون نسمة حالياً. وقال لين شاكيا: «إذا عدت إلى قريتي فلن يكون لدي عمل يمكنني من إعالة زوجتي وأولادي»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.وتنوي بلدية بكين هدم مبانٍ تمتد على مساحة 40 مليون متر مربع بنيت بطريقة «غير قانونية»، بحسب صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم.وأنشأ لين مع أصدقائه لدى وصولهم إلى بكين نوعاً من الصندوق المشترك، وأخذوا قروضاً لشراء شاحنات نقل بضاعة. وهو يكسب قوت يومه من نقل سلع صغار التجار.وتعرض هذا القطاع لضربة شديدة بسبب عمليات الهدم التي أدت إلى طرد عشرات آلاف النازحين في عز الشتاء البارد.وأشار لين إلى أن «زبائننا هم عمال مثلنا... ومع إغلاق المتاجر الصغيرة لم يعد لدينا ما ننقله وبتنا عاطلين عن العمل».غير أن حملة الطرد لها تأثير على مجمل اقتصاد المدينة التي باتت تعاني نقصاً في اليد العاملة. ومسَّ الأمر خصوصاً البقالات والشواغل الصغيرة وتسليم الطرود الذي تنامى كثيراً مع توسع التجارة الإلكترونية. كما أن النازحين يتولون تقريبا كل الأعمال في قطاع البناء وخدمات المنازل والتنظيف. ورأى إيلي فريدمان الخبير في العمل في جامعة كورنيل الأميركية أن المدن الصينية الكبرى «لا يمكن أن تعمل دون عمال نازحين»، وأضاف: «إذا تمَّ طرد كل عامل آتٍ من مكان آخر في كبريات المدن مثل بكين وشنغهاي وكانتون، فإن محركات النمو الاقتصادي هذه ستنهار تماماً».وذلك هو ما يحدث تماماً، بحسب لي نينغ، وهو واحد من 60 ألفاً من عمال تسليم الطرود في بكين. وبعد طرده أخيراً من سكنه، بات عليه أن يؤجر شقة بسعر يفوق أربع مرات ما كان يدفع. وقال: «كل النازحين يغادرون بكين. لم يعد بإمكاننا توفير احتياجاتنا»، مضيفاً أنه سيغادر بكين مع بداية العام الصيني الجديد في منتصف فبراير (شباط) المقبل.وتؤكد السيدة وانغ، وهي رئيسة شركة تسليم، أنها «ستغادر» إذا أغلقت السلطات مخزنها الذي سيهدم قريباً. وكانت وانغ قد نقلت شركتها إلى هذا المخزن في بداية ديسمبر 2017، بعد أن أجبرت على إغلاق مركزَيْ تسليم آخرين وقلصت عدد عمالها من 240 إلى 60. وقالت وهي تجاهد لحبس دمعها: «لا شيء مستقر... لا أدري ما سيحدث غداً».وتمس عمليات الهدم أيضاً قطاع التجارة الصغيرة، ما يدفع المستهلكين إلى المتاجر الكبرى أو التجارة الإلكترونية. وكان جي غوكسيانغ قدم من جيانغسو (شرق) قبل عامين إلى بكين مع زوجته لتسلم محل شقيقه لإنتاج مواد النسيج. لكن سوق الجملة التي توجد فيه المتجر تلقى أمراً بالإغلاق. وقالت السلطات إنها شيدت في منطقة هيباي قرب العاصمة مناطق مخصصة لنقل تجار هذه السوق إليها.وعلق غوشيانغ: «يحتاج الأمر سنوات لكسب الزبائن. علينا إعادة تأسيس كل شيء من الصفر. كما أن زبائننا (من سكان بكين) هم خصوصاً من كبار السن، ولا يعرفون كيف يشترون عبر الإنترنت. ماذا سيفعلون؟».

مشاركة :