سيكون من الغباء الاعتقاد بأن حرص حكومتنا الفائق على مراقبة ما ينشر وما يجري التعبير عنه من آراء، من الغباء اعتبار ذلك على انه اريحية من الحكومة، ورغبة حقيقية منها للانتصار للمواطنين ولضمان حقوقهم وحماية مشاعرهم. من الخطأ اعتقاد ذلك لان حكومتنا معروفة ومشهود لها من كل الثقات بانها ابعد ما تكون عن الاهتمام بالمصلحة العامة او العناية بما يهم ويؤثر في المواطنين. لهذا لا بد من تفسير او سبب آخر لهذا الاندفاع الحكومي السلطوي لتطويق حرية التعبير ولتكميم وتخزيم وتكعيم كل من يحاول ان يعمم رأيه او يشارك الآخرين به. اعتقد، وليس لدي ادنى شك في ذلك، ان الحكومة تتظاهر بحماية مشاعرنا والحرص على مصالحنا.. ولكنها في الحقيقة تحمي البائد من موروث والساقط من عادات وتقاليد بالية. لان كل قديم وعتيق يتناسب وعقليتها، ويؤدي بشكل فعال الى حماية مصالحها وضبط وربط المخالفين لها. تتستر الحكومة بدعاوى حماية الناس والحرص على مشاعرهم من اجل فرض الحماية الحقيقية على ما يحجم عقول المواطنين، ويحد من تفكيرهم الايجابي والحر الذي بالتأكيد سيؤدي الى خلق رأي عام مستنير وقادر على ان يلزم السلطات بما هو حق وما هو صواب، ووضع هذه السلطات بحكم الارادة الشعبية على الطريق المستقيم. صعب وغير منطقي في ظل التطور الاعلامي والسياسي الذي يلف العالم، ان تتصدى سلطاتنا بـعناد ومثابرة كما يحدث حاليا، صعب ان تتصدى لحرية الرأي والتعبير من دون ان تغلف هذا التصدي والعنجهية التي ترافقه بالتظاهر بخدمة المصلحة العامة، والحفاظ على حقوق وعادات وتقاليد المواطنين. ليس هناك «محافظة» في النظام الديموقراطي، لان التعددية مبدأ اساسي في النظام. إذا كانت الديموقراطية تكفل حق كل مواطن في «المحافظة» على ما يعتقد انه صالح او يجب ان يكون دائما من عادات وموروث.. فان هذا الحق يجب الا يلغي حق الآخرين في نقد وحتى تغيير هذا الموروث. اي ان لحكومتنا – رغم قناعتنا بكذب هذا الادعاء – ان تدعي الحفاظ على التقاليد واحترام معتقدات الازمنة الغابرة.. ولكن ليس من حقها على الاطلاق حماية هذه العادات والتقاليد من النقد ومن محاولات التغيير السلمية والمشروعة. عبداللطيف الدعيج
مشاركة :