تعتبر إيران على رأس قائمة الدول الراعية لتجارة البشر، وفي يونيو الماضي، اعتبرت الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول الاتجار بالبشر إيران بلداً مصدراً لتجارة الجنس وناقلاً لها ومقصداً لها، ويخضع لتلك التجارة النساء والرجال والأطفال. وأشار التقرير إلى وجود جماعات منظمة تُخضع النساء والفتية والفتيات الإيرانيات إلى تجارة الجنس في إيران، وأفغانستان، وإقليم كردستان العراقي وباكستان وأوروبا. وفي أغسطس الماضي، انتقد مسؤول إيراني سابق، مؤشرات تردي الأوضاع الاجتماعية في بلاده وتفاقم ظاهرة التشرد ورواج تجارة البشر والجنس، فقد أبرز صادق خرازي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية الإيراني المقرب من النظام «إنه على السلطات القضائية ألا تسعى إلى تكميم الأفواه، وعار علينا أن تتواجد مئات البغايا اللواتي يتم بيع أطفالهن أو يعثر عليهم في القمامة وسط طهران» وفق تعبيره. وأضاف «في طهران وحدها توجد أكثر من ألف امرأة مشردة يعانين من انعكاسات اجتماعية يخجل الإنسان من ذكرها لفظاعتها». تجارة الأعضاء ووفق الباحث السعودي حامد الكناني، في بحث قدّم إلى مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث، فإن كل من زار العاصمة الإيرانية طهران في السنوات الماضية، يشهد إعلانات وأرقام هواتف جوالة وقوائم أسعار لبيع الكلى يتركها أعضاء العصابات المتخصّصة بتجارة الأعضاء البشرية في زوايا من الشوارع وأكشاك الهواتف العامة. وتقوم هذه العصابات برصد الفقراء والمحتاجين واستغلال ظروفهم الاقتصادية بعد عرض مبلغ من المال، مقابل بيع أعضاء من أجسادهم، وغالباً ما يتعرض هؤلاء الفقراء لعمليات نصب واحتيال من قبل العصابات، حيث تنزع أعضاؤهم الجسدية بعد تخديرهم في أماكن غير مرخصة قانونياً، وغالباً ما يترك الضحايا في الشوارع العامة دون مقابل، وفي أفضل الأحوال يتسلم بعضهم جزءا قليلا من المال. بيع الأطفال كما تعتبر إيران أكثر دول العالم انتهاكاً لحقوق الأطفال الذين يباعون في أسواق الجنس وتجارة الأعضاء وغيرها، وفي يناير 2017 أعلن عضو اللجنة القضائية القانونية في مجلس النواب الإيراني، بهمن طاهر خاني، عن انتشار غير مسبوق لـ«بيع الأطفال» في إيران، وإنها أصبحت تجارة رائجة. وقال بهمن طاهر خاني خلال حديثه لوكالة خانه ملت، إنّ حالات بيع الأطفال في إيران أصبحت ظاهرة خطيرة، وإنّ بيع الأطفال أصبح تجارة مربحة لا يعاقب عليها القانون الإيراني، مطالباً بوضع قوانين جديدة لمعاقبة الذين يتاجرون في بيع الأطفال. وفي وقت سابق كشفت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والعائلة، عن ارتفاع نسبة بيع الأطفال. وقالت شهيندخت مولاوردي، في لقاء مع وكالة «إيلنا» الإيرانية إن «ظاهرة بيع الأطفال قبل ولادتهم في إيران باتت أكثر من الأطفال المولودين». وأردفت: «نشاهد اليوم أن تجارة بيع الأطفال أخذت أشكالاً مختلفة في إيران ومن ضمنها بيع الأطفال في الرحم قبل الولادة، ولا نمتلك إحصائية دقيقة عن عدد الأطفال الذين يتم بيعهم، ولكن نعلم أنه بسبب ازدياد نسبة هذه التجارة أصبحت هذه الظاهرة ضمن الأخبار المنتشرة في إيران». وأوضحت مولاوردي إن «هناك سلسلة من العوامل المشتركة التي تدفع النساء الإيرانيات إلى بيع أطفالهن في أرحامهن قبل الولادة، ومن أهم هذه العوامل الفقر الاقتصادي والفقر الثقافي والإدمان، حيث إن العديد من النساء المشردات ينمن في الليل داخل صناديق الكرتون.. إضافة إلى ظاهرة زواج القاصرات». ومن جانب آخر، كشفت فاطمة دانشور، رئيسة اللجنة الاجتماعية في مجلس بلدية طهران، إن النساء اللواتي ينمن في صناديق الكرتون بلا مأوى، يبعن أطفالهن بسعر ما بين 200 و100 ألف تومان (40- 70 دولاراً). أطفال الأسواق وفي تقرير آخر أعده موقع «عصر إيران» تحت عنوان «بيع الأطفال في طهران»، رصد أحد المستشفيات في شارع مولوي وسط طهران والذي فتح سوقاً خاصاً لبيع وشراء الأطفال، موضحاً أنّ سعر الطفل لا يتجاوز المليونين تومان، وإن المستشفى يحظى بدعم من رجال كبار في الحكومة الإيرانية. وأكد حسن موسوي جلك، رئيس الجمعية الإيرانية للأخصائيين الاجتماعيين، لوكالة أنباء شبستان إنه «يتم تأجير هؤلاء الأطفال في إيران للتسول أو يتم بيعهم وهذه قضية معقدة ومثيرة للقلق». وقال موقع «توانا» إن ظاهرة بيع الأطفال لم تقتصر على العاصمة طهران فقط، حيث تم اعتقال عصابة لبيع الأطفال في أصفهان، واعترف أفراد هذه العصابة ببيع 145 طفلاً. شبكات الدعارة في يونيو الماضي، كشفت الخارجية الأميركية في تقرير لها عن استهداف تجار الجنس للفتيات الإيرانيات اللاتي تتراوح أعمارهن من 13 إلى 17 سنة لبيعهن في الخارج، لافتاً إلى أن الفتيات الأصغر سناً يُجبرن على العمل الشاق في الخدمة المنزلية. وأشار التقرير إلى أن شبكات تجارة الجنس الإيرانيةـ أخضعت فتيات إيرانيات للعمل في بيوت دعارة بإقليم كردستان العراقي، وأفاد باستمرار ارتفاع أرقام المراهقات الإيرانيات اللاتي يُتاجر بهن لأغراض جنسية في طهران وتبريز وأسترا. وكان تقرير سابق للخارجية الأميركية أبرز أن إيران شهدت خلال السنوات الأخيرة، زيادة في حالات هذه التجارة، والعمالة القسرية، والدعارة، قائلاً إن «الحكومة الإيرانية لا تبذل الجهد الكافي لوقف الاتجار بالبشر». ووفقا للتقرير، أجبر المهربون نساء وفتيات إيرانيات على الدعارة، في إقليم شمال العراق، عام 2013. كما أن عدد الفتيات المراهقات اللاتي يعملن في الدعارة في مدن طهران وتبريز وآستارا، يشهد ارتفاعاً مستمرّاً. وتجبر عصابات الجريمة المنظمة، وفقاً للتقرير، أطفالاً إيرانيين ومهاجرين، على التسول في شوارع، وتستخدم العنف الجسدي والجنسي والمخدرات، كوسائل لإجبارهم على ذلك، كما يتم إجبار بعض الأطفال على العمل في ورش عمل صغيرة، كما يجبر المهربون المهاجرين الأفغان، بمن فيهم الفتيان، على العمل القسري في قطاعي البناء والزراعة في إيران. بيع مولود كشف موقع «توانا» الإيراني عن حادثة مؤلمة لزوجين شابين إيرانيين، ولد طفلهما في مستشفى الخميني بطهران، وبسبب الفقر لم يستطع الأب دفع فاتورة المستشفى لسداد تكاليف الولادة، واتفق مع زوجته على بيع مولودها، وتم بيع الطفل بـ 5 ملايين تومان إيراني (1500 دولار) مع تحمل تكاليف مستشفى الخميني وسداد فاتورة الولادة من قبل الشخص الذي قام بشراء الطفل.
مشاركة :