الشارقة: علاء الدين محمودتبحر رواية «الفيل الأزرق»، للكاتب أحمد مراد، والصادرة عن دار الشروق لعام 2012، في خبايا النفس الإنسانية، وتتعمد أن تتسرب إلى تلك الأماكن المعتمة في الإنسان، تلك التي لا يريد لها المرء أن تخرج، أن تظل حبيسة حوار الذات؛ لتتراكم داخلها كل الترسبات والأفكار، التي تحد من انطلاقته وتحرره، وتمنعه من فض قيوده، والانتقال إلى فضاء الحرية، والرواية نجحت في كسر كثير من طرائق السرد السائدة عربياً؛ بل وحتى على مستوى المفاهيم، فالكاتب لم يضع رقيباً على قلمه، وظل ينتقل من فكرة إلى أخرى بمنتهى السلاسة، فالرواية تستفز الذهن وتحرضه على التفكير، وتدعو بلا مواربة إلى قلب عادات التفكير النمطية السائدة.تتحدث الرواية عن طبيب نفسي يُدعى «يحيى»، يترك العمل كطبيب لمدة خمس سنوات، يقبع خلالها في عزلة اختيارية؛ لكنه يستأنف عمله في الطب النفسي من جديد؛ في مستشفى العباسية للصحة النفسية؛ حيث يجد في انتظاره مفاجأة، ففي القسم «8 غرب»، الذي يقرر مصير مُرتكبي الجرائم، يُقابل صديقاً قديماً يحمل إليه ماضياً جاهد طويلاً لينساه، ومن هنا تحديداً تبدأ الأحداث والمفاجآت، التي تعصف بيحيى، وتقلب حياته رأساً على عقب؛ ليصبح ما بدأ كمحاولة لاكتشاف حقيقة صديقه، رحلةُ مثيرة؛ لاكتشاف نفسه أو ما تبقى منها، يحاول أن ينتشل ذلك الحطام القابع في قرارة نفسه.وقد وجدت الرواية تناولاً متبايناً بين القرّاء في مواقع مراجعات الكتب، فبينما يجمع كثير من القرّاء على جودة الرواية واختلافها في الفكرة وطريقة السرد، وجه بعضهم انتقادات حادة، خاصة فيما يتعلق بلغتها وأساليبها التعبيرية؛ حيث وجدوا أنها غارقة في تفاصيل جريئة لا تليق بالسرد الإبداعي.يقول أحد القرّاء: «في هذه الرواية نجد أن الكاتب لا يمسك بناصية شخصيات الرواية فقط؛ بل إنه يتحكم في القارئ ويربط مصيره بمصير يحيى، فالرواية ستهاجر من بين ضفتي الغلاف الغامض إلى ثنايا عقلك في هجرة غير شرعية؛ لتبحث لها عن مكان حيوي لتستقر فيه، كي تبني كشكاً بدون ترخيص، تبتاع منه أقراصاً مضادة للملل والفتور في شارع حياتك اليومية».ويقول آخر: «استطاع الكاتب أن يجعلك تساير الأحداث المتلاحقة، وأن تتساءل: هل الرواية واقعية؟، خاصة مع نهاية مفتوحة، فلقد ترك أحمد مراد في روايته هذه المرة الأمر مفتوحاً؛ لتعلم أن الأمور ستتكرر، وأن النهاية ما هي إلا بداية جديدة». لكن بالمقابل نجد أن بعضهم قد أمسك على الرواية عيوباً، ووجد فيها بعض النواقص، خاصة مسألة جرأتها، معتبرين أنها جسّدت عملاً تجارياً بحتاً، أراد أن يجاري الموضة، وقوائم الكتب الأكثر مبيعاً.
مشاركة :