أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محادثات في القاهرة أمس مع نظيره الإريتري آسياس أفورقي، تناولت تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق الجهود بينهما إزاء جميع الموضوعات المتعلقة بالوضع الإقليمي لمنطقة القرن الأفريقي، وانعكاسات ذلك على أمن البحر الأحمر ومنطقة باب المندب.ووفقا لمراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن مصر تسعى، عبر تعاون واسع مع إريتريا، إلى نفوذ أكبر في منطقة القرن الأفريقي، التي تشكل أهمية استراتيجية لأمنها القومي، في ظل تنامي الوجود التركي والقطري هناك، والتوترات الراهنة مع كل من إثيوبيا والسودان. وتعد إريتريا طرفا مهم نظرا لطول سواحلها على البحر الحمر، ومدخلا رئيسيا للسفن التي تعبر قناة السويس المصرية.وقال السفير بسام راضي، المُتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيس السيسي أكد اهتمام مصر بترسيخ التعاون الاستراتيجي مع إريتريا، ودعا إلى المضي قدماً في تنفيذ مشروعات التعاون بالقطاعات المختلفة، ومنها الزراعة والكهرباء والصحة والتجارة، وكذا في قطاع الثروة الحيوانية والسمكية. ونوه السيسي إلى التعاون القائم بين البلدين في إطار المحافل والمنظمات الدولية، لافتاً إلى أهمية زيادة التنسيق والتشاور بين الجانبين إزاء الأوضاع والقضايا المتعلقة بالمنطقة في إطار العمل على إحلال السلام والاستقرار والتصدي للتحديات المشتركة، وفي مقدمتها خطر الإرهاب.وأضاف المُتحدث أن الرئيس الإريتري أكد اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من علاقات تاريخية ممتدة وتعاون استراتيجي، مشيداً بدور مصر الريادي بالمنطقة وحرصها على تحقيق التنمية والأمن والاستقرار بالقارة الأفريقية، كما أكد أفورقي تطلع إريتريا إلى تفعيل المشروعات المشتركة بين البلدين.وأعرب الرئيس الإريتري عن تقدير بلاده لما تقدمه مصر من دعم فني وبرامج لبناء القدرات، فضلاً عن التعاون القائم في إطار المحافل الدولية، مشيراً إلى ما يعكسه ذلك من عمق العلاقات بين الجانبين.وذكر السفير راضي أن المباحثات تطرقت إلى سُبل تعزيز العلاقات المصرية الإريترية في مختلف المجالات التنموية والأمنية، حيث تم الاتفاق على تبادل زيارات الوفود بهدف تفعيل أطر التعاون القائمة وتنفيذ المشروعات المشتركة، واتفق الجانبان على الاستمرار في التنسيق المكثف بينهما إزاء جميع الموضوعات المتعلقة بالوضع الإقليمي الراهن سعياً لتدعيم الأمن والاستقرار بالمنطقة، وخاصة في ضوء أهمية منطقة القرن الأفريقي ودور إريتريا بها، وما لذلك من انعكاسات على أمن البحر الأحمر ومنطقة باب المندب.يقول الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ«الأهرام»، لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة أفورقي لمصر، أمر متكرر، لكنها هذه المرة تكتسب أهمية خاصة، في ظل وجود متغير جديد متعلق بأمن البحر الأحمر، وهو الظهور التركي في جزيرة «سواكن» السودانية، رغم أنها دولة غير متشاطئة، وما تبعه من تحالف سوداني - قطري - تركي، يمتد ضلعه الرابع إلى دولة إثيوبيا، التي تدخل في نزاع مع مصر متعلق بمياه النيل. وتابع: «مصر موجودة بالشكل المناسب هناك، بما يحمي أمنها القومي».ومنحت السودان، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تركيا حق إدارة جزيرة «سواكن»، لإعادة تأهيلها لتصبح مدينة سياحية مهمة على البحر الأحمر. وهو ما أثار حفيظة القاهرة. وقال رسلان إن التوتر الحاصل بين إريتريا والسودان، وقيام الخرطوم بإغلاق الحدود وحشد قواتها في ولاية كسلا، بالطبع كان محورا مهما في مباحثات السيسي وأفورقي. ونوه إلى أن الوجود المصري في إريتريا تاريخي وتقليدي، ورغم تراجعه خلال السنوات الأخيرة قبل تولي السيسي، لكن مصر عادت لتنشط الآن، وهذا مهم لأمنها القومي خاصة فيما يتعلق بقناة السويس.وتعد زيارة أفورقي إلى مصر الخامسة منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وعادة ما يؤكد الرئيس الإريتري أنه أكبر حليف استراتيجي لمصر في منطقة القرن الأفريقي، وأن مصر هي عمق بلاده الاستراتيجي الشمالي. ومؤخرا زعمت وسائل إعلام سودانية، نشر قوات مصرية على الحدود مع إريتريا. لكن الدكتور رسلان شكك في هذا الأمر، مشيرا إلى عدم وجود أي معلومة موثقة ورسمية تتعلق بتلك الأنباء.من جهته، قال ماجد أبو الخير، وكيل لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر تستهدف الوجود بشكل قوي في منطقة جنوب البحر الأحمر، وفي عموم دول القارة الأفريقية، مؤكدا أهمية أن ترتبط مصر بعلاقات جيدة مع تلك الدول، التي تتصل بشكل مباشر مع الأمن القومي المصري. وأوضح النائب البرلماني أن التعاون مع إريتريا يأتي في هذا السياق، وليس موجها لمعاداة أي دولة أفريقية أخرى، موضحا أن مصر تعمل على توطيد علاقتها بالجميع.
مشاركة :