في عالم المهن والفرص الوظيفية عندما يتغير المشهد والزمن تتغير معه قواعد اللعبة؛ لتأتي بقواعد جديدة، وأكبر خطأ استراتيجي نرتكبه هو التمسك بالقواعد القديمة ذاتها في زمن متغيّر اللحظة يقوده جيل شاب، وفي عالم سريع الوتيرة شديد المنافسة، يخرج لنا باختراعات مبتكرة في العالم الافتراضي وغير الافتراضي في كل فترة، وإن أردنا تحقيق أهدافنا فعلينا أن نكون في المقدمة دائماً، وعلى رأس كل جديد وكل تغيير. التخطيط للمستقبل وخوض الحياة المهنية باستعداد تام من أساسيات النجاح، فالحصول على وظيفة واعدة وارتقاء السلم الوظيفي للوصول إلى مناصب قيادية متقدمة أو البدء في مشروع خاص في المستقبل يحتاج إلى تخطيط منظّم، وبذل مجهود لخلق بيئة مليئة بالخيارات والفرص، فالدراسة الجامعية أو الحصول على معدل عالٍ لم تعد الوسيلة الوحيدة لضمان مهنة واعدة، وإن كانت أولى الخطوات لكن ليست الوحيدة التي يقف عليها مستقبلنا، وكما يقول وارن بافيت إنه لا يرتكز إطلاقاً على تعيين المتخرجين في شركاته من الجامعات العريقة فقط، بل تحكم عوامل أخرى في اختيار المرشح. لكي يصقل المتخرج شخصيته في سنواته الأولى من المرحلة الجامعية ويبرز كمبادر ذي طبيعة ناجحة دؤوبة، ويصل إلى أهدافه هناك مجموعة من الأمور من المهم الأخذ والعمل بها؛ لأنها بكل تأكيد ستؤثر إيجابياً في مسيرته المهنية. 1. التخصص الأكثر طلباً في سوق العمل: لا يكفي أن نتخصص في مجال سهل معتقدين أنه سيؤمّن لنا وظيفة ذات دخل ثابت، بل يجب أن نفكر خطوتين إلى الأمام كما يقولون في عالم الأعمال. التخصصات المطلوبة حالياً في سوق العمل قد تتغير كلياً في السنوات الخمس القادمة وقد تتطلب مهارات مختلفة وتدريباً مهنياً متكافئاً يؤهل المتخرج للحصول على مقابلات عمل ويؤمّن له فرصاً وظيفية. في وقتنا الحالي من أكثر التخصصات طلباً هو تحليل البيانات data analysis والتصميم، فالاقتصاد والصيرفة حيث يأتيان في المرتبة الثانية ضمن التخصصات الأكثر طلباً في سوق العمل الأميركية. ولا ننسى التفكير بشمولية وعالمية عند دراسة تخصص ما؛ لتكون الشهادة ذات منفعة أينما ذهبنا، فنبحث عن الشهادة التي تضمن الولوج إلى عالم مهني في كثير من مناطق العالم، لنيل فرص عمل في المؤسسات الكبيرة. اجعل فرصك متعددة باختيار تخصص لا يكون دورياً أو موسمياً أو صالحاً لفترة من الزمن. التخصصات التي تتضمن دراسة جزء من الفيزياء والرياضيات لا تضر أبداً، كما يقول آلان ماسك. 2. قوة الشهادات الاحترافية: نعيش في عصر بات الطلب فيه على التخصصات الاحترافية كبيراً جداً، أصبحت الشهادات الاحترافية مفتاح الولوج إلى مؤسسات كثيرة، خاصة في مجال الصيرفة والبنوك، فشهادة المحلل المالي في الاستثمار، وشهادة المحاسب التخصصي، وشهادات المخاطرة الاحترافية من أهم المؤهلات التي ينظر إليها المسؤول ومديرو الإدارة البشرية عند تقديم طلبات التوظيف، ويفضلها حتى المديرون التنفيذيون. أيضاً الشهادات الاحترافية في إدارة المشاريع project management والمطلوبة في سوق العمل مرغوبة وبكثرة في الوقت الحالي. الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراه لها الكثير من الفضل في التعمق في تخصص معين ودراسته عن كثب، وقد تكون مرغوبة جداً أكاديمياً في الجامعات وهيئات التدريس وبعض المؤسسات الأهلية، لكنها قد لا تكون بنفس الأهمية لدى كثير من المؤسسات الأخرى كالمالية، شركات إدارة أصول الأموال، قطاع التأمين، أو التقنية والفنية، وقد ينظر لها على أنها إنجاز على صعيد شخصي. فهناك شركات تعطي الأفضلية للمتقدمين لمن يملكون شهادات احترافية في تخصصات معينة، والحصول على هذه الشهادات يكون نقطة إضافية تزيد من فرص الحصول على الوظيفة. 3. انشر مدونتك الخاصة: ليكن لديك مدونتك الخاصة، وإن كنت متردداً في نشر كل أفكارك وخططك المستقبلية اكتب ما يجول في خاطرك من أفكار واحتفظ بها لنفسك في مدونة خاصة. قد لا تكون الأفكار كلها جديدة أو تستحق العناء في المستقبل، لكننا بهذه الطريقة نعود عقولنا على الاستماع إلى الأفكار وتنظيمها وشحذ مخيلتنا بما يجعلنا متقدين ومستعدين للمبادرة والمخاطرة. فلا تعلم أين ستقودك كتاباتك وربما ستصبح وليدة لأفكار إبداعية أو حلول مبتكرة، أو أنك تكتشف بها ما يستهويك من اهتمامات وقد تكون لَبِنة أولى لمشروع ناجح كموقع لتصنيف وانتقاد الأفلام، أو موقع عن المطاعم والمقاهي التي ترتادها، أو عن السيارات التي لديك شغف بها.. المجالات كثيرة وقد تفتح لك أبواباً وفرصاً كنت غافلاً عنها ولم تفكر بها من قبل، ابدأ في الكتابة الآن! 4. أحِط نفسك بدائرة اجتماعية عالية الهمة عندما تحيط نفسك بدائرة من الأصدقاء والمعارف الذين يتمتعون بروح المغامرة والعمل الجاد والبحث المستمر على الفرص الجديدة تأكد أنك سجّلت نفسك في دورات تدريبية مجاناً في معظم المجالات التي تحتاجها لخلق دائرة إيجابية ومثمرة في حياتك وتعلم دروس في القيادة، وتحديد الأهداف، وشحذ روح المنافسة لديك، بل ومناقشة وتداول الأفكار الإبداعية والحلول المبتكرة. ستتأثر دائماً بمن ترافق ومن تصاحب حتى وإن كنت لا تشعر بهذا الشيء في بادئ الأمر، فإن أحطت نفسك بمجموعة تسعى للعمل الجاد للوصول إلى أهدافها وتنظر إلى نصف الكأس الممتلئ ستكون على شاكلتهم وستسعى نحو تحقيق أهدافك إن لم يكن تحديدها بالدرجة الأولى. ستيف جوبز مع صديقه وشريكه في العمل ووزنياك الذي يُعرَف برائد ثورة الحواسيب الشخصية في السبعينات والثمانينات غيّروا خريطة العالم في هذا المجال وأنشأوا شركة أبل. اجعل دائرتك مليئة بأناس يحملون آراء متنوعة، مثرية وتقدمية في مجال العمل والتكنولوجيا ومبادرين يصبون إلى تحقيق أحلامهم، والبدء بمشاريعهم المستقبلية، وستكون أنت واحداً منهم. 5. اكتسب الخبرة ولو من عربات المثلجات ابدأ العمل منذ سن صغيرة، اشترك في المعارض والكشكات، من عربات المثلجات إن وجدت. تعرف على اهتمامات الزبائن، ادرس الجمهور حتى وإن كان في مرحلة صغيرة وقبل دخول الجامعة ودَع هذا يرافقك في مرحلتك الجامعية، فلا شيء يعادل الحياة العملية واكتساب الخبرة والمهارات الاجتماعية من فن التعامل مع الناس ومن التدريب المهني وخوض العمل اليومي بما يحويه من التزامات ومسؤوليات وتحديد أهداف دورية. ستتعلم مبادئ الاقتصاد والإدارة تدريبياً وليس تنظيرياً فقط وفي سن صغيرة، ربما من وظائف بسيطة ومشاريع أقل من صغيرة لكنها ستضيف إلى رصيدك كثيراً، وتؤهلك بكل خطوة لفهم التجارة وكيف تتم آلية البيع والشراء وحتى فن النقاش والمفاوضات. ابدأ من سن صغيرة بمشاريع بسيطة لتتعلم، واستمتع بخوض تجارب مختلفة تضيفها لرصيدك في اكتساب خبرات ومهارات اجتماعية تكون مطلوبة في المستقبل، الانخراط في الأعمال التطوعية، حضور الدورات والمؤتمرات والمحافل المقامة التي تناقش الأفكار ستثري رصيك كثيراً وتضيف إليك وإلى رصيد تجاربك! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :