حرية المعتقد وحرية الكتابة

  • 10/10/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن أصدر الروائي دان براون روايته الشهيرة «شيفرة ديفينشي» تحولت تلك الرواية التي بيع منها 40 مليون نسخة الى فلم، قام الممثل توم هانكس بدور "توم لينجدون" التحري الذي يكتشف في النهاية ان المسيح هو بشر في الحقيقة. مما ادى الى ان تقوم شخصية كنسية مشهورة بإرسال رسالة الى الفاتيكان في 28 أبريل 2008م. قال السيد انجيلو اماتو سكرتير المجمع الايماني في رده على كتاب «شيفرة ديفنشي» والفلم المصاحب له انه (يجب على الكاثوليكيين في العالم مقاطعة الفلم والكتاب، وانه لو أن مثل تلك الخروقات حصلت للقرآن او لإنكار الهولكوست (يقصد المحرقة اليهودية التي حصلت على ايدي النازييين في اربعينيات القرن الماضي) لكانت هناك هبة شعبية كردة فعل حقيقية وقوية على مساس الكاتب بشعورهم الايماني.. انتهى كلام رئيس الأساقفة الى البابوية الكاثوليكية. في سنة 2012م في الحادي عشر من سبتمبر، وبسبب فلم تم انتاجه في الولايات المتحدة الامريكية اساء الى الاسلام قامت مظاهرات عارمة، عمت جميع العالم الإسلامي وبالذات دول الربيع العربي التي بدأت تتنفس نوعاً من الحرية في التعبير، لكنها كانت غير منظمة فلم تستقر حينها بعد الأوضاع في تلك الدول والانفلات للسلطة المركزية كان هو العنوان الأبرز. عمت المظاهرات - التي تنبأ بحدوثها انجليو اماتوا - الدول الإسلامية من اليمن الى تونس الى ليبيا الى مصر الى افغانستان وباكستان واندونيسيا. وتم الاعتداء على بعض المصالح الغربية وبعض السفارات، لكن الضرر الأكبر وقع في ليبيا حيث انتهزت الجماعات الإسلامية تلك الفوضى، فقام تنظيم أنصار الشريعة المتطرف فرع القاعدة في ليبيا بمهاجمة السفارة الأمريكية واحراقها، وقتل أربعة اشخاص من ضمنهم كريستوفر ستيفنز السفير الأمريكي في بنغازي. بين فترة وأخرى تحدث هذه الحوادث ويثور العالم الإسلامي على المستوى الشعبي ويحدث ما يحدث ومن ثم تعود الأمور الى نصابها. لكن السؤال هو: ما حدود الإبداع؟ وأين يجب أن يقف؟ وكيف نستطيع الحفاظ على حرية التعبير وفي الوقت ذاته حرية المعتقد وعدم المساس بالرموز الدينية؟. حتى هذه اللحظة لم يتم بعد حل هذه المعضلة. المنادون بحرية التعبير المطلقة يتذرعون بأن أي إحساس لدى المبدع بسقف للإبداع، يؤدي تلقائيا الى الحد من تحليق المبدع كما يؤدي الى عدم مساءلة المُسَلَم التاريخي او العقدي. بينما المؤيدون الى وضع حدود تجاه المساس بالرموز الدينية يقولون: إن حرية المعتقد وعدم المساس بالرموز الدينية هو من اساسيات حقوق الإنسان، وان التطرق للرموز بطريقة لا توفر لهم الاحترام والتقدير اللازمين هو مساس بمشاعر الآخر. البعض في تحليله بين ما حصل سنة 2008 ورسالة رئيس الاساقفة، وما حصل بعد الفلم المسيء هو أن الدين المسيحي مع مرور الزمن تحول عند المسيحيين الى مرحلة التراث، أي انه ليس له تلك السلطة المؤسساتية التي كان يحتلها في الزمن الغابر، وبقي يؤدي دوراً في المؤسسات الخيرية وايمانا معنويا بعيدا عن الحياة اليومية او التشريع القانوني، بينما الدين الاسلامي لا يزال يحتل مكانة كبيرة في تقرير اتجاهات شعوبه التي تؤمن به.

مشاركة :