استهلت مسرحية «خوف» التونسية عروض الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي، التي تستضيفها تونس حتى 16 من يناير الجاري، بمشاركة 27 عرضاً من 19 دولة عربية. إسماعيل عبدالله: مهرجان تجاوز عمره قال الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إن حجم المنجز الحقيقي لمهرجان المسرح العربي، الآن، يتجاوز عمره المقدر بـ10 سنوات، كما يتجاوز مسماه، فهو ليس مهرجاناً، على الأرض، بقدر كونه مؤتمراً جامعاً للمسرحيين. وأشار عبدالله إلى أن بين عام الانطلاقة في 2008، وهذه الأيام، الكثير من الإنجازات التي تحققت، فغيرت في واقع مسرح، لا يضره التزاحم بل يضره الغياب والعزوف، مشيراً إلى أن الدورة الحالية تزهو بـ600 ضيف وأعمال من 19 دولة عربية. 9 دول في المنافسة من بين 27 عرضاً مشاركاً يتنافس 11 عرضاً مسرحياً من تسع دول، هي تونس والجزائر والمغرب ومصر، والأردن والعراق وسورية والإمارات والسعودية. وتضم لجنة التحكيم كلاً من رفيق علي أحمد من لبنان (رئيساً)، وخالد الرويعي من البحرين، والبروفيسور عثمان جمال الدين من السودان، والدكتور محمد مبارك من الكويت، ومحمد بكري من فلسطين. عرض الافتتاح تجاوز مديح الثورة إلى محاكمة حصادها، مقدماً عملاً طويلاً قارب الساعتين على المسرح. وجاءت المسرحية، التي أخرجها الفاضل الجعايبي، ومن تأليف جليلة بكار، ليس لترسيخ حضور «ثورة الياسمين» التونسية هذه المرة، كما هي الحال في مسرحيات سابقة شارك بعضها وحقق حضوراً مميزاً في دورات سابقة، بل لتحاكم ربما تداعيات تلك الثورة من منطلق أزمات على مستويات متعددة، أبرزها اقتصادية وأمنية. وعبر مجموعة من سبع شخصيات، وُزعت الأدوار بينها تقريباً على نحو يكاد يكون متساوياً، دارت أحداث العمل الذي تمحور حول تعرض مجموعة كشفية لعاصفة قوية، حاولت الاحتماء منها داخل بناء مستشفى قديم، فحاصرتها ولم تستطِع الخروج منها بفعل تكالب الرمال، لتبدأ مرحلة أخرى من الأحلام والطموحات، سقفها مجرد الخروج من هذا المكان، بعد أن تهبط طموحات المجموعة شيئاً فشيئاً إلى الحصول على ما يسد رمقها. لكن الجعايبي قام بنقل مستويات الصراع النفسي داخل الشخصيات، ليعكسه على قضايا أعم، تتصل بسعي الشخوص إلى تحقيق حالة غائبة من الأمن، والحصول على القوت اليومي، وتجاوز قيود حرية التعبير، وغيرها من القضايا التي تجعل حدود المستشفى المحاصر أشبه بحدود وطن تعرّض لرياح تغيير لم يستقر بعدها. وأفسح مخرج العمل فضاء مريحاً لتحرك الشخصيات، وفق قطع ديكور محددة، ومتغيرة، مع تغير المشاهد المتلاحقة، في الوقت الذي جاءت الإضاءة بمثابة فواصل زمنية متتالية، في معظم الأحيان، وكأن تتابعها إيذاناً بتتابع زمني حاد وصارم، بدرجة الإظلام الكلي ذاتها التي لجأ إليها في هذا التتابع الذي امتد لمبالغة قصوى في زمن العرض الذي قاربت مدته الساعتين تقريباً. من جهة أخرى، جاء حفل الافتتاح، الذي سبق العرض، منظماً ومحتفياً بالمسرحيين العرب عموماً، والمكرمين خصوصاً، في يوم تم تحديده بأنه يوم المسرح العربي، لتحافظ الهيئة العربية للمسرح على أن تكون فاتحة عروضها منذ انطلاقة دوراتها، هذا اليوم من كل عام. وقدم الفنان التونسي، زياد غرسة، فقرة غنائية قدم فيها نخبة من الموشحات، تفاعل معها الجمهور الحاضر، ليُعرض إثر ذلك مقطع فيديو يوثق أبرز محطات الهيئة العربية للمسرح منذ تأسيسها. ورحب وزير الشؤون الثقافية التونسي، محمد زين العابدين، بالمسرحيين، قبل أن تذهب الكلمة إلى الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبدالله الذي نقل تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، داعياً المسرحيين إلى التفاؤل بما هو قادم مسرحياً. واعتبر الأمين العام للهيئة العربية للمسرح أن تونس باتت وجهة حجيج المسرحيين العرب الذين يلتقون في هذا المهرجان لتتوالد الأفكار والرؤى والنصوص وتبادل الخبرات. وقدم الكاتب والمخرج المسرحي السوري، فرحان بلبل، رسالة يوم المسرح العربي، مشيراً إلى حالة الاضطراب التي طغت على المسرح العربي في السنوات الأخيرة، مستهجناً حالة ضبابية الرؤى والأفق التي يعيشها المسرح في كل أقطاره، مضيفاً: «المسرح العربي متوقف في بعض المدن العربية، وضعيف في بعضها، ومكبوح ومقيد في كل مدنه»، مضيفاً «نريد أن يكون المسرحي العربي حراً في قول ما يريد وفي انتقاء الأشكال التي يريد». ودعا فرحان بلبل المسرحيين العرب إلى «إزالة الخوف من قلوبهم عندما يفكرون». وشهد حفل الافتتاح تكريم 10 فنانين من نساء ورجالات المسرح التونسي، اختارت لجنة تنظيم الدورة العاشرة من المهرجان أن تحتفي بهم اعتباراً لثراء مسيرتهم الفنية والإبداعية، وهم: دليلة مفتاحي وسعيدة الحامي وصباح وفاتحة المهداوي وفوزية، بالإضافة الى البحري الرحالي وأنور الشعافي وصلاح مصدق ومحمد نوير ونورالدين الورغي.
مشاركة :