لا يمكن أن نعطيها حقها عندما نصفها، فهي جيل بأكمله وأيقونة من الأساطير القديمة الخالدة، فحين تقف على خشبة المسرح تنحبس أنفاس الجماهير في رهبة وانتظار وشوق ولهفة، لتفيض بإبداعها على قلوب عشاقها من أصحاب الذوق الفني الرفيع الذي يدرس القيم والأخلاق ويدافع عن الحق وينتصر للمظلوم، إنها سيدة المسرح العربي سميحة أيوب التي فتحت قلبها ل «اليمامة».. وإلى نص الحوار: * متى كانت أول مرة وقفتِ فيها على المسرح؟ - كنت تلميذة في المعهد، قدمت مسرحية «البخيل». * وما كان أول أجر لك حصلت عليه؟ - 30 جنيهاً عن فيلم «المتشردة». * هل خططت من البداية كي تكوني سيدة المسرح العربي؟ - لم يكن في خيالي بالأساس أي شيء. * دائماً يعكس المسرح حالة المجتمع.. ما تقييمك لما يقدمه المسرح في الوطن العربي؟ - كما قلت أنت فهو «مرآة للمجتمع»، والمجتمع الآن والعالم كله مضطرب وليس متزناً، ولا يعلم خريطته، كل يوم نفاجأ بأحداث، وبالتالي المسرح مضطرب كما العالم مضطرب. * قلت في تصريح لك «لا يوجد نسخة ثانية من سميحة أيوب».. ما نصيحتك لفنانات الجيل الحالي؟ - لم أقل ذلك نصاً، كان السؤال عبارة عن: «من هي سميحة أيوب الثانية» فكان ردي: «كلما رأيت فنانة وقلت إنها ستبقى أفاجأ بأنها تدحدرت في منتصف الطريق ولا تستطيع استكماله»، العمل في المسرح كالعمل في الجندية يحتاج إلى المصابرة والانضباط والالتزام والصحة. * ما مصير مسرحية «كان فيه واحدة ست» التي كانت بمنزلة عودتك للمسرح؟ - هي مسرحية نقدية، وكنا انتهينا تقريباً من العمل وننتظر فقط العرض، ولكن حدثت أحداث في مصر تزامن معها فرض حظر التجول، ولكن المسرحية مصيرها في الأدراج، و«نفسي اتسدت عنها» ولن أقدمها. * هناك من يرى أن الفن ليس إبداعاً.. ما رسالتك لهم؟ - ضاحكة: أقول لهم أنتم مخطئين لأن الفن رسالة تنويرية. * ما الموقف الذي تعرضت له على خشبة المسرح ولن تنسيه طوال حياتك؟ - عندما توفي والدي وعلمت الخبر واضطررت أن أقف على خشبة المسرح لاستكمال العرض. * أصبح الجمهور في الوقت الحالي يذهب المسرح ليشاهد «اسكتشات» ويتداخل مع الفنانين في نصوص عروضهم المسرحية، ماذا تفعلين إذا كنت على خشبة المسرح وسمعت صوت مشاهد يتكلم؟ - هذا هو مسرح الكوميديا المرتجلة وليس هو المسرح المتعارف عليه، فهو تسلية مثل «السامر»، وأنا لا يمكن أن أسمح بصوت وأنا على خشبة المسرح ولا أقف أمام جمهور بهذا الشكل. * شاركت مع عديد من المدارس المسرحية حول العالم، ما المدرسة التي تميلين لها؟ - الأداء بمفرده مدرسة، والأهم هو التحدث بطبيعة حتى تلمس قلب الجمهور. * ما الدور الذي لعبتِه وشعرتِ أنه يمثلك في الواقع؟ - معظم الأدوار بها من الإنسانية وبها من شخصيتي. * ما الدور الذي تمنيتِ تقديمه؟ - لم يتركوا لي دوراً لم ألعبه، وجميعها أدوار ثقيلة وكبيرة. * حدثينا عن تجربتك في الإنتاج الخاص؟ ولماذا توقفت عنها؟ - الإنتاج ليس عملي، ودخلت فيه للتجربة وخسرت، واقتنعت أنه ليس عملي. * عاصرت أجيالاً مختلفة على خشبة المسرح.. لكن ما رأيك فيما يقدمه أشرف عبد الباقي؟ - قلت إن مجهوده يحترم ولكن ما يقدمه «اسكتشات مضحكة» وليس مسرحاً، وهناك بعض الألفاظ والملابس التي يرتديها الرجال في العروض لا تعجبني، هذا ليس المسرح، فالمسرح هو الحياة. * ومن يعتلي خشبة مسرح الحياة في مصر الآن؟ - لا أرى، هناك محاولات ومجهوداً في مسرح الدولة، لكن لا يوجد أحد له اسم كبير في المسرح، ويمكن المناخ هو الذي يتحكم في ذلك. * قلت إن مخرجي السينما كانوا يريدون حصرك في أدوار الإغراء.. هل لهذا السبب لم تعط اهتماماً للسينما أم حبك للمسرح كان همك الشاغل؟ - حبي للمسرح كبير وأجد نفسي فيه، ولكني بالفعل لم أعط الاهتمام للسينما بسبب الحصار في دور واحد، كما أنني لست ملهوفة على السينما. * وما سبب ابتعادك عن الدراما التلفزيونية؟ - لم أبتعد، ولكن النصوص التي تعرض عليّ لا تعجبني. * وهل توجد أزمة نصوص؟ - لدينا أزمة عقول وليست نصوص، الذي يكتب يعتقد أن الجمهور يريد ذلك وبالتالي يسف، وجميع المسلسلات الآن عبارة عن سرقة وبيع سلاح ومخدرات ورقص، وليس سهلاً أن تصنع فناً أصيلاً. * كيف ترين المشاهد والألفاظ الجريئة التي تقدمها السينما والدراما في الوقت الحالي؟ - تجاوز طبعاً، لأن الفن جمال هدفه تجميل الحقيقة. * قاطعتِ السينما لسنوات ولكن فيلمك مع هنيدي «تيتة رهيبة» في 2012 أعادك مرة أخرى.. ما السر في قبولك العمل؟ - قلت إن الإنسان لا بد أن يتغير، كنت أرفض الأفكار القديمة التي تراني بشكل معين، والآن الشباب تغير والدنيا تغيرت والأفكار تغيرت وأنا تغيرت وبالتالي لا بد أن أواكب التغيير ولا أكون «دجمة»، وبعد جدل كبير مع المخرج طلبت قراءة السيناريو وعجبني بالفعل فوافقت على العمل، ثم تعاونا بعد ذلك مرة أخرى في «الليلة الكبيرة». * نشاهد حالياً على عديد من القنوات كليبات لمطربين مع راقصات تحت ما يسمى الفن الشعبي.. ما رأيك في ذلك؟ - أعمال سوقية ومؤسفة وليست فناً شعبياً. * عائلتك رفضت فكرة زواجك من الفنان الراحل شكري سرحان.. ما كانت أسبابهم؟ - لأننا كنا صغار في السن، كان عندي 15 سنة، وكان لديه 23 سنة، كنا عيالاً. * تزوجت من محسن سرحان و محمود مرسي وسعد الدين وهبة.. هل تدخل أحدهما قبل ذلك في اختيار أعمالك؟ - لا؛ لأنني لا أسمح بذلك، ولأنهم أشخاص ناضجين لم يتدخلوا من الأساس إذا كان محمود أو سعد، أما محسن فتزوجته وأنا «عيلة» صغيرة. * عرفت بطلاقك من محمود مرسي من أمك ونشرت الجرائد الخبر.. هل بالفعل خيرك بين فنك وبيتك؟ - هو وضعني في اختيار بين العمل كثيراً والجلوس في المنزل، وكنت حينها أبني نفسي ونحن بلد ذاكرتها ضعيفة وإن لم أعمل سأتنسي، فقلت له لا. * قلت قبل ذلك إن معايشة الحب تتعمق مع الحب الأخير.. وماذا عن الحب الأول؟ - الحب الذي تعيشه الآن هو الحب الموجود، والحب الأول يأتي في مرحلة «العيال». * مَن مِن الفنانين كان أقرب صديق لك وقريباً من شخصيتك؟ - ضاحكة: قريب من شخصيتي صعب، ولكن أقرب صديق نادية لطفي وسميرة عبد العزيز، وسناء جميل كانت حبيبة العمر. * لو عاد بك الزمن مرة أخرى هل ستفكرين في التركيز على السينما والدراما أكثر.. أم تسلكين نفس مسارك؟ - إذا كانت العقول نفسها كما هي، فسيكون سلوكي كما هو. * قصة حياتك التي صدرت في مجلد ضخم.. هل ستفكرين في إذاعتها في شكل حلقات تلفزيونية؟ - لم أفكر في ذلك، عملت كتاب «ذكرياتي» بأحاسيسي وكتبته بنفسي حتى أكتب بحرية. * ما الشعور الذي ينتابك كلما تتذكرين أن مسيرتك الفنية تخطت حاجز ال60 عاماً؟ - أشعر بالعطاء. * وما نصيحتك لفنانات الجيل الحالي؟ - أن يفكرن في الدور وليس الشكل، والاهتمام بالدور وليس بالشعر والفساتين فقط. * هل جاءت عليك لحظة قبل ذلك وشعرت أنك الآن قدمت آخر أعمالك؟ - أنا أعتزل الفن لأنني لم أجد فناً، لا يوجد ما تثير شهيتي لتقديمها، فأنا يعرض عليَّ أعمال ولكن لا أوافق عليها لأنه صعب جداً إرضائي حالياً، وهناك فقط موافقة مبدئية على مسلسل رمضاني.
مشاركة :