قال - صلى الله عليه وسلم -: ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. رواه الترمذي وحسنه. إعجاز نبوي سبق عصرنا بآلاف السنين ليثبت لنا طبيعة بني آدم وهي عدم قبول الواقع وعدم قبول النصح وعدم قبول كلمة الحق حتى وإن قيلت بأرقى العبارات وأفضل المشاعر، أخبره أين بيت الداء، ومع ذلك أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لن يتنازل عن ملئها فأعطاه الحل بالقسمة العادلة لكل شيء ومع ذلك، فالأكل هو التجارة الرابحة هذه الأيام. قس على ذلك كل أمر في الحياة، وضع أمامك (إن كان لا بد). فإن كان لا بد من الزواج بالثانية، فأكرم من أفنت حياتها بخدمتك وأعطتك صباها وشبابها ومشاعرها ولو بكلمة بسيطة تبلغها بالأمر وتحتضن كسرها بين يديك وتعدل فيما تملك، حتى تكسب. وإن كان لا بد أن تربي أبناءك على الطاعة الحقة وإن يتبعوا القرآن والسنة الصحيحة، لا رأي الناس، فلا تملِ عليهم أهواءك وما تريد أنت أن يعرفوه وتبعد عنهم الأمور الأخرى، حتى تكسب. إن كان لا بد أن تحاور أحداً في أي أمر كان فاجعل العلم سلاحك والثقافة مناطك والحوار الهادئ سبيلك والإقناع والاقتناع شعارك، حتى تكسب. إن كان ولا بد ان تحضري الخادمة لمنزلك، أو السائق، فارعي حرمة جسدك ومنزلك وزوجك وأبنائك وصوتك، حتى تكسبِي. إن كان ولا بد أن ان تنصح، فأحسن النصح واجعله بينك وبين المنصوح وغلفه بالصدق وأجعله خالصاً لوجه الله، لا لوجه الشهرة والظهور، حتى تكسب. إن كان ولا بد ان تزرع العزة في نفس ابنك، لحسبه ونسبه وأصله، فذكره (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (وأنه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى) حتى تكسب، ويكسب. إن كان ولا بد أن تدخل ابنك مدارس تحفيظ القرآن حتى تنال تاج الوقار، فاجعله يدرك ان الحفظ دون فهم وتدبر المعاني لا قيمة له حتى تكسب، ويكسب. إن كان ولا بد من تعليم ابنك السنة وكيفية اتباعها، فابدأ بنزاهة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدقه وأمانته وخلقه وحلمه ورفقه وحبه ، حتى يكسب وتكسب. إن كان ولا بد أن تأخذي زوجك للأسواق فدعي غيرتك في منزلك، وأحسني الظن فيه ولا تلومي النفس والهوى إن رأت ما لم تتعود عليه، والنصيحة دعيها خارج الأسواق، حتى تكسبِي. وللحديث بقية في مقال قادم حين نعرف ماذا حصل لمن لم يتقن ويتعلم معنى، إن كان ولا بد. دمتم بخير.
مشاركة :