حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الداعمة إنشاء دولة كردية في شمال سورية بأنها «سترى من تركيا ما يلزم»، وهدّد في تصريحات أمس بأن صبر بلاده بدأ ينفد إزاء الإجراءات الأميركية الداعمة «وحدات حماية الشعب» في سورية. وانتقد أردوغان في خطاب أمس، السياسة الأميركية تجاه بلاده، قائلاً: «من جهة تقول نحن شركاء استراتيجيون، ومن جهة أخرى تقوم بتجهيز أكثر من 4 آلاف بالسلاح في شمال سورية». وأضاف أن «صبرنا ينفد إزاء جهود البعض الرامية لخلق ممرات للإرهاب» في سورية قرب الحدود الجنوبية لتركيا. وتابع الرئيس التركي «لسنا مضطرين لتحمل كذبهم أكثر من ذلك»، في إشارة إلى عدم تنفيذ واشنطن «وعدها» بوقف دعم المقاتلين الأكراد. وألمح مجدداً إلى أن بلاده قد تكرر عملية «درع الفرات» للتعامل مع مناطق سيطرة «الوحدات» الكردية، مضيفاً: «لدينا القوة والإمكان لتوسيع عملية درع الفرات والخطوات المصاحبة لها على طول الحدود». وأشار إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال السوري، تقع ضمن حدود «الميثاق الوطني» لتركيا، الذي يعطيها حق المشاركة في تقرير مصير مناطق خارج حدودها الجغرافية، كالموصل وحلب وكركوك ومناطق باليونان وبلغاريا. ورأى أردوغان أن «مع مرور كل يوم تبدو الغاية من مسار الأحداث في سورية والعراق أكثر وضوحاً وأقرب للفهم»، مؤكداً أن «تركيا ليست على الإطلاق الدولة التي يمكن أن تفرض عليها سياسات الولايات المتحدة غير المتزنة في منطقتنا، كما أنها ليست مجبرة على دفع ثمن التقصير الأوروبي تجاه تطورات المنطقة». في غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من أن إعطاء واشنطن «الحرية المطلقة» لـ «المنظمات الإرهابية الانفصالية» والاستمرار في تزويدها بالأسلحة، يهدد عملية السلام في سورية. جاء ذلك في مقال لجاويش أوغلو تحت عنوان «هكذا يتحقق السلام في سورية»، نشرته مجلة «نيوزويك» الأميركية على موقعها الإلكتروني أول من أمس. واعتبر في المقال أن الطريقة المثلى لإحلال سلام دائم في سورية تتمثل في عملية سياسية شاملة ترتكز على «تشكيل دستور» يحظى بدعم السوريين، و «إجراء انتخابات نزيهة» تحت إشراف الأمم المتحدة. وشدّد على «شرطين أساسيين» لنجاح مؤتمر «الحوار الوطني السوري» المرتقب في سوتشي نهاية الجاري، وهما: «الصلة القوية والواضحة بعملية جنيف التي تتم بوساطة الأمم المتحدة، فضلاً عن رفض مشاركة أي من المنظمات الإرهابية» بما فيها وحدات حماية الشعب الكردية وجناحها السياسي المتمثل بـ «حزب الاتحاد الديموقراطي». ولفت الوزير التركي إلى أن «على الصعيد السياسي، هناك أمل (في إحلال السلام) في حال ترجم المجتمع الدولي أقواله إلى أفعال»، مضيفًا أن «الحل الدائم في سورية يمكن إيجاده من خلال عملية فعّالة بقيادة سورية، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254». وأضاف: «يمكن الوصول إلى حل سياسي من خلال عملية شاملة حرة ونزيهة بقيادة السوريين، تقود إلى تشكيل دستور يحظى بدعم الشعب السوري، وإجراء انتخابات حرة وعادلة بمشاركة السوريين المؤهلين تحت إشراف الأمم المتحدة». وأوضح أن تركيا لعبت دوراً فعّالاً في المبادرات الدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة، مضيفاً: «عندما توقفت عملية جنيف وتراجع دور المجموعة الدولية لدعم سورية، بدأت تركيا استكشاف سبل جديدة من أجل تحريك العملية السياسية، وكان لا يمكن القيام بذلك من دون تخفيف التصعيد على الأرض في المقام الأول». وأشار أوغلو إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد الذي تم بالوساطة مع روسيا لم يكن إنجازاً سهلاً، ولكنه قدم مساهمات إنسانية عميقة»، وتابع أن «هذا النهج العملي أدّى إلى بدء محادثات آستانة، مضيفاً: «ومن خلال ثماني جولات من المحادثات التي تمت بدعم الضامنين الثلاثة، تركيا وروسيا وإيران، تم تخفيض العنف في سورية». وشدّد وزير الخارجية التركي على ضرورة إنعاش مسار جنيف، معتبراً أن «سوتشي يمكن أن يكون بمثابة عملية مكملة في هذا الصدد». وفي ما خصّ المجموعات الكردية المدعومة من واشنطن، فحذّر الوزير التركي من أن استمرار إمدادات الأسلحة الأميركية إلى هذه المجموعات «لا يهدد أمن تركيا فحسب، بل يشكل تهديداً على مستقبل سورية أيضاً». واعتبر «رؤية سورية الموحّدة سياسياً والمتكاملة إقليمياً ستكون بعيدة المنال إذا أعطيت المنظمات الإرهابية الانفصالية كامل حريتها والأسلحة لتحقيق أهدافها»، مشدداً على ضرورة أن «تتراجع الولايات المتحدة عن خطئها الفادح، وأن لا تسمح لنفسها بأن تُبتز من جانب جماعة إرهابية». معركة عفرين إلى ذلك، كشف القيادي في «فيلق الشام» معاذ أبو عمر عن استكمال الاستعدادات لمعركة ستطلقها تركيا مع فصائل المعارضة لانتزاع مدينة عفرين من سيطرة «الوحدات» الكردية. وقال في تصريح لموقع «بلدي نيوز» المحسوب على المعارضة، إن «المعركة وشيكة وسوف تبدأ في أي لحظة، وكافة الفصائل التي سوف تشارك في هذه المعركة جاهزة وفي حالة استنفار، وهناك تنسيق على أعلى المستويات بيننا وبين الجيش التركي». وأوضح أن 20 ألف مقاتل من الجيش التركي و «الجيش السوري الحر» سيشاركون في المعركة، مشيراً إلى أن الأخيرة ستتم بغطاء جوي تركي ولن تستمر لأكثر من شهرين. ولفت إلى أن المعركة ستركّز على استعادة كافة المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديموقراطية»، والتي تشكّل «الوحدات» الكردية عامودها الرئيسي.
مشاركة :