إيران صراع الأجنحة والأجيال بقلم: هوازن خداج

  • 1/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا تنفع مع الأجيال الجديدة محاولات التذكير بشعارات الثورة الإسلامية ومجتمع بأقل قدر من الأزمات التي استعملت لاستمالة الشباب أيام الشاه، في مجتمع تضاعفت أزماته تحت وطأة حكم الولي الفقيه وسياسات العزلة والتشدد.العرب هوازن خداج [نُشر في 2018/01/12، العدد: 10867، ص(9)] الحركات الاحتجاجية والتصادم مع الحكومة ليسا جديدين على الواقع الإيراني والدوافع المطلبية المتعلقة بتحسين الأوضاع المعيشية هي الأساس، فمن انتفاضة 1952 لتأميم النفط ونيل إيران القليل من نفطها، أو الثورة البيضاء عام 1963 ضد تزاوج السلطة والثروة وتفشي الفساد في مؤسسات الإدارة والاقتصاد إلى يومنا هذا، يتوالى سوء تقدير قوة المعارضة الشعبية لسياسات التجويع، مثلما يتوالى القمع وسقوط القتلى فهو الرد الأكثر تعبيرا عن استبدادية الدولة بغض النظر عن الحكومة الموجودة أو مآلات تلك الاحتجاجات. الامتعاض الشعبي من أداء حكومة الرئيس حسن روحاني وملفات الفساد المتراكمة وانهيار آمال الإيرانيين الذين وُعدوا بحياة أفضل بعد توقيع الاتفاق النووي واستغلال أحلامهم في مؤسسات وهمية كانت سببا أساسيا في اندلاع الحراك، والإشارات إلى أنها احتجاجات مدبرة بأياد خارجية، أو داخلية بالقول إن الاحتجاجات جزء من المناكفات السياسية بين التيارين الرئيسيين في إيران المحافظ والإصلاحي، لن تغير من واقع الاحتجاج ووصوله لكل مكوّنات الإيراني وتغطيته مساحة جغرافية كبيرة من إيران، ولن تلغِي الرفض لتزاوج السلطة والثروة وتشابك مصالح رجال المال والسياسيين في هرم الدولة، وكبت الحريات العامة واتباع أساليب عنيفة في تصفية المعارضة عبر جهاز الأمن الإيراني الذي يثير الهلع والذعر في أوساط المجتمع. حالة الاحتقان الشعبي التي وصل إليها الإيرانيون لها أسبابها الكثيرة النابعة من رفض الخضوع لدولة جرى تحويلها إلى مشروع عقائدي يسعى لتصدير نموذجه عبر دعم ميليشيات وهويات فرعية داخل محيطه وخارجه، مع زيادة الاستنزاف لأرزاقهم فيما سمي “الاقتصاد المقاوم” والذي يعني شد الأحزمة والصبر على الوضع الاقتصادي المتردي خدمة لتدخلات إيران الإقليمية ومشاريعها في بناء النفوذ والسيطرة تحت ذريعة حماية إيران وتأمين مصالحها، وما هي إلا هروب من مواجهة الأزمات الداخلية والصراعات القائمة على السلطة، والتي لم تعد مقبولة من الرأي العام الإيراني وهو ما كان واضحا في شعار المحتجين “لا غزة ولا لبنان.. حياتي فداء لإيران”، والذي تبعه كسر المحرمات والمساس بهيبة الولي الفقيه وإحراق صوره. فالجيل الجديد من المولودين بعد وفاة الخميني بات نظامهم الغيبي وسياساته التمهيدية لظهور المهدي، غريبا على تطلعاتهم المعولمة. التحديات التي يواجهها النظام في طهران تكمن في أنه يرفض التعامل بواقعية مع المتغيّرات البنيوية في منظومة التفكير لدى شرائح عديدة من المجتمع الإيراني كنتيجة طبيعية لاجتماع عدة عوامل سياسية واقتصادية وثقافية ودينية واجتماعية، أدت إلى تغير الأجيال التي إضافة للمظالم الاقتصادية تشكو غياب الحرية السياسية والاجتماعية، وتعاني الكثير من القيود على الحريات، بحيث لا تنفع مع تلك الأجيال محاولات التذكير بشعارات الثورة الإسلامية و“مجتمع بأقل قدر من الأزمات” التي استعملت لاستمالة الشباب أيام الشاه، في مجتمع تضاعفت أزماته تحت وطأة حكم الولي الفقيه وسياسات العزلة والتشدّد غير القابلة للتغيير ونمت فيه كراهية نظام “إسلامي” صارم وُلدوا فيه ولم يشهدوا سواه. الانتفاضة الإيرانية سواء تسنّى لها النجاح أو قُمعت أو خَبَت هي دليل على تغيّر منظومة التفكير ونشوء قناعات مخالفة لما تؤمن به القوى السياسية إصلاحية أو محافظة وهي إشارة تحذير إلى نظام استبدادي ديني لم يطالع تحوّلات المجتمع، ولم يقتنع أن الشعوب لا يمكن قولبتها وعزلها عن متغيّرات العالم. كاتبة سوريةهوازن خداج

مشاركة :