لا يمكن لنظام ولاية الفقيه أن يتجاهل الانتفاضة الشعبية، التي تحدث في إيران، وليس باستطاعته التقليل من أهميتها، ولعله على يقين من أن «ثورة الجياع» ستبدل المعادلة القائمة في إيران والدليل على ذلك موجة الاعتقالات، التي تعدّ أولى الخطوات العملية لإسكات صوت الحق في إيران، فالنظام الإيراني الذي نكّل وقتل آلاف العرب في سوريا والعراق واليمن لن يتوانى عن اعتماد التكتيك ذاته مع شعبه، إلا أن مخاوف الملالي ستثبتها الأيام وها هي كرة الانتفاضة تتسع وتكبر يوماً بعد يوم. ويشدد الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب في تصريح لـ«اليوم» على ان «الانتفاضة الايرانية القائمة الآن تختلف جذرياً عن الانتفاضة التي حصلت في 2009، فالسابقة كانت خلفيتها سياسية على اثر الانتخابات، التي تم تزويرها من قبل المحافظين وأوصلوا أحمدي نجاد إلى سدّة الرئاسة بالتزوير، لقد كان لها أسباب سياسية بالاضافة الى انه كان لها قادة سياسيون أمثال المير حسين الموسوي المسجون الآن وغيره، التحركات اليوم هي تحركات شعبية تشبه ثورة الجياع»، لافتاً الى ان «الشعب الإيراني يعتبر نفسه اليوم أنه مواطن من دولة يفترض أن تكون دولة غنية لأنها تملك ثالث احتياط نفط وغاز في العالم، لا بل تحوّل الى أفقر شعب بالعالم، حيث إن 40% من الشعب الإيراني يعيش تحت خط الفقر، منه 30% عاطلون عن العمل، بينما 40% منه يحاول الهرب إلى الخارج، الا انه لا يتمكن من الحصول على تأشيرة سفر، لأنه محاصر ودولته تجوعه في الداخل، بالاضافة لحصار الدول الإقليمية والعالم، فهو ينتمي الى دولة تتهم بأنها ترعي الإرهاب في العالم». وقال المحلل السياسي يوسف دياب: «لقد انطلقت التحركات من قاعدة شعبية تبحث عن لقمة عيش وحياة كريمة، تريد تغيير الواقع القائم وهذه التحركات أسقطت محرّمات كبيرة جداً، إذا عادت بنا الذاكرة الى مقولة إن «الولي الفقيه هو من المقدسات في إيران»، لكننا نجد اليوم أن صوره تحرق وتداس تحت نعال الشعب الإيراني ويوصف بالديكتاتور، فهنالك مؤسسات سقطت اليوم بأيدي المتظاهرين وهذا أمر غير مسبوق». وأضاف دياب: هذه الانتفاضة ستكون مثل بقعة الزيت، التي ستتسع شيئاً فشيئاً كلما زاد هذا الحراك، كونها ثورة شعب يطالب بحياة كريمة وهو انقلب اليوم بشكل كبير على الظلم، والشعب الإيراني يعتبر أن دمه قد أريق في بلاده من جانب القوى، التي يفترض أن تشكل حماية له، وبالاضافة لذلك فهو يقتل بدم بارد لأنه يعترض على سياسات جلبت له الويلات والدمار في الداخل، بينما دولته تموّل التنظيمات الإرهابية في العالم وتمدها بمليارات الدولارات، لذلك أعتقد أن هذه الانتفاضة ستكبر، حتى لوهمدت لبعض الوقت، لكنها ستعيد تنظيم صفوفها وتتحرك من جديد. ويرى دياب أن «محاولة إظهار التعاطف الأمريكي مع الشعب الإيراني يضرّ ويسيء الى الانتفاضة الايرانية، لانه يعطي مبرراً للديكتاتورية في إيران لتقمع هذه الانتفاضة بذريعة أن الذين يتحركون أو يعترضون على سياسة النظام هم عملاء واتباع للخارج».ويلفت المحلل السياسي دياب الى ان «الولايات المتحدة الامريكية هي أكثر دولة رأت كيف انتقل الحرس الثوري من إيران لكي يقتل الشعب السوري ويدعمه بكل الميليشيات الطائفية ـ المذهبية ـ البغيضة من أجل إبادة الشعب السوري ولم يحرّك أي ساكن، لا بل على العكس نجد أن السياسة الامريكية أعطت الحرس الثوري الايراني حافزاً للمضي بسياسة القتل في المنطقة سواء في سوريا، أو العراق أو في اليمن ولبنان، لذلك يفترض أن يترك الشعب الايراني يسيّر ثورته ولا يسيء له لا الأمريكي ولا الأوروبي».
مشاركة :